فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( لو كنت متخذًا خليلاً) ( قاله أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الباب السابق.


[ قــ :3489 ... غــ : 3656 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي».

وبه قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي مولاهم قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد بن عجلان البصري قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن عكرمة) مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) .

( لو كنت متخذًا من أمتي خليلاً) أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات ( لاتخذت أبا بكر) وإنما الذي ألجأ إليه وأعتمد في جملة الأمور عليه هو الله تعالى، وسقط قوله: من أمتي لأبي ذر ( ولكن) بتخفيف النون أبو بكر ( أخي) في الإسلام ( وصاحبي) في الغار والدار، وهو استدراك على مضمون الجملة الشرطية كأنه قال: ليس بيني وبينه خلة ولكن أخوّة في الإسلام فنفى الخلة المنبئة عن الحاجة وأثبت الإخاء المقتضي للمساواة قاله البيضاوي.




[ قــ :3490 ... غــ : 3657 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أسدٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبوذكيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ».

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ ... مِثْلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) العمي البصري وسقط ابن أسد لغير أبي ذر ( وموسى) من غير نسبة ولأبي ذر موسى بن إسماعيل التنوخي كذا في الفرع وأصله عن أبي ذر التنوخي بالخاء المعجمة.
قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف والصواب التبوذكي ( قالا: حدّثنا وهيب) هو ابن خالد ( عن أيوب) هو السختياني أي عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وقال) :
( لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذته) يعني أبا بكر ( خليلاً ولكن أخوّة الإسلام أفضل) فزاد لفظ أفضل، وكذا عند الطبراني من طريق عبد الله بن تمام عن خالد الحذاء ولفظه: "ولكن أخوة الإيمان والإسلام أفضل" قاله في الفتح.

واستشكل بأن الخلة أفضل من أخوّة الإسلام فإنها تستلزم ذلك وزيادة.
وأجيب: بأن المراد أن مودة الإسلام مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل من مودته مع غيره.
قال: ولا يعكر على هذا اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة فإن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك وأخوّة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب، ولأبي بكر من ذلك أكثره وأعظمه.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي ( عن أيوب) السختياني ( مئله) أي مثل الحديث السابق.




[ قــ :3491 ... غــ : 3658 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ، أَنْزَلَهُ أَبًا، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( حماد بن زيد) بن درهم الجهضمي ( عن أيوب) السختياني ( عن عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم مصغرًا أنه ( قال: كتب أهل الكوفة) أي بعضهم وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير
جعله على قضاء الكوفة كما أخرجه أحمد ( إلى ابن الزبير) عبد الله ( في) مسألة ( الجد) وميراثه ( فقال) : ابن الزبير مجيبًا لابن عتبة ( أما الذي قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيه.

( لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلاً لاتخذته) فإنه ( أنزله أبًا) أي أنزل الجد منزلة الأب في استحقاقه الميراث، وفيه أنه أفتاهم بمثل قول أبي بكر.
وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في باب ميراث الجد مع الأخوة من كتاب الفرائض ( يعني) ابن الزبير بالذي أنزل الجد أبًا ( أبا بكر) الصديق، والغرض منه هنا قوله: لو كنت متخذًا خليلاً، وقد أشعر هذا بأن درجة الخلة أرفع من درجة المحبة، وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة، ولا يعكر عليه اتصاف إبراهيم بالخلة ومحمد بالمحبة فتكون المحبة أرفع من رتبة الخلة إذ محمد عليه الصلاة والسلام قد ثبتت له الخلة أيضًا كما في حديث ابن مسعود عند مسلم: وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً.

وأما ما ذكره القاضي عياض في الشفاء من الاستدلال لتفضيل مقام المحبة على الخلة بأن الخليل قال: لا تخزين والحبيب قيل له: يوم لا يخزي الله النبي إلى غير ذلك مما ذكره ففيه نظر، لأن مقتضى الفرق بين الشيئين أن يكونا في حدّ ذاتهما يعني باعتبار مدلول خليل وحبيب فما ذكره يقتضي تفضيل ذات محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذات إبراهيم عليه الصلاة والسلام من غير نظر إلى ما جعله علة معنوية في ذلك من وصف المحبة والخلة، فالحق أن الخلة أعلى وأكمل وأفضل من المحبة، ثمّ إن قوله عليه الصلاة والسلام: "لو كنت متخذًا خليلاً غير ربي" يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم.

وأما ما أخرجه أبو الحسن الحرب في فوائده من حديث أبيّ بن كعب قال: إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس دخلت عليه وهو يقول: "إنه لم يكن نبي إلاّ وقد اتخذ من أمته خليلاً وإن خليلي أبو بكر فإن الله عز وجل اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً".
فهو معارض بحديث جندب عند مسلم أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول قبل موته بخمس: "إني أبرأ إلى الله عز وجل أن يكون لي منكم خليل".
والذي في الصحيح لا يقاومه غيره، وعلى تقدير ثبوت حديث أبيّ -رضي الله عنه- فيمكن الجمع بينهما بأنه إنما برئ من ذلك تواضعًا لربه وإعظامًا له ثم أذن الله له فيه في ذلك اليوم لما رأى من تشوّقه إليه وإكرامًا لأن بكر -رضي الله عنه- بذلك وحينئذ فلا تنافي بين الخبرين.
قاله في الفتح.

وهذا الحديث من أفراده، وفي بعض النسخ هنا وهو ثابت في اليونينية مرقوم عليه علامة السقوط لأبي ذر.

هذا ( باب) بالتنوين بغير ترجمة فهو كالفصل من سابقه.




[ قــ :349 ... غــ : 3659 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ:
أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ -كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ- قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ».
[الحديث 3659 - طرفاه في: 70، 7360] .

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي ( ومحمد بن عبد الله) بفتح العين غير مصغر في الفرع ابن حوشب الطائفي وقال العيني: ابن عبيد الله أي بضم العين مصغرًا وكذا هو في اليونينية والناصرية وفرع آقبغًا وهو عبيد الله بن محمد بن زيد القرشي الأموي يعني مولى عثمان بن عفان وهو سهو ( قالا: حدّثنا إبراهيم بن سعد) ثبت ابن سعد لأبي ذر ( عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) جبير أنه ( قال: أتت امرأة) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها ( النبي) ولأبي ذر: إلى النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في باب الاستخلاف من كتاب الأحكام فكلمته في شيء ولم يسم ذلك الشيء ( فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت) أي يخبرني وفي الاعتصام فكلمته في شيء فأمرها بأمر فقالت: أرأيت يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إن جئت ولم أجدك) قال: جبير بن مطعم أو من بعده ( كأنها تقول الموت) أي إن جئت فوجدتك قد مت ماذا أفعل؟ ( قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ولغير أبي ذر كما في اليونينية قال عليه الصلاة والسلام:
( إن لم تجديني فأتي أبا بكر) قال ابن بطال: استدلّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بظاهر قولها إن لم أجدك أنها أرادت الموت فأمرها بإتيان أبي بكر.
قال: وكأنه اقترن بسؤالها حاله أفهمت ذلك وإن لم تنطق به.

قال في الفتح: وإلى ذلك وقعت الإشارة بقوله: كأنها تقول الموت، وفي الأحكام كأنها تريد الموت، وفي الاعتصام كأنها تعني الموت، لكن قولها: فإن لم أجدك أعم في النفي من حال الحياة وحال الموت، ودلالته لها على أبي بكر مطابقة لذلك العموم، وفيه الإشارة إلى أن أبا بكر هو الخليفة بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا يعارض هذا جزم عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يستخلف لأن مراده نفي النص على ذلك صريحًا.

وفي الطبراني حديث قلنا يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك؟ قال: "إلى أبي بكر الصديق" وهذا لو ثبت كان أصرح من حديث الباب في الإشارة إلى أن الخليفة بعده أبو بكر لكن إسناده ضعيف.




[ قــ :3493 ... غــ : 3660 ]
- حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ".
[الحديث 3660 - طرفه في: 3857] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أحمد بن أبي الطيب) سليمان المروزي البغدادي الأصل وصفه أبو زرعة بالحفظ وضعفه أبو حاتم، لكن ليس له في البخاري إلا هذا الحديث، وقد أخرجه من رواية غيره في إسلام أبي بكر قال: ( حدّثنا إسماعيل بن مجالد) بضم الميم وفتح الجيم الهمداني
الكوفي قوّاه يحيى بن معين وجماعة ولينه بعضهم وليس له في البخاري غير هذا الحديث قال:
( حدّثنا بيان بن بشر) بالموحدة والتحتية المفتوحتين وبعد الألف نون وبشر بكسر الموحدة وسكون المعجمة الأحمسي بالمهملتين ( عن وبرة بن عبد الرحمن) بفتح الواو والموحدة والراء بوزن شجرة الحرثي ( عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن الحرث النخعي الكوفي أنه ( قال: سمعت عمارًا) هو ابن ياسر -رضي الله عنه- ( يقول: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما معه) ممن أسلم معه ( إلا خمسة أعبُد) بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف وعبيد بن زيد الحبشي، وذكر بعضهم عمار بن ياسر بدل أبي فكيهة ( وامرأتان) خديجة أم المؤمنين وأم أيمن أو سمية ( وأبو بكر) الصديق وكان أول من أسلم من الأحرار البالغين -رضي الله عنه-.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في إسلام أبي بكر وفيه ثلاثة من التابعين.




[ قــ :3494 ... غــ : 3661 ]
- حَدَّثَنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ، فَسَلَّمَ.

     وَقَالَ : يَا رَسُولَ الله، إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَىْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ.
فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ( ثَلاَثًا) .
ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ: أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ.
فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ ( مَرَّتَيْنِ) .
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ،.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ ( مَرَّتَيْنِ) .
فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا».
[الحديث 3661 - طرفه في: 4640] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( هشام بن عمار) أبو الوليد السلمي الدمشقي قال: ( حدّثنا صدقة بن خالد) الأموي مولاهم أبو العباس الدمشقي قال: ( حدّثنا زيد بن واقد) بكسر القاف الدمشقي الثقة وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ( عن بسر بن عبيد الله) بضم الموحدة وسكون السين وعبيد الله بضم العين مصغرًا الحضرمي الشامي ( عن عايذ الله) بالذال المعجمة ( أبى إدريس) بن عبد الله الخولاني بالخاء المعجمة المفتوحة ( عن أبي الدرداء) عويمر بضم العين مصغرًا آخره راء ابن زيد بن قيس الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت جالسًا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أقبل أبو بكر) حال كونه ( آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى) بألف بعد الدال من غير همز أي أظهر ( عن ركبته) بالإفراد وفيه أن الركبة ليست عورة ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما رآه:
( أما) بالتشديد ( صاحبكم) يعني أبا بكر، ولأبي ذر عن الكشميهني: صاحبك بالإفراد يخاطب أبا الدرداء ( فقد غامر) بغين معجمة مفتوحة وبعد الألف ميم مفتوحة أيضًا فراء أي خاصم
ولابس الخصومة وقسيم أما صاحبكم محذوف تقديره نحو قوله: وأما غيره فلا أعلمه ( فسلم) -رضي الله عنه- على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وقال: يا رسول الله انه كان بيني وبين ابن الخطاب) عمر -رضي الله عنه- ( شيء) في التفسير محاورة بالحاء المهملة أي مراجعة، وعند أبي يعلى من حديث أبي أمامة معاتبة ( فأسرعت إليه ثم ندمت) على ذلك ( فسألته أن يغفر لي) ما وقع مني ( فأبى عليّ) .
وعند أبي نعيم في الحلية من طريق محمد بن المبارك فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره ( فأقبلت إليك فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثًا) أي أعاد هذه الكلمات يغفر الله لك ثلاث مرات.

( ثم إن عمر) -رضي الله عنه- ( ندم) على ذلك ( فأتى منزل أبي بكر) ليزيل ما وقع بينه وبين الصديق ( فسأل) أهله ( أثمّ أبو بكر) بفتح الهمزة والمثلثة أي هنا أبو بكر ( فقالوا) : مجيبين له ( لا، فأتى إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلّم عليه فجعل وجه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتمعر) بالعين المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب، ولأبي ذر: يتمغر بالغين المعجمة ( حتى أشفق) أي خاف ( أبو بكر) أن ينال عمر من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما يكرهه ( فجثا) بالجيم والمثلثة أي برك أبو بكر ( على ركبتيه) بالتثنية ( فقال: يا رسول الله والله أنا كنت أظلم) منه في ذلك ( مرتين) .
قال الكرماني: ظرف لقال أو لكنت وإنما قال ذلك لأنه الذي بدأ.

( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن الله بعثني إليكم، فقلتم كذبت وقال أبو بكر: صدق) بغير تاء في الفرع كأصله وفي نسخة صدقت ( وواساني) ولأبي ذر عن الكشميهني واساني، وفي نسخة آساني بهمزة بدل الواو والأول أوجه لأنه من المواساة ( بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي) بإضافة تاركو إلى صاحبي، وفصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة، وفي ذلك جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيمًا للصديق، ونظيره قراءة ابن عامر: { وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم} [الأنعام: 137] .
بنصب أولادهم وخفض شركائهم وفصل بين المضافين بالمفعول.

ومباحث ذلك ذكرتها في كتاب القراءات الأربع عشرة، وفي التفسير هل أنتم تاركون؟ بالنون.
قال أبو البقاء: وهي الوجه لأن الكلمة ليست مضافة لأن حرف الجر منع الإضافة وربما يجوز حذف النون في موضع الإضافة ولا إضافة هنا.
قال والأشبه أن حذفها من غلط الرواة انتهى.

ولا ينبغي نسبة الرواة إلى الخطأ مع ما ذكر وورود أمثلة لذلك ( مرتين) أي قال: هل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين.
( فما أوذي) أبو بكر ( بعدها) أي بعد هذه القصة لما أظهره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تعظيمه.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير وهو من أفراده.




[ قــ :3495 ... غــ : 366 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: «حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ.
فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أَبُوهَا.
قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالاً».
[الحديث 366 - طرفه في: 4358] .

وبه قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) العمي قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن المختار) الأنصاري الدباغ ( قال خالد الحذاء) بالحاء المهملة والذال المعجمة ممدودًا ( حدّثنا) هو من تقديم الاسم على الصفة ( عن أبي عثمان) النهدي أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه على جيش ذات السلاسل) بفتح السين المهملة الأولى وكسر الثانية سنة سبع قال عمرو: ( فأتيته فقلت) وقع عند ابن سعد أنه وقع في نفس عمرو لما أمره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الجيش في هذه الغزوة، وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله فقال: يا رسول الله ( أي الناس أحب إليك؟ قال) : عليه الصلاة والسلام:
( عائشة) .
قال عمرو: ( فقلت من الرجال؟ فقال) : عليه الصلاة والسلام ( أبوها) أبو بكر ( فقلت: ثم من؟) أحب إليك بعده ( قال) : عليه الصلاة والسلام ( ثم عمر بن الخطاب فعدّ رجالاً) زاد في المغازي من وجه آخر فسكتّ مخافة أن يجعلني في آخرهم.

وفي حديث عبد الله بن شقيق عند الترمذي وصححه من حديث عائشة قلت لعائشة: أيّ أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان أحبّ إليه؟ قالت: أبو بكر، وفي آخره قالت: أبو عبيدة عامر بن الجراح.
قال في الفتح: فيمكن أن يفسر بعض الرجال الذين أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في المغازي، ومسلم في الفضائل، والترمذي والنسائي في المناقب.




[ قــ :3496 ... غــ : 3663 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوف أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ وَبَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ.
فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
-رضي الله عنهما-».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( أبو سلمة بن عبد الرحمن بن
عوف)
ثبت اسم الجد لأبي ذر ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( بينما) بالميم ( راع) لم يسم ( في غنمه عدا عليه الذئب) بالعين والدال المهملتين خبر المبتدأ الذي هو راع الموصوف بقوله في غنمه ( فأخذ منها شاة فطلبه الراعي) ليأخذها منه ( فالتفت إليه الذئب فقال) : له ( من لها) أي للغنم ( يوم السبع) بضم الموحدة وقيل بسكونها ( يوم ليس لها) عند الفتن حين يتركها الناس هملاً ( راع) يرعاها ( غيري) وقيل غير ذلك مما سبق في حديث بني إسرائيل ( وبينا) بغير ميم ولأبي ذر: وبينما بالميم ( رجل) لم يسم ( يسوق بقرة قد حمل عليها) بتخفيف الميم وفي بني إسرائيل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها ( فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا) التحميل ( ولكني) سقطت الواو لأبوي ذر والوقت ( خلقت للحرث) وفي بني إسرائيل فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث والحصر في ذلك غير مراد اتفاقًا ( قال) : ولأبي ذر: فقال ( الناس) : متعجبين ( سبحان الله) زاد في بني إسرائيل بقرة تتكلم ( فقال) : كذا في الفرع وفي اليونينية قال ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فإني أؤمن بذلك) النطق الصادر من البقرة والفاء فيه جوابًا لشرط محذوف تقديره فإذا كان الناس يتعجبون منه ويستغربونه فإني لا أتعجب منه ولا أستغربه وأؤمن به أنا ( وأبو بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-) وسقط ابن الخطاب لأبي ذر، وزاد في بني إسرائيل وما هما ثم وعند ابن حبان من طريق محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة في آخره في القصتين فقال الناس: آمنا بما آمن به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وسبق حديث الباب في المزارعة وبني إسرائيل.




[ قــ :3497 ... غــ : 3664 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ.
ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ».
[الحديث 3664 - أطرافه في: 701، 70، 7475] .

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة العابد قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( ابن المسيب) سعيد أنه ( سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- قال) : ولأبي ذر: يقول ( سمعت رسول الله) كذا في الفرع وفي اليونينية النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم رأيتني على قليب) بئر مقلوب ترابها قبل الطي ( عليها دلو فنزعت منها) من البئر ( ما شاء الله ثم أخذها) أي الدلو ( ابن أبي قحافة) أبو بكر الصديق -رضي الله عنهما- ( فنزع منها) أي أخرج الماء من القليب ( ذنوبًا أو ذنوبين) بفتح المعجمة فيهما الدلو الممتلئ والشك
من الراوي ( وفي نزعه ضعف والله يغفر له ضعفه) وليس فيه حط من مرتبته، وإنما هو إخبار عن حاله في قصر مدة خلافته والاضطراب الذي وجد في زمانه من أهل الردة فزارة وغطفان وبني سلمة وبني يربوع وبعض بني تميم وكندة وبكر بن وائل وأتباع مسيلمة الكذاب وإنكار بعض الزكاة فدعا له عليه الصلاة والسلام بالمغفرة ليتحقق السامعون أن الضعف الذي وجد في نزعه من مقتض تغيير الزمان وقلة الأعوان لا أن ذلك منه -رضي الله عنه- لكن نسبه إليه إطلاقًا لاسم المحل على الحال وهو مجاز شائع في كلام العرب ( ثم استحالت) أي تحولت الدلو ( غربًا) بفتح الغين المعجمة وبعد الراء الساكنة موحدة دلوا عظيمة ( فأخدها ابن الخطاب) عمر -رضي الله عنه- ( فلم أر عبقريًا) أي سيدًا عظيمًا قويًا يقال هذا عبقري القوم كما يقال سيدهم وكبيرهم وقويهم، وقيل الأصل أن عبقر قرية يسكنها الجن فيما يزعمون فكلما رأوا شيئًا فائقًا غريبًا مما يصعب عمله ويدق أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليها ثم اتسع فيه فسمي به السيد الكبير والقوي وهو المراد هنا ( من الناس ينزع نزع عمر) وفي رواية أبي يونس فلم أر نزع رجل قط أقوى منه ( حتى ضرب الناس بعطن) بفتح المهملتين آخره نون ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل، وعند ابن أبي شيبة في مناقب عمر: حتى روي الناس وضربوا بعطن، وفي رواية همام فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر وفيه إشارة إلى طول مدة خلافة عمر وكثرة انتفاع الناس بها.

وهذا الحديث قد سبق ويأتي إن شاء الله تعالى في كتاب التعبير.




[ قــ :3498 ... غــ : 3665 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاَءَ» قَالَ مُوسَى: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ»؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلاَّ «ثَوْبَهُ».
[الحديث 3665 - أطرافه في: 5783، 5791، 606] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي المجاور بمكة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا موسى بن عقبة) الإمام في المغازي ( عن سالم بن عبد الله عن) أبيه ( عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من جرّ ثوبه خيلاء) أي لأجل الخيلاء أي كبرًا ( لم ينظر الله إليه) نظر رحمة ( يوم القيامة.
فقال أبو بكر: إن أحد شقي)
بكسر المعجمة أي جانبي ( ثوبي يسترخي) بالخاء المعجمة وكان سبب استرخائه نحافة جسم أبي بكر -رضي الله عنه- ( إلا أن أتعاهد ذلك منه) أي إذا غفلت عنه استرخى ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنك لست تصنع ذلك خيلاء) فيه أنه لا حرج على من انجرّ إزاره بغير قصد مطلقًا وهل كراهة ذلك للتحريم أو للتنزيه فيه خلاف.

( قال موسى) بن عقبة بالسند السابق ( فقلت لسالم) هو ابن عبد الله بن عمر ( أذكر) فعل ماض والهمزة للاستفهام ( عبد الله) أي أبوه ( من جرّ إزاره؟ قال) : سالم ( لم أسمعه ذكر إلاّ ثوبه) .

ومباحث هذا تأتي إن شاء الله تعالى في اللباس بعون الله وقوته.