فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه


[ قــ :3519 ... غــ : 3689 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ ناسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ» زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ».

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "مِن نبيٍّ وَلاَ مُحَدِّثٍ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة الحجازي المدني قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدّثون) بتشديد الدال المهملة المفتوحة أي ملهمون أو يلقى في روعهم الشيء قبل الإعلام به فيكون كالذي حدثه غيره به أو يجري الصواب على لسانهم من غير قصد، ولأبي ذر: ناس محدّثون ( فإن يكن في أمتي أحد) منهم ( فإنه عمر) بن الخطاب ( زاد زكريا بن أبي سلمة عن أبي هريرة) أنه ( قال: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( لقد كان فيمن كان قبلكم) ولأبي ذر: لقد كان قبلكم ( من بني إسرائيل رجال يكلمون) بفتح اللام المشددة تكلمهم الملائكة ( من غير أن يكونوا أنبياء) أو المعنى يكلمون في أنفسهم وإن لم يروا متكلفًا في الحقيقة وحينئذٍ فيرجع إلى الإلهام ( فإن يكن من) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي في ( أمتي منهم أحد فعمر) وثبت لأبي ذر عن الكشميهني لفظ منهم وليس قوله فإن يكن للترديد بل للتأكيد كقولك: إن يكن لي صديق ففلان إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، وإذا
ثبت أن هذا وجد في غير هذه الأمة المفضولة فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى.

( قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: من نبي ولا محدث) بفتح الدال المشدّدة، وقد ثبت قول ابن عباس هذا لأبي ذر وسقط لغيره، ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ كان ابن عباس يقرأ: { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث} [الحج: 52] .




[ قــ :350 ... غــ : 3690 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالاَ: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.
وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثنا عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سعيد بن المسيب) المخزومي القرشي أحد العلماء الإثبات ( وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف أنهما ( قالا: سمعنا أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( بينما) بالميم ( راع) لم يسم ( في غنمه عدا الذئب) بالعين المهملة في عدا ( فأخد منها شاة فطلبها) أي الراعي ( حتى استنقذها) منه ( فالتفت إليه الذئب فقال له من لها) أي للغنم ( يوم السبع) بضم الموحدة أو بسكونها الحيوان المعروف ( ليس لها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لهذا بدل لها، وفي الرواية السابقة في فضل أبي بكر وغيرها يوم ليس لها ( راع) يرعاها ( غيري) أي عند الفتن حين يتركها الناس هملا ( فقال الناس) متعجبين من نطقه ( سبحان الله فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فإني أومن به) بالنطق الصادر من الذئب والفاء جواب شرط محذوف أي فإذا كان الناس يستغربونه ويتعجبون منه فإني لا أستغربه وأومن به ( و) كذا ( أبو بكر وعمر وما ثم) بفتح المثلثة ( أبو بكر وعمر) ولم يذكر هنا قصة البقرة المذكورة في رواية بني إسرائيل كفضل أبي بكر.




[ قــ :351 ... غــ : 3691 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ.
قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدِّينَ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري واسم أبيه عبد الله قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو أمامة) أسعد ( بن سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغرًا ( عن
أبي سعيد)
سعد بن مالك ( الخدري) بالدال المهملة ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم رأيت الناس) من الرؤيا الحلمية على الأظهر أو البصرية حال كونهم ( عرضوا علي وعليهم قمص) بضم القاف والميم جمع قميص والواو للحال ( فمنها) أي القمص ( ما) أي الذي ( يبلغ الثدي) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية جمع ثدي ولغير أبي ذر الثدي بفتح فسكون على الإفراد ( ومنها ما يبلغ دون ذلك) فلم يصل إلى الثدي ( وعرض علي عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( وعليه قميص اجتره) بهمزة وصل وسكون الجيم أي لطوله ( قالوا) أي من حضر من الصحابة أو الصديق كما يأتي إن شاء الله تعالى في التعبير ( فما أوّلته) أي عبرته ( يا رسول الله؟ قال) : أوّلته ( الدين) لأن الدين يشمل الإنسان ويحفظه ويقيه المخالفات كوقاية الثوب وشموله ولا يلزم منه أفضلية عمر على أبي بكر، فلعل الذين عرضوا لم يكن فيهم أبو بكر، وكون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر أطول منه.

وهذا الحديث سبق في الإيمان في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.




[ قــ :35 ... غــ : 369 ]
- حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: "لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ.
قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ،.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ،.
وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهْوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ.
وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ".

قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ" بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية الخاركي بالخاء المعجمة والراء المكسورة البصري قال: ( حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) هو ابن علية قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن ابن أبي مليكة) عبد الله ( عن المسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة في الأوّل وبفتح الميم وسكون الخاء المعجمة في الثاني أنه ( قال: لما طعن عمر) -رضي الله عنه-، وكان الذي طعنه أبا لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة في خاصرته وهو في صلاة الصبح يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ( جعل يألم) بتحتية بعدها همزة ساكنة ( فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه) بضم التحتية وفتح الجيم وتشديد الزاي المكسورة أي يزيل جزعه ( يا
أمير المؤمنين ولئن كان ذاك)
بغير لام ولأبي ذر عن الكشميهني كما في الفرع وأصله ولا كل ذلك بلا النافية وإسقاط كان وزيادة كل وذلك باللام وللكشميهني ذاك بإسقاط اللام أي لا تبالغ فيما أنت فيه من الجزع، ونسب هذه الكرماني إلى بعض روايات غير البخاري، وتبعه البرماوي فلم يقفا عليها معزوّة للكشميهني ولبعضهم كما في الفتح كالكواكب ولما كان ذلك، وكأنه دعا أن لا يكون الموت بتلك الطعنة أو لا يكون ما تخافه.
( لقد صحبت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ثم فارقت بحذف الضمير ( وهو) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر فارقت ( وهو) -رضي الله عنه- ( عنك راض، ثم صحبت صحبتهم) بفتح الصاد والحاء والموحدة جمع صاحب ومراده أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر.

قال في الفتح: وفيه نظر لأنه أتى بصيغة الجمع موضع التثنية، واعترضه العيني فقال: لا يتوجه النظر فيه أصلاً بل الموضع موضع جمع لأن المراد أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر.
وأجاب في الانتقاض بأنه مسلم أن أصحاب صيغة جمع لكن لم يضف إلى هذا الجمع إلا اثنان وهو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر فالنظر موجه انتهى.

وقال عياض: أو تكون صحبت زائدة، وللمروزي والجرجاني كما في هامش الفرع واليونينية ثم صحبتهم أي المسلمين وهي التي بدأ بها في الفتح وعزا الرواية الأولى لرواية بعضهم ورجح هذه الأخيرة عياض ( فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم) بالنون المشدّدة ( وهم عنك راضون.
قال)
: عمر لابن عباس ولأبي ذر فقال: ( أما ما ذكرت من صحبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لي ( ورضاه) عني ( فإنما ذاك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فإن ذلك بإسقاط ما وزيادة لام قبل الكاف ( من) بفتح الميم وتشديد النون عطاء ( من الله تعالى) .
وفي نسخة جل ذكره وسقط هذا ولفظ تعالى لأبي ذر ( منّ به علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله جل ذكره منّ به علي) وسقط لفظ جل ذكره لأبي ذر ( وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل) ولأبي الوقت ومن أجل ( أصحابك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أصيحابك بضم الهمزة مصغرًا خاف الفتنة عليهم بعده ( والله لو أن لي طلاع الأرض) بكسر الطاء وتخفيف اللام أي ملأها ( ذهبًا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه) أي العذاب والهمزة مفتوحة.

وعند أبي حاتم من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه دخل على عمر حين طعن فقال: أبشر يا أمير المؤمنين أسلمت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين كفر الناس، وقاتلت معه حين خذله الناس ولم يختلف في خلافتك رجلان، وقتلت شهيدًا.
فقال: أعد فأعاد.
فقال: المغرور من غررتموه لو أن لي ما على ظهرها من بيضاء وصفراء لافتديت به من هول المطلع، وإنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له حينئذٍ من التقصير فيما يجب عليه من حقوق الرعية ومن الفتنة بمدحهم.

( قال حماد بن زيد) : مما وصله الإسماعيلي ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن ابن أبي مليكة) عبد الله ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال: ( دخلت على عمر بهدا) الحديث السابق ولم
يذكر المسور بن مخرمة فيحتمل كما قال في الفتح أن يكون محفوظًا عن الاثنين، ويأتي مزيد لفوائد هذا الحديث إن شاء الله تعالى في آخر مناقب عثمان.




[ قــ :353 ... غــ : 3693 ]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَحَمِدَ اللَّهَ.
ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَمِدَ اللَّهَ.
ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَالَ لِي: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ».

وبه قال: ( حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عثمان بن غياث) بكسر الغين المعجمة وتخفيف التحتية وبعد الألف مثلثة الباهلي فيما قيل البصري قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( أبو عثمان) عبد الرحمن ( النهدي) بفتح النون ( عن أبي موسى) الأشعري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حائط) بستان ( من حيطان المدينة) من بساتينها ( فجاء رجل فاستفتح فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بعد أن استأذنته.

( افتح له وبشره بالجنة) ( ففتحت له فإذا أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- ( فبشرته بما قال النبي) ولأبوي ذر والوقت رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
وهو بشره بالجنة ( فحمد الله) عز وجل على ذلك ( ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( افتح له وبشره بالجنة) ( ففتحت له فإذا هو عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- وسقط لفظ هو لأبي ذر ( فأخبرته بما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بشره بالجنة ( فحمد الله) على ذلك ( ثم استفتح رجل فقال لي) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) هي قتله في الدار ( فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحمد الله) تعالى عليه ( ثم قال: الله المستعان) اسم مفعول أي على ما أنذر به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن ما أخبر به من البلاء يصيبني لا محالة فبالله أستعين على مرارة الصبر عليه وشدة مقاساته.

وهذا الحديث قد مر في مناقب أبي بكر -رضي الله عنه-.




[ قــ :354 ... غــ : 3694 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ".
[الحديث 3694 - طرفاه في: 664، 663] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد
( ابن وهب) عبد الله المصري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( حيوة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وفتح الواو ابن شريح بالمعجمة المضمومة آخره حاء مهملة الحضرمي المصري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو عقيل) بفتح العين المهملة وكسر القاف ( زهرة بن معبد) بضم الزاي وسكون الهاء ومعبد بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الموحدة البصري ( أنه سمع جده عبد الله بن هشام) أي ابن زهرة بن عثمان التيمي ابن عم طلحة بن عبيد الله ( قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو آخد بيد عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- والأخذ باليد دليل على غاية المحبة وكمال المودة قاله الكرماني.

واقتصر المؤلّف على هذا القدر من هذا الحديث هنا، وساقه تامًّا بهذا الإسناد في الأيمان والنذور وبقيته فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي.
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الآن يا عمر".

ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليه في محله من الأيمان والنذور بعون الله وقوّته.