فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-
( باب مناقب عبد الله بن مسعود) أي ابن غافل بالغين المعجمة والفاء ابن حبيب بن شمخ بفتح الشين المعجمة وسكون الميم بعدها خاء معجمة ابن فار بالفاء وبعد الألف راء ابن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة أبي عبد الرحمن حليف بني زهرة.
وكان أبوه مسعود بن غافل قد حالف في الجاهلية عبد الله بن الحرث بن زهرة وأمه أم عبد بنت عبد ود هذلية من فخذ أبيه وأمها زهرية.
قيل: إنها بنت الحرث بن زهرة، وكان إسلامه قديمًا في أول الإسلام، وكان سادس ستة في الإسلام، وهو من القراء المشهورين، وممن جمع القرآن على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهاجر الهجرتين، وصلّى إلى القبلتين، وشهد بدرًا والحديبية، وشهد له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجنة، وكان قصيرًا نحيفًا يكاد طوال الرجال يوازونه جلوسًا وهو قائم، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين، وقد جاوز الستين ودفن بالبقيع وصلّى عليه عثمان ( -رضي الله عنه-) .
وكان له من الولد عبد الرحمن وبه كان يكنى وعتبة وأبو عبيدة واسمه عامر وسقط لفظ باب لأبي ذر.


[ قــ :3582 ... غــ : 3759 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا.
.

     وَقَالَ : إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا».




[ قــ :3584 ... غــ : 3760 ]
- «وَقَالَ: اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي
حُذَيْفَةَ، وَأُبيىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ».

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سليمان) بن مهران الأعمش أنه ( قال: سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة ( قال: سمعت مسروقًا) هو ابن الأجدع ( قال: قال عبد الله بن عمرو) : أي ابن العاص -رضي الله عنهما- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن فاحشًا) أي لم يكن متكلمًا بالقبيح ( ولا متفحشًا) ولا متكلفًا للتكلم بالقبيح نفى عنه الفحش والتفوه به طبعًا وتكلفًا ( وقال) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( إن من أحبكم إليّ أحسنكم أخلاقًا) ( وقال) عليه الصلاة والسلام: ( استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود و) من ( سالم مولى أبي حذيفة و) من ( أبي بن كعب و) من ( معاذ بن جبل) -رضي الله عنهم- كذا ساق المؤلّف هذا الحديث بزيادة صفة من صفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أوله، والظاهر أن بعض الرواة تحمله كذلك فأورده المؤلّف كذلك، ومطابقة الحديث لا تخفى.




[ قــ :3585 ... غــ : 3761 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ "دَخَلْتُ الشَّامَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا.
فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلاً، فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ اللهُ.
قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟.

قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ؟ أَوَ لَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِي أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ أَوَ لَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ { وَاللَّيْلِ} فَقَرَأْتُ { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى} [الليل: 1 - 3] قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاهُ إِلَى فِيَّ، فَمَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّوننِي".

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي ( عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن مغيرة) بن مقسم الكوفي ( عن إبراهيم) النخعي ( عن علقمة) بن قيس النخعي أنه قال: ( دخلت الشام فصليت ركعتين) في المسجد ( فقلت: اللهم يسّر لي جليسًا) زاد أبو ذر عن الكشميهني صالحًا ( فرأيت شيخًا) حال كونه ( مقبلاً فلما دنا) قرب مني ( قلت) : له ( أرجو أن يكون استجاب الله) عز وجل دعائي ( قال) : لي ( من أين أنت؟) وسقطت لفظة أين لأبي ذر قال علقمة ( قلت) له: أنا ( من أهل الكوفة.
قال: أفلم)
بهمزة الاستفهام ولأبي ذر فلم ( يكن فيكم صاحب النعلين والوساد) أي المخدة ( والمطهرة؟) أي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ( أولم) بهمزة الاستفهام ولأبي ذر ولم ( يكن فيكم الذي أجير من الشيطان؟) زاد في المناقب على لسان نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي عمار ( أو لم يكن فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟) أي حذيفة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عرفه أسماء المنافقين ( كيف قرأ ابن أم عبد) عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ( { والليل} ) زاد أبو ذر إذا يغشى قال: علقمة ( فقرأت: { والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * والذكر والأنثى} ) بجر الذكر وحذف وما خلق ( قال) : أي الشيخ وهو أبو الدرداء ( أقرأنيها) أي والذكر والأنثى ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاه إلى فيّ)
تشديد الياء وعند الزمخشري فاي بالألف قال: وهذا من إحدى اللغات وهي القصر كعصاي فإعرابه مقدر في آخره، وأما نصب فاه فقال في المصابيح: المنقول في مثله ثلاثة أقوال أن يكون فاه حالاً.
وصرح ابن مالك في التسهيل بأنه الأولى أو منصوبًا بمحذوف هو الحال أي جاعلاً فاه إلى فيّ أو الأصل من فيه إلى فيّ فحذف الجار فانتصب ما كان مجرورًا به ( فما زال هؤلاء) أهل الشام ( حتى كادوا يردوني) من قراءة والذكر والأنثى إلى أن أقرأ { وما خلق الذكر والأنثى} [الليل: 3] ولأبي ذر والأصيلي: يردونني بإثبات النونين.




[ قــ :3586 ... غــ : 376 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلاًّ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ".
[الحديث 376 - طرفه في: 6097] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن عبد الرحمن بن يزيد) من الزيادة النخعي أخي الأسود بن يزيد أنه ( قال: سألنا حذيفة) بن اليمان ( عن رجل قريب السمت) الهيئة الحسنة ( والهدي) بفتح الهاء وسكون الدال المهملة الطريقة والمذهب ( من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى نأخذ عنه) سلوك الطريقة المرضية والسكينة والوقار ( فقال) : وفي الفرع قال: حذيفة ( ما أعرف) ولأبي ذر ما أعلم ( أحدًا أقرب سمتًا وهديًا ودلاًّ) بفتح الدال المهملة وتشديد اللام سيرة وحالة وهيئة ( بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ابن أم عبد) وهي كنية أم عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي في المناقب.




[ قــ :3587 ... غــ : 3763 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ، فَمَكُثْنَا حِينًا مَا نُرَى إِلاَّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 3763 - طرفه في: 4384] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: بالجمع ( محمد بن العلاء) بالهمزة ممدودًا أبو كريب الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق) السبيعي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) يوسف ( عن أبي إسحاق) أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الأسود بن يزيد) أخو عبد الرحمن بن يزيد السابق قريبًا ( قال: سمعت أبا موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري) -رضي الله عنه- ( يقول: قدمت أنا وأخي) أبو رهم أو أبو بردة ( من اليمن فمكثنا) بضم الكاف في اليونينية ( حينًا) حالة كوننا ( ما نرى) بالضم ( إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل ييت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما نرى) أي
لأجل ما نراه ( من دخوله ودخول أمه) أم عبد بنت عبد ود ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يلج على النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويلبسه نعليه ويمشي أمامه ومعه ويستره إذا اغتسل، وقال: قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذنك عليّ أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك" أخرجه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: "من أحبّ أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن عبد".
وقال فيه عمر: كنيف ملئ علمًا.
وعند الحاكم عن حذيفة قال: لقد علم من أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ابن أم عبد من أكثرهم إلى الله وسيلة يوم القيامة اهـ.

وحديث الباب أخرجه مسلم في الفضائل والترمذي والنسائي في المناقب.