فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

باب إِسْلاَمُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه-
( باب إسلام أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-) سقط لفظ باب لأبي ذر فتاليه رفع والصديق فعيل مبالغة في الصدق وهو الكثير الصدق، وقيل الذي لم يكذب قط، وقد قال أبو الحسن الأشعري -رحمه الله تعالى-: لم يزل أبو بكر -رضي الله عنه- بعين الرضا منه فاختلف الناس في مراده بهذا الكلام فقيل: لم يزل مؤمنًا قبل البعثة وبعدها وهو الصحيح المرتضى، وقيل بل أراد أنه لم يزل بحالة غير مغضوب فيها عليه لعلم الله تعالى بأنه سيؤمن ويصير من خلاصة الأبرار.

قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله: لو كان هذا مراده لاستوى الصديق وسائر
الصحابة في ذلك، وهذه العبارة التي قالها الأشعري في حق الصديق -رضي الله عنه- لم تحفظ عنه في حق غيره، فالصواب أن يقال إن الصديق -رضي الله عنه- لم يثبت عنه حالة كفر بالله كما ثبتت عن غيره ممن آمن وهو الذي سمعناه من أشياخنا ومن يقتدى به وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

ونقل ابن ظفر في أنباء نجباء الأبناء أن القاضي أبا الحسين أحمد بن محمد الزبيدي روى بإسناده في كتابه المسمى معالي الفرش إلى عوالي العرش أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: اجتمع المهاجرون والأنصار عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: وعيشك يا رسول الله إني لم أسجد لصنم قط، فغضب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال: تقول وعيشك يا رسول الله إني لم أسجد لصنم قط وقد كنت في الجاهلية كذا وكذا سنة.
فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: إن أبا قحافة أخذ بيدي فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام فقال لي: هذه آلهتك الشم العلا فاسجد لها وخلاني ومضى فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني، فلم يجبني فقلت: إني عار فاكسني فلم يجبني، فأخذت صخرة فقلت إني ملق عليك هذه الصخرة فإن كنت إلهًا فامنع نفسك فلم يجبني، فألقيت عليه الصخرة فخر لوجهه وأقبل أبي فقال: ما هذا يا بني؟ فقلت هو الذي ترى فانطلق بي إلى أمي فأخبرها فقالت: دعه فهو الذي ناجاني الله تعالى به.
فقلت: يا أماه ما الذي ناجاك به؟ قالت: ليلة أصابني المخاض لم يكن عندي أحد فسمعت هاتفًا يقول: يا أمة الله على التحقيق أبشري بالولد العتيق اسمه في السماء الصديق لمحمد صاحب رفيق.
قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: فلما انقضى كلام أبي بكر -رضي الله عنه- نزل جبريل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: صدق أبو بكر وصدقه ثلاث مرات اهـ.


[ قــ :3678 ... غــ : 3857 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ( عبد الله بن محمد الآملي) بمدّ الهمزة وضم الميم المخففة وسقط لأبي ذر: الآملي، وثبت في الفرع ابن محمد وكذا في رواية أبي عليّ بن السكن عن الفربري ووقع في اليونينية وغيرها ابن حماد بدل قوله ابن محمد وبذلك نسبه أبو زيد المروزي وجزم به أبو نصر الكلاباذي وغيره، وفي كثير من الأصول حدّثني عبد الله غير منسوب وهو تلميذ البخاري وورّاقه فهو من رواية الأكابر عن الأصاغر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( يحيى بن معين) بفتح الميم وكسر العين المهملة البغدادي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن مجالد) بضم الميم وفتح الجيم الهمداني أبو عمر الكوفي نزيل بغداد ( عن بيان) الأحمسي ( عن وبرة) بالموحدة وفتحات ابن عبد الرحمن ( عن همام بن الحرث) النخعي الكوفي أنه ( قال: قال عمار بن ياسر) العنسي أحد السابقين البدريين.

( رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما معه إلا خمسة أعبد) بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة وأبو فكيهة وعبيد بن زيد الحبشي ( وامرأتان) خديجة أم المؤمنين وأم أيمن أو سمية ( وأبو بكر) الصديق
-رضي الله عنه-، وهو أول من أسلم من الأحرار البالغين.

وسبق هذا الحديث في مناقب أبي بكر -رضي الله عنه-.