فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه

باب مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْحَسَنِ -رضي الله عنه-
وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ».

     وَقَالَ  عُمَرُ «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ عَنْهُ رَاضٍ»
( باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن -رضي الله عنه-) وكناه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأبي تراب، وهو ابن عم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبويه، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهي أول هاشمية ولدت هاشميًّا أسلمت وتوفيت بالمدينة، وسقط لفظ باب لأبي ذر فالتالي رفع.

( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما وصله المؤلّف في الصلح وعمرة القضاء ( لعلي) : ( أنت) مبتدأ خبره ( مني وأنا منك) أي أنت متصل بي قربًا وعلمًا أو نسبًا ( وقال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- في علي مما وصله قريبًا في الباب السابق: ( توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو عنه راض) .


[ قــ :3531 ... غــ : 3701 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ.
قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا.
فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ.
فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا.
فَقَالَ: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي مولاهم قال: ( حدّثنا عبد العزيز) بن أبي حازم ( عن) أبيه ( أبي حازم) سلمة بن دينار ( عن سهل بن سعد) بسكون العين الساعدي ( -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) في غزوة خيبر:
( لأعطين الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه) بالتثنية ( قال: فبات الناس يدوكون) بالدال المهملة والكاف أي يخوضون ( ليلتهم أيهم يعطاها) أي الراية ( فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلهم يرجو أن يعطاها) ولأبي ذر عن الكشميهني يرجون ( فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا) : هو ( يشتكي عينيه) بالتثنية ( يا رسول الله قال) : ( فأرسلوا إليه) بهمزة قطع وكسر
السين ( فأتوني به) بصيغة الأمر فأرسلوا ( فلما جاء) علي ( بصق) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في عينيه ودعا) بالواو ولأبي ذر فدعا ( له فبرأ) بوزن ضرب أي شفي ( حتى كأن لم يكن به وجع) فيهما بل لم يرمد ولم يصدع بعد ( فأعطاه) عليه السلام ( الراية) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فأعطي بضم الهمزة الراية ( فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم) بحذف همزة الاستفهام ( حتى يكونوا مثلنا) مسلمين ( فقال) عليه الصلاة والسلام له: ( انفذ) بضم الفاء وبالذال المعجمة أي امض ( على رسلك) بكسر الراء هينتك ( حتى تنزل بساحتهم) بفنائهم ( ثم ادعهم) بهمزة وصل ( إلى الإسلام وأخبرهم) بهمزة قطع ( بما يجب عليهم من حق الله فيه) في الإسلام ( فوالله لأن) بفتح اللام والهمزة وفي اليونينية بكسر اللام وفتح الهمزة ( يهدي الله بك رجلاً واحدًا) وأن المصدرية رفع على الابتداء وخبره ( خير لك من أن يكون لك حمر النعم) تتصدّق بها وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا للتقريب إلى الإفهام، وإلاّ فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها ومثلها معها قاله في الكواكب كالنووي.

وقد سبق هذا الحديث في الجهاد.




[ قــ :353 ... غــ : 370 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: «كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ -أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ- غَدًا رَجُلاً يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ -أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ- يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة وبالمثناة الفوقية ابن إسماعيل الكوفي ( عن يزيد) من الزيادة ( ابن أبي عبيد) مصغرًا بغير إضافة إلى شيء مولى سلمة ( عن سلمة) بن الأكوع أنه ( قال: كان عليّ) -رضي الله عنه- ( قد تخلف عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في) غزوة ( خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بسبب الرمد ( فخرج علي فلحق بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بخيبر أو في أثناء الطريق ( فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله) أي خيبر ( في صباحها قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لأعطين الراية أو ليأخذن الراية) بالشك من الراوي ( غدًا رجلاً) بالنصب مفعول لأعطين ولأبي ذر عن الكشميهني رجل بالرفع على الفاعلية ( يحبه الله ورسوله أو قال: يحب الله ورسوله) محبة حقيقية مستوفية لشرائطها ( يفتح الله عليه) خيبر، ولأبي ذر عن الحموي، والمستملي: على يديه.
وفي الإكليل للحاكم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أبا بكر -رضي الله عنه- إلى بعض حصون خيبر فقاتل ولم يكن فتح، فبعث عمر -رضي الله عنه- فلم يكن فتح ( فإذا نحن بعلي) -رضي الله عنه- قد حضر ( وما نرجوه) أي ما نرجو قدومه للرمد الذي به ( فقالوا) : يا رسول الله ( هذا علي) قد حضر
( فأعطاه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد أبو ذر عن الكشميهني الراية ( ففتح الله) تعالى ( عليه) خيبر.

وهذا الحديث قد مرّ في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :3533 ... غــ : 3703 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ: هَذَا فُلاَنٌ -لأَمِيرِ الْمَدِينَةِ- يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ.
قَالَ فَيَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: "يَقُولُ لَهُ أَبُو تُرَابٍ، فَضَحِكَ.
قَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلاَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلاً وَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ فَيَقُولُ: اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ.
مَرَّتَيْنِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي المدني قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن أي حازم عن أبيه) أبي حازم سلمة بن دينار ( أن رجلاً) لم يقف الحافظ ابن حجر -رحمه الله- على اسمه ( جاء إلى سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين الساعدي ( فقال: هذا فلان لأمير المدينة) أي عن أمير المدينة قال في المقدمة: هو مروان بن الحكم ( يدعو عليًّا عند المنبر) أي يذكره بشيء غير مرضي، وفي رواية الطبراني من وجه آخر عن عبد العزيز بن أبي حازم يدعوك لتسبّ عليًّا ( قال) أبو حازم: ( فيقول) سهل بن سعد: ( ماذا؟) قال: فلان المكنى به عن أمير المؤمنين ( قال) : أبو حازم ( يقول) : فلان الأمير ( له) لعلي ( أبو تراب فضحك) سهل ( قال) : ولأبي ذر وقال: ( والله ما سماه) أبا تراب ( إلاّ النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما كان له) ولغير أبي ذر وما كان والله له ( اسم أحب إليه منه) ولأبي ذر: أحب بالرفع وفيه إطلاق الاسم على الكنية.
قال أبو حازم: ( فاستطعمت الحديث سهلاً) أي سألت سهلاً عن الحديث، وإتمام القصة وفيه استعارة الاستطعام للتحديث بجامع ما بينهما من الذوق فللطعام الذوق الحسي وللكلام الذوق المعنوي ( وقلت) : ولأبي الوقت فقلت بالفاء بدل الواو ( يا أبا عباس) بالموحدة المشدّدة وآخره مهملة كنية سهل بن سعد ( كيف؟) زاد أبو ذر ذلك وللإسماعيلي فقلت يا أبا عباس كيف كان أمره ( قال: دخل عليّ على فاطمة) -رضي الله عنهما- وفي اليونينية عليهما السلام ( ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أين ابن عمك) عليّ ( قالت: في المسجد) وفي الطبراني كان بيني وبينه شيء ( فخرج إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص) أي وصل ( التراب إلى ظهره فجعل) عليه الصلاة والسلام ( يمسح التراب عن ظهره) وسقط لأبي ذر لفظة التراب الأخيرة ( فيقول) له: ( اجلس يا أبا تراب مرتين) قال في الكواكب: مرتين ظرف لقوله فيقول: اجلس.

وهذا الحديث قد مرّ في باب نوم الرجل في المسجد من كتاب الصلاة.




[ قــ :3534 ... غــ : 3704 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ.
ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ قَالَ: هُوَ ذَاكَ، بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ؟ قَالَ: أَجَلْ.
قَالَ: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري قال: ( حدّثنا حسين) هو ابن علي الجعفي الكوفي ( عن زائدة) بن قدامة ( عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي ( عن سعد بن عبيدة) بضم العين مصغرًا أبي حمزة الكوفي أنه ( قال: جاء رجل) هو نافع بن الأزرق كما قال في المقدمة قال: وليس هو السكسكي ( إلى ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- ( فسأله عن عثمان فذكر) ابن عمر ( عن محاسن عمله) كإنفاقه في جيش العسرة وتسبيله بئر رومة وشبه ذلك وضمن ذكر معنى أخبر فعداها بعن ( قال) ابن عمر له: ( لعلّ ذاك) الذي ذكرته من محاسن عمله ( يسوءك.
قال)
: الرجل ( نعم قال) : ابن عمر له ( فأرغم الله بأنفك) أي ألصقه بالرغام وهو التراب والباء زائدة ( ثم سأله عن علي) -رضي الله عنه- ( فذكر) ابن عمر ( محاسن عمله) كشهود بدر وفتح خيبر ( قال: هو) أي علي -رضي الله عنه- ( ذاك بيته أوسط بيوت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أحسنها بناء أوانه في وسطها وعند النسائي فقال: انظر إلى منزله من نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس في المسجد غير بيته ( ثم قال) : له ابن عمر ( لعل ذاك) الذي ذكرته ( يسوءك.
قال)
الرجل: ( أجل) بالجيم وتخفيف اللام أي نعم ( قال) له: ( فارغم الله بأنفك انطلق) اذهب ( فاجهد عليّ) بتشديد الياء ( جهدك) بفتح الجيم أي الفعل في حقي ما تقدر عليه، فإن الذي قلته لك الحق وقائل الحق لا يبالي ما قيل فيه من الباطل.

وهذا الحديث من أفراد المؤلّف.




[ قــ :3535 ... غــ : 3705 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَى، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ، فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا.
فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْنَا - وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا.
فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي،.

     وَقَالَ : أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَانِ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَتُسَبِّحَانِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدَانِ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة ابن عثمان العبدي بندار البصري قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن
الحجاج ( عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين وفتح الفوقية مصغرًا أنه ( قال: سمعت ابن أبي ليلى) عبد الرحمن ( قال: حدّثنا علي) - رضي الله تعالى عنه - ( أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى) في يدها ( من أثر الرحا) بغير همز مقصور وزاد بدل بن المحبر عن شعبة في النفقات مما تطحن ( فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبي) ولأبي ذر عن الكشميهني: فأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول بسبي جار ومجرور ( فانطلقت) إليه فاطمة -رضي الله عنها- تسأله خادمًا ( فلم تجده) عليه الصلاة والسلام ( فوجدت عائشة) -رضي الله عنها- ( فأخبرتها) بذلك ( فلما جاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرته عائشة بمجيء فاطمة) إليه لتسأله خادمًا قال: علي ( فجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( على مكانكما) أي الزما مكانكما ( فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه) بالتثنية ( على صدري وقال: ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام ( أعلمكما خيرًا مما سألتماني) زاد في رواية السائب عن علي عند أحمد قالا: بلى.
قال: كلمات علمنيهنّ جبريل ( إذا أخذتما مضاجعكما) وزاد مسلم من الليل ( تكبّرَا) بلفظ المضارع وحذف النون للتخفيف أو أنّ إذا تعمل عمل الشرط ولأبي ذر عن الحموي والمستملي تكبران بإثباتها، ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: فكبّرَا بصيغة الأمر ( أربعًا) ولأبي ذر ثلاثًا ( وثلاثين وتسبحا) بصيغة المضارع وحذف النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وتسبحان بإثباتها وله عن الكشميهني وسبحا بلفظ الأمر ( ثلاثًا وثلاثين وتحمدا) بصيغة المضارع وحذف النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وتحمدان بإثباتها وله عن الكشميهني واحمدا بلفظ الأمر ( ثلاثة) ولأبي ذر ثلاثًا ( وثلاثين فهو خير لكما من خادم) قال: ابن تيمية فيه أن من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه اعياء لأن فاطمة -رضي الله عنها- شكت التعب من العمل فأحالها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك وقال: عياض معنى الخيرية أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا وقيل غير ذلك مما يأتي إن شاء الله تعالى في باب التسبيح والتكبير عند المنام من كتاب الدعوات، وفي الحديث منقبة ظاهرة لعلي وفاطمة -رضي الله عنهما-.




[ قــ :3536 ... غــ : 3706 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى»؟.
[الحديث 3706 - طرفه في: 4416] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولغير أبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن بشار) بندار قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه ( قال: سمعت إبراهيم بن سعد) بسكون العين ( عن أبيه) سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعلي) - رضي الله تعالى عنه - حين خرج إلى تبوك ولم يستصحبه فقال: أتخلفني مع الذرية.

( أما) بتخفيف الميم ( ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) المشار إليه بقوله تعالى:
{ وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي} [الأعراف: 14] أي بني إسرائيل حين خرج إلى الطور، وزاد مسلم إلا أنه لا نبي بعدي، وزاد في رواية سعيد بن المسيب عن سعد فقال علي: رضيت رضيت أخرجه أحمد، واستدلّ به الشيعة على أن الخلافة لعلي -رضي الله عنه- بعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورد بأن الخلافة في الأهل في الحياة لا تقتضي الخلافة في الأمة بعد الوفاة مع أن القياس ينتقض بموت هارون المقيس عليه قبل موت موسى وإنما كان خليفته في حياته في أمر خاص فكذلك هاهنا وإنما خصه بهذه الخلافة الجزئية دون غيره لمكان القرابة فكان استخلافه في الأهل أولى من غيره وقال في شرح المشكاة قولها "مني" خبر المبتدأ ومن اتصالية ومتعلق الخبر خاص والباء زائدة كما في قوله تعالى: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} [البقرة: 137] أي فإن آمنوا إيمانًا مثل إيمانكم يعني أنت متصل بي ونازل مني منزلة هارون من موسى قال: وفيه تشبيه ووجه التشبيه مبهم بينه بقوله: إلاّ أنه لا نبي بعدي، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوّة بل من جهة ما دونها وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى دلّ ذلك على تخصيص خلافة عليّ للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحياته.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل، والنسائي في المناقب، وابن ماجه في السنن.




[ قــ :3537 ... غــ : 3707 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: "اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الاِخْتِلاَفَ، حَتَّى يَكُونَ النَّاسِ جَمَاعَةٌ؛ أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.
فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَن عَلِيٍّ الْكَذِبُ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة أبو الحسن الجوهري الهاشمي مولاهم ( قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن أيوب) السختياني ( عن ابن سيرين) محمد ( عن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة السلماني ( عن علي -رضي الله عنه-) أنه ( قال) لأهل العراق لما قدمها وأخبرهم أن رأيه كرأي عمر في عدم بيع أمهات الأولاد، وأنه رجع عنه فرأى أن يبعن وقال له عبيدة السلماني: رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إليّ من رأيك وحدك في الفرقة ( اقضوا كما) ولأبي ذر عن الكشميهني: على ما ( كنتم تقضون) قبل ( فإني أكره الاختلاف) على الشيخين أو الاختلاف الذي يؤدي إلى التنازع والفتن وإلا فاختلاف الأمة رحمة ولا أزال على ذلك ( حتى يكون للناس جماعة) للناس جار ومجرور وجماعة اسم كان، ولأبي ذر: حتى يكون الناس جماعة الناس بالرفع اسمها وتاليها خبرها ( أو أموت) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي: أو أنا أموت والنصب عطفًا على حتى يكون ( كما مات أصحابي) وقد اختلف الصدر الأول في بيع أمهات الأولاد، فعن علي وابن عباس وابن الزبير الجواز.
قال في الروضة: وعن الشافعي ميل للقول ببيعها.
وقال الجمهور: ليس للشافعي فيه اختلاف قول، وإنما ميل القول إشارة إلى مذهب من جوّزه، ومنهم من قال: جوّزه في القديم فعلى هذا هل تعتق بموت السيد؟ وجهان: أحدهما لا، وبه أجاب صاحب التقريب والشيخ أبو علي، والثاني نعم قاله الشيخ أبو محمد والصيدلاني كالمدبر
قاله الإمام، وعلى هذا يحتمل أن يقال تعتق من رأس المال ويحتمل من الثلث، فإذا قلنا بالمذهب أنه لا يجوز بيعها فقضى قاض بجوازه، فحكى الروياني عن الأصحاب أنه ينقض قضاؤه وما كان فيه من خلاف بين القرن الأوّل فقد انقطع وصار مجمعًا على منعه ونقل الإمام فيه وجهين.

( فكان ابن سيرين) محمد بالسند السابق ( يرى) أي يعتقد ( أن عامة ما يروى) مما يرويه الرافضة ( على عليّ) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: عن عليّ من الأقوال المشتملة على مخالفة الشيخين ( الكذب) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو عامة ما يروى.

ووقع في رواية أبي ذر حديث سعد بعد حديث علي.