فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ذكر الجن

باب ذِكْرُ الْجِنِّ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: { قُلْ أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]
( باب ذكر الجن وقول الله تعالى: { قل أوحي إليّ} ) أي قل يا محمد لأمتك أوحي إليّ على لسان جبريل ( { إنه استمع نفر} ) جماعة من الثلاثة إلى العشرة ( { من الجن} ) [الجن: 1] والقائم مقام الفاعل أنه استمع لأنه المفعول الصريح، وجوز الكوفيون والأخفش أن يكون القائم مقام الفاعل الجار والمجرور فيكون هذا باقيًا على نصبه، والتقدير أوحى إلي استماع نفر، و: من الجن صفة لنفر وهل رآهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وظاهر القرآن أنه لم يرهم واختلف فيهم من هم قال ابن الخطيب: فروى عاصم عن زر قدم رهط زوبعة وأصحابه على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل كانوا الشيصبان
وهم أكثر الجن عددًا وعامة جنود إبليس منهم وقيل كانوا سبعة ثلاثة من أرض حران وأربعة من أرض نصيبين قرية باليمن غير التي بالعراق، وقيل إن الذين أتوه بمكة جن نصيبين والذين أتوه بنخلة جن نينوى.
وقال عكرمة: كانوا اثني عشر ألفًا من جزيرة الموصل وسقط الباب لأبي ذر.


[ قــ :3680 ... غــ : 3859 ]
- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ بن أُسَامَةَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: "سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ- أَنَّهُ آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن سعيد) بكسر العين أبو قدامة السرخسي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين ابن كدام الهلالي الكوفي أحد الأعلام ( عن معن بن عبد الرحمن) أنه ( قال: سمعت أبي) عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ( قال: سألت مسروقًا) أي ابن الأجدع ( من آذن) أي من أعلم ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ فقال) : مسروق ( حدّثني) بالإفراد بذلك ( أبوك يعني عبد الله) بن مسعود ( إنه) بفتح الهمزة ( آذنت) بالمد أعلمت ( بهم شجرة) وفي مسند إسحاق بن راهويه سمرة بدل قوله شجرة.




[ قــ :3681 ... غــ : 3860 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ.
فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ.
فَقَالَ: ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ.
فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ -وَنِعْمَ الْجِنُّ- فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي قال: ( حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد) بفتح العين في الأول وكسرها في الثالث ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( جدي) سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كان يحمل مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إداوة) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء ولأبي ذر الأداوة ( لوضوئه وحاجته فبينما) بالميم ( هو يتبعه بها فقال) عليه الصلاة والسلام:
( من هذا؟ فقال أنا أبو هريرة.
فقال ابغني)
بهمزة وصل من الثلاثي ولأبي ذر بقطع أي اطلب لي ( أحجارًا أستنفض) بكسر الفاء والجزم جوابًا للأمر أستنج ( بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعت) بحذف المفعول ولأبي ذر عن الكشميهني وضعتها ( إلى جنبه ثم انصرفت حتى إذا فرغ) من حاجته ( مشيت معه) ( فقلت) له يا رسول الله ( ما
بال العظم والروثة قال)
عليه الصلاة والسلام: ( هما من طعام الجن وأنه أتاني وفد جن نصيبين) بفتح النون وكسر الصاد المهملة بعدها تحتيتان ساكنتان بينهما موحدة مكسورة آخره نون بلدة مشهورة بالجزيرة.
وقال السفاقسي: بالشام قال في الفتح: وفيه تجوّز فإن الجزيرة بين الشام والعراق ( ونعم الجن فسألوني الزاد) يحتمل أن يكون وقع في هذه الليلة أو فيما مضى ( فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعامًا) ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني طعمًا بضم الطاء وسكون العين من غير ألف، والذي تحصل من الأخبار أن وفادة الجن عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرات ببطن نخلة وهو يقرأ القرآن، فلما حضروه قالوا أنصتوا وكانوا سبعة: أحدهم زوبعة وبالحجون وأخرى ببقيع الغرقد، وفي هذه الليالي حضر ابن مسعود وخطّ عليه وخارج المدينة وحضرها الزبير بن العوّام وفي بعض أسفاره حضرها بلال بن الحرث.