فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو العاص بن الربيع

باب ذِكْرُ أَصْهَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ
( باب ذكر أصهار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) جمع الصهر بالكسر.
قال في القاموس: وزوج بنت الرجل وزوج أخته والأختان أصهار أيضًا وقد صاهرهم وفيهم وأصهر بهم وإليهم صار فيهم صهرًا اهـ.

والأختان جمع ختن وهو كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ والمراد هنا الأول وسقط الباب لأبي ذر ( منهم: أبو العاص) لقيط، وقيل مقسم بكسر الميم، وقيل هشيم ( ابن الربيع) بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة.


[ قــ :3556 ... غــ : 3729 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ: «إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ».

وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ مِسْوَرٍ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عليّ بن حسين) هو ابن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ( أن المسور بن مخرمة) -رضي الله عنه- ( قال: إن عليًّا خطب بنت أبي جهل) حويرية بضم الجيم وقيل العوراء ( فسمعت بذلك فاطمة) -رضي الله عنها- ( قالت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت) : له ( يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك) إذا أُوذين ( وهذا عليّ ناكح) أي يريد أن ينكح ( بنت أبي جهل) وأطلق عليه اسم ناكح مجازًا باعتبار قصده له ( فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) خطيبًا ليشيع الحكم الذي سيقرره ويأخذوا به على سبيل الوجوب أو الأولوية.
قال المسور ( فسمعته حين تشهد يقول) :
( أما بعد فإني أنكحت أبا العاص) لقيط ( ابن الربيع) أي ابنته عليه الصلاة والسلام زينب أكبر بناته وكان ذلك قبل النبوة ( فحدّثني وصدقني) بتخفيف الدال بعد الصاد أي في حديثه ولعله كان شرط عليه أن لا يتزوج على زينب فلم يتزوج عليها، وكذلك عليّ فإن يكن كذلك فيحتمل أن يكون نسي ذلك الشرط ( وإن فاطمة بضعة) بفتح الموحدة فقط وسكون المعجمة، ولأبي ذر عن
الحموي والمستملي: مضغة بميم مضمومة بدل الموحدة وغين معجمة بدل المهملة ( مني وإني أكره أن يسوءها) أحد عليّ أو غيره ( والله لا تجتمع بنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبنت عدوّ الله) أبي جهل أو غيره ( عند رجل واحد فترك عليّ الخطبة) بكسر الخاء المعجمة.
قال ابن داود فيما ذكره المحب الطبري: حرم الله عز وجل على عليّ أن ينكح على فاطمة حياتها لقوله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] .
وقال أبو علي السنجي في شرح التلخيص: يحرم التزوج على بنات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة) بفتح العين وسكون الميم وحلحلة بفتح الحاءين المهملتين بينهما لام ساكنة وأخرى مفتوحة بعد الحاء الثانية مما وصله في أوائل الخمس ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عليّ) ولأبي ذر عن الكشميهني زيادة ابن الحسين ( عن مسور سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الحديث بطوله.
( وذكر) فيه ( صهرًا له من بني عبد شمس) هو أبو العاص بن الربيع ( فأثنى عليه) خيرًا ( في مصاهرته إياه فأحسن) الثناء ( قال) : ( حدّثني فصدقني) بتخفيف الدال ( ووعدني) أن يرسل إليّ زينب أي لما أسر ببدر مع المشركين وفدي وشرط عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يرسلها له ( فوفى لي) بتخفيف الفاء بذلك، وأسر أبو العاص مرة أخرى وأجارته زينب فأسلم وردها إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى نكاحه وولدت له أمامة التي كان يحملها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلّي.