فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مناقب الزبير بن العوام

باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ.

(باب مناقب الزبير بن العوّام -رضي الله عنه-) ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي يجتمع مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قصي وينسب إلى أسد فيقال:
القرشي الأسدي، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسلمت وهاجرت، وأسلم هو -رضي الله عنه- وهو ابن خمس عشرة سنة.
وعند الحاكم بسند صحيح وهو ابن ثمان سنين وحضر يوم اليرموك وفتح مصر مع عمرو بن العاص وشهد الجمل مع عائشة -رضي الله عنها-، وقتل بوادي السباع راجعًا عن حرب أهل الجمل سنة ست وثلاثين -رضي الله عنه-، وسقط لفظ باب لأبي ذر فمناقب مرفوع.

(وقال ابن عباس): -رضي الله عنهما- مما وصله في سورة براءة (هو) أي الزبير (حواري النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الحاء المهملة والواو وبعد الألف راء فتحتية مشددة قال المؤلّف: (وسمي الحواريون) أي حواريو عيسى (لبياض ثيابهم) وهذا وصله ابن أبي حاتم وقيل لصفاء قلوبهم، وعند الترمذي عن ابن عيينة الحواري الناصر.


[ قــ :3545 ... غــ : 3717 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: "أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ -رضي الله عنه- رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: اسْتَخْلِفْ.
قَالَ: وَقَالُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَمَنْ؟ فَسَكَتَ.
فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ -أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ- فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: وَقَالُوا؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ.
قَالَ: فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ الزُّبَيْرَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 3717 - طرفه في: 3718] .

وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة القطواني قال: (حدّثنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء القرشي الكوفي قاضي الموصل (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (مروان بن الحكم) بن أبي العاص بن أمية الأموي المدني (قال: أصاب عثمان بن عفان -رضي الله عنه- رعاف شديد) بالرفع فاعل وعثمان مفعول (سنة الرعاف) سنة إحدى وثلاثين كما عند ابن شبة في كتاب المدينة وكان للناس فيها رعاف كثير (حتى حبسه) أي حبس عثمان الرعاف (عن الحج وأوصى فدخل عليه
رجل من قريش) لم يقف الحافظ ابن حجر على تسميته (قال) له: (استخلف) بالجزم خليفة بعد موتك (قال) عثمان (وقالوه) أي قال الناس هذا القول: (قال): الرجل (نعم) قالوه (قال) عثمان: (ومن؟) أستخلف (فسكت) الرجل (فدخل عليه) على عثمان (رجل آخر) قال مروان: (أحسبه الحرث) بن الحكم أخا مروان الراوي (فقال) لعثمان: (أستخلف) خليفة بعدك (فقال عثمان وقالوا): أي الناس ذلك (فقال) الحرث: (نعم) قالوا: ذلك (قال عثمان: (ومن هو؟) الذي قالوا أني أستخلفه (فسكت) الحرث (قال) عثمان: (فلعلهم قالوا) استخلف (الزبير قال): الحرث (نعم.
قال): عثمان (أما) بالتخفيف (والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت) أي هو الذي علمته أو ما مصدرية أي في علمي أي في شيء مخصوص كحسن الخلق (وإن كان) أي الزبير (لأحبهم إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي الذين أشاروا باستخلافه.

وهذا الحديث قد ذكره النسائي في المناقب عن معاوية.




[ قــ :3546 ... غــ : 3718 ]
- حَدَّثَنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَبِي سَمِعْتُ مَرْوَانَ "كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ.
قَالَ: وَقِيلَ ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، الزُّبَيْرُ.
قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ.
ثَلاَثًا".

وبه قال: ( حدّثنى) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا بالجمع ( عبيد بن إسماعيل) الهباري القرشي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام) أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير قال: ( سمعت مروان بن الحكم) يقول: ( كنت عند عثمان) بن عفان -رضي الله عنه- ( أتاه رجل) لم يسم ( فقال: استخلف.
قال)
عثمان ( وقيل ذاك) : بحذف همزة الاستفهام ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ذلك باللام ( قال) الرجل: ( نعم) .
قيل ذلك ( الزبير) أي الذي قيل باستخلافه هو الزبير ( قال: أما) بالتخفيف والألف ولأبي ذر عن الكشميهني أم بحذفها ( والله إنكم لتعلمون أنه) أي الزبير ( خيركم) قال: ذلك ( ثلاثًا) .




[ قــ :3547 ... غــ : 3719 ]
- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ».

وبه قال: ( حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد بن درهم أبو غسان النهدي الكوفي قال: ( حدّثنا عبد العزيز هو ابن أبي سلمة) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون بكسر الجيم بعدها شين معجمة مضمومة المدني نزيل بغداد ( عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير مصغرًا التيمي المدني ( عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن لكل نبي حواري) كذا في فرع اليونينية بمثناة تحتية منصوبة اسم أن بدون ألف مصححًا
عليها أي أنصارًا ( وإن حواري) أي ناصري ( الزبير بن العوّام) -رضي الله عنه-.




[ قــ :3548 ... غــ : 370 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، قَالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ؟ فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْهِ فَقَالَ: "فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي"».

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن محمد) هو ابن شبويه فيما قاله: الدارقطني أو هو أبو العباس مردويه المروزي فيما قاله أبو عبد الله الحاكم وزاد الكلاباذي السمسار وصوب قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزى قال: ( أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عبد الله بن الزبير) -رضي الله عنه- أنه ( قال: كنت يوم الأحزاب) لما حاصر قريش ومن معهم المسلمين بالمدينة وحفر الخندق لذلك ( جعلت) بضم الجيم وكسر العين وسكون اللام ( أنا وعمر بن أبي سلمة) بضم العين القرشي المخزومي المدني ربيب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمه أم سلمة ( في النساء) يعني نسوة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فنظرت فإذا أنا بالزبير) أبيه ( على فرسه يختلف) أي يجيء ويذهب ( إلى بني قريظة) اليهود ( مرتين أو ثلاثًا) بالشك كذا بإثبات مرتين أو ثلاثًا في كل ما وقفت عليه من الأصول، وعزاه الحافظ ابن حجر وتبعه العيني لرواية الإسماعيلي من طريق أبي أسامة لا يقال: إن مراد الحافظ زيادة ذلك عند الإسماعيلي على رواية البخاري بعد قوله رأيتك تختلف لأنه ذكر ذلك عقب قوله السابق يختلف إلى بني قريظة قبل لاحقه ( فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف) أي تجيء وتذهب إلى بني قريظة ( قال) : مستفهمًا بالهمزة استفهام تقرير ( أو هل رأيتني يا بني؟ قلت) : ولأبي ذر قال: ( نعم) رأيتك ( قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم) بتحتية ساكنة بعد الفوقية ولأبي ذر عن الكشميهني فيأتني بحذفها ( فانطلقت) إليهم ( فلما رجعت) بخبرهم ( جمع لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أبويه) في الفداء تعظيمًا وإعلاء لقدري لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه فيبذل نفسه له ( فقال) : ( فداك أبي وأمي) وفي الحديث صحة سماع الصغير، وأنه لا يتوقف على أربع أو خمس لأن ابن الزبير كان يومئذٍ ابن سنتين وأشهر أو ثلاث وأشهر بحسب الاختلاف في وقت مولده وفي تاريخ الخندق.

تنبيه:
قوله: فلما رجعت قلت يا أبت إلى آخره.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إنه مدرج كما وقع مبينًا في رواية مسلم من طريق علي بن مسهر عن هشام حيث ساقه إلى بني قريظة ثم قال:
قال هشام: وأخبرني عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال: فذكرت ذلك لأبي الخ.
ثم ساقه من طريق أبي أسامة عن هشام قال: لما كان يوم الخندق فساق الحديث نحوه ولم يذكر عبد الله بن عروة، ولكن أدرج القصة في حديث هشام عن أبيه عن الزبير اهـ.




[ قــ :3549 ... غــ : 371 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ".
[الحديث 371 - طرفاه في: 3973، 3975] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن حفص) الخراساني المروزي سكن عسقلان قال: ( حدّثنا ابن المبارك) عبد الله المروزي قال: ( أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( أن أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الذين شهدوا وقعة اليرموك في أول خلافة عمر، ولم يقف الحافظ ابن حجر على تسمية واحد منهم ( قالوا: للزبير يوم وقعة اليرموك) : بتحتية مفتوحة وراء ساكنة وميم مضمومة آخره كاف موضع بالشام كان فيه الوقعة بين المسلمين والروم ( ألا) بالتخفيف ( تشد) بضم الشين المعجمة أي على المشركين ( فنشد معك) عليهم ( فحمل) أي الزبير ( عليهم فضربوه) أي الروم ( ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها) بضم الضاد وكسر الراء مبنيًّا للمفعول ( يوم) وقعة ( بدر.
قال عروة)
بن الزبير بالسند السابق ( فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات) الثلاث بسكون راء الضربات في اليونينية ( ألعب وأنا صغير) .
وقد كان المسلمون في وقعة اليرموك خمسة وأربعين ألفًا، وقيل ستة وثلاثين ألفًا والروم سبعمائة ألف، وكان مع جبلة بن الأيهم من عرب غسان ستون ألفًا، وكانت الدولة للمسلمين فقتلوا من الروم مائة ألف وخمسة آلاف نفس وأسروا منهم أربعين ألفًا واستشهد من المسلمين أربعة آلاف.