فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المعراج

باب الْمِعْرَاجِ
( باب المعراج) بكسر الميم.
قال في النهاية: مفعال من العروج وهو الصعود كأنه آلة له.

وقال في الصحاح: عرج في الدرجة والسلم يعرج عروجًا أي ارتقى والمعراج السلم ومنه ليلة المعراج والجمع معارج ومعاريج مثل مفاتح ومفاتيح.
قال الأخفش: إن شئت جعلت الواحد معرج ومعرج مثل مرقاة ومرقاة والمعارج والمصاعد اهـ.

وسميت بليلة المعراج لصعود النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها.
وظاهر صنيع البخاري هنا أن ليلة الإسراء كانت غير ليلة المعراج حيث أفرد كل واحدة منهما بترجمة، لكن قوله في أول الصلاة باب كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء يدل على اتحادهما فإن الصلاة إنما فرضت في المعراج، وإنما أفرد كلاً منهما بترجمة لأن كلاًّ منهما يشتمل على قصة منفردة وإن كانا وقعا معًا، والجمهور على أن وقوعهما معًا، في ليلة واحدة في اليقظة.
بجسده المكرّم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل وقع ذلك مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدًا ومرة في اليقظة.
وذهب الأكثرون إلى أنه كان في ربيع الأول قبل الهجرة بسنة وقيل كان في رجب، وعن الزهري أنه كان بعد المبعث بخمس سنين، ورجحه القرطبي والنووي.
وعند ابن أبي شيبة من حديث جابر وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: ولد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الاثنين وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه مات.


[ قــ :3708 ... غــ : 3887 ]
- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ -رضي الله عنه-: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ -وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ- مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ - قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ -مَا
بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ.
فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهْوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ -وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ- فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ.
-فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ- يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَفَتَحَ.
فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ.
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ صَعِدَ بي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ.
فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةِ.
قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ.
قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: أوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ.
قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ.
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ ممَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي.
ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ.
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، ونِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ.
فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ.
قَالَ:
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ.
قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ.
فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ،.
وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ.
ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ.
ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ.
ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ.
فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ.
فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ.
فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ.
فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ.
فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ.
فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ.
قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ.
قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي»
وبه قال: ( حدّثنا هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال المهملة بعدها موحدة القيسي قال: ( حدّثنا همام بن يحيى) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن دينار العوذي بفتح العين المهملة وبعد الواو الساكنة ذال معجمة مكسورة قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة) بفتح الصادين المهملتين وسكون العين المهملة الأنصاري ( -رضي الله عنهما- أن نبي الله) ولأبي ذر: أن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدثهم عن ليلة أسري به) فيها بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أنه ( قال) :
( بينما) بالميم ( أنا) كائن ( في الحطيم) أي في الحجر بكسر الحاء وسكون الجيم وسقط قوله قال: في اليونينية ( وربما قال) : ( في الحجر) بدل الحطيم والشك من قتادة، وفي بدء الخلق: بينا أنا عند البيت وهو أعم ( مضطجعًا) نصب على الحال ( إذ أتاني أت) هو جبريل عليه السلام ( فقدّ) بالفاء والقاف والمهملة المشدّدة المفتوحات شق طولاً ( قال) : قتادة ( وسمعته) أي أن أنسًا ( يقول) : ( فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود) بفتح الجيم وبعد الألف راء مضمومة فواو فدال مهملة ابن سبرة البصري التابعي صاحب أنس -رضي الله عنه- ( وهو إلى جنبي) بفتح الجيم وسكون النون وكسر الموحدة ( ما يعني) أنس ( به؟) بقوله فشق ما بين هذه إلى هذه ( قال) : يعني به ( من
ثغرة نحره)
بمثلثة مضمومة وسكون المعجمة بعدها راء الموضع المنخفض بين الترقوتين ( إلى شعرته) بكسر الشين المعجمة وسكون العين المهملة عانته أو منبت شعرها.
قال قتادة: ( وسمعته) أي سمعت أنسًا -رضي الله عنه- ( يقول) أيضًا شق ( من قصته) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة رأس صدره ( إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت) بضم الهمزة ( بطست) بفتح الطاء وسكون السين المهملتين ( من ذهب) قبل تحريم استعماله ( مملوءة) بالتأنيث على لفظ الطست لأنها مؤنثة وبالجر على الصفة ( إيمانًا) نصب على التمييز ملأ حقيقة وتجسيد المعاني جائز كتمثيل الموت كبشًا أو مجازًا من باب التمثيل كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط.
وفائدته كشف المعنوي بالحسي ( فغسل) بضم الغين أي غسل جبريل ( قلبي) وفي مسلم كالمؤلّف في كتاب الصلاة: بماء زمزم لأنه أفضل المياه وفيه تقوية القلب ( ثم حشي) بضم المهملة وكسر المعجمة إيمانًا وحكمة وفي الصلاة ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ( ثم أعيد) موضعه من الصدر المقدس وإنما أتي بالطست لأنه أشهر آلات الغسل عرفًا وبالذهب لكونه أعلى الأواني الحسية وأصفاها، وحكمة الغسل ليتقوى على استجلاء الأسماء الحسنى والثبوت في المقام الأسنى، وقد أنكر القاضي عياض -رحمه الله- شق الصدر المقدس ليلة الإسراء وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد عند مرضعته حليمة وتعقبوه بأن ذلك وقع مرتين.
الأولى: عند حليمة لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك، ولذا أنشأ على أكمل الأحوال من العصمة، والثانية: عند الإسراء.
وقد روى الطيالسي والحرث في مسنديهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن الشق وقع مرة أخرى عند مجيء جبريل عليه السلام له بالوحي في غار حراء لزيادة الكرامة وليتلقى الوحي بقلب قوي على أكمل الأحوال من التقديس، وقد وقع في ذلك من الخوارق ما يدهش السامع فسبيلنا الإيمان به والتسليم من غير أن نتكلف إلى التوفيق بين المنقول والمعقول للتبرئ مما يتوهم أنه محال من شق البطن وإخراج القلب المؤدّيين إلى الموت لا محالة، ونحن بحمد الله لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق إلا في الأمر المحال على القدرة وسقط قوله ثم أعيد لغير أبي ذر.

( ثم أتيت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض) اللون والتذكير باعتبار المركوب، وعند الثعلبي بسند ضعيف من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- لها خدّ كخدّ الإنسان وعرف كالفرس وقوائم كالإبل وأظلاف وذنب كالبقر وكان صدره ياقوتة حمراء ( فقال له) : أي لأنس -رضي الله عنه- ( الجارود) بن أبي سبرة ( هو البراق يا أبا حمزة) استفهام حذفت منه الأداة وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي كنية أنس -رضي الله عنه- ( قال أنس: نعم) هو البراق ( يضع خطوه) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة ( عند أقصى طرفه) بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء أي يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره، وهو يدل على أنه كان يمشي على وجه الأرض.
وروى ابن سعد عن الواقدي بأسانيده: له جناحان ولعله يشعر بأنه يطير بين السماء والأرض ( فحملت عليه) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول ( فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا) فيه حذف صرح به
البيهقي في دلائله من حديث أبي سعيد ولفظه: فإذا أنا بدابة كالبغل يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته.
الحديث.
قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصليت ثم أتيت بالمعراج، وعند ابن إسحاق: ولم أر قط شيئًا أحسن منه، وهو الذي يمدّ إليه الميت عينيه إذا احتضر، وفي رواية كعب: فوضعت له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل، وفي شرف المصطفى لابن سعد: أنه منضد باللؤلؤ عن يمينه ملائكة وعن يساره ملائكة، وعند ابن أبي حاتم من رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس -رضي الله عنه-: فلم ألبث إلاّ يسيرًا حتى اجتمع ناس كثير ثم أذن مؤذن فأقيمت الصلاة فأخذ بيدي جبريل فقدمني فصليت بهم، وعند أحمد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- فلما أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسجد الأقصى فإذا النبيون أجمعون يصلون معه والأظهر أن صلاته بهم ببيت المقدس كانت قبل العروج ثم عرج به إلى السماء الدنيا.

( فاستفتح) جبريل ( فقيل) ولأبي ذر قيل ( من هذا؟) الذي يقرع الباب ( قال جبريل: قيل)
ولأبي ذر قال: أي خازن السماء ( ومن معك؟ قال) : جبريل معي ( محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟) للعروج به ( قال) : جبريل ( نعم) .
أرسل إليه ( قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء) قال ابن مالك: في شواهده في هذا الكلام شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول أو الصفة عن الموصوف في باب: نعم لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجيء وإلى مخصوص بمعناها وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم وفاعلها فهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء، والتقدير ونعم المجيء الذي جاء أو نعم المجيء مجيء جاء وكونه موصولاً أجود لأنه مخبر عنه والمخبر عنه إذا كان معرف أولى من كونه نكرة ( ففتح) خازنها الباب ( فلما خلصت) بفتح اللام أي وصلت ( فإذا فيها آدم فقال) له جبريل: ( هذا أبوك آدم فسلم عليه) لأن المار يسلم على القاعد وإن كان المار أفضل من القاعد ( فسلمت عليه فردّ) علي ( السلام ثم قال) له آدم: ( مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم صعد) جبريل ( حتى) ولأبي ذر ثم صعد بي حتى ( أتى السماء الثانية فاستفتح) جبريل بابها ( قيل) ولأبي ذر فقيل ( من هذا؟) الذي يقرع الباب ( قال جبريل.
قيل: ومن معك؟ قال)
: معي ( محمد.
قيل: وقد أرسل إليه؟ قال)
جبريل: ( نعم) أرسل إليه ( قيل مرحبًا به فنعم المجيء) الذي ( جاء) أو نعم المجيء مجيء جاء ( ففتح) الخازن الباب ( فلما خلصت إذا يحيى) بن زكريا ( وعيسى) ابن مريم ( وهما ابنا الخالة) لأن أم يحيى إيشاع بنت فاقوذ أخت حنة بالحاء المهملة والنون المشدّدة بنت فاقوذ أم مريم، وذلك أن عمران بن ماثان تزوج حنة وزكريا تزوج إيشاع فولدت يحيى وولدت حنة مريم فتكون إيشاع خالة مريم وحنة خالة يحيى فهما ابنا خالة بهذا الاعتبار وليس عمران هذا أبا موسى إذ بينهما فيما قيل ألف وثمانمائة سنة ولأبي ذر: ابنا خالة.
( قال) جبريل له عليه الصلاة والسلام: ( هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت عليهما فردّا) علي السلام ( ثم قالا) : لي: ( مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد) جبريل ( إلى السماء الثالثة فاستفتح) جبريل الباب ( قيل) له، ولأبي ذر: فقيل ( من هذا؟) الذي يستفتح ( قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟ قال)

جبريل: معي ( محمد.
قيل: وقد أرسل إليه؟)
للعروج به ( قال: نعم.
قيل مرحبًا به فنعم المجيء)
مجيء ( جاء ففتح) بضم الفاء الثانية مبنيًّا للمفعول ( فلما خلصت إذا يوسف قال) لي جبريل: ( هذا يوسف فسلّم عليه فسلمت عليه فردّ) عليّ السلام ( ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي) جبريل ( حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح) جبريل ( قيل) له: ( من هذا؟ قال جبريل: قيل) ولأبي ذر: قال: ( ومن معك؟ قال: محمد.
قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم)
أرسل إليه ( قيل مرحبًا به فنعم المجيء) الذي ( جاء ففتح) بضم الفاء مبنيًّا للمفعول لنا ( فلما خلصت إلى إدريس) وللأربعة: فإذا إدريس ( قال) جبريل: ( هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه) ولغير الكشميهني سقوط لفظ عليه ( فرد) عليّ السلام ( ثم قال) لي: ( مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح) فيه رد على النسابة في قولهم إن إدريس جد نوح وإلاّ لقال والابن الصالح كما قال: آدم ( ثم صعد) جبريل ( بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح) جبريل ( قيل) له: ( من هذا؟) الذي يستفتح ( قال: جبريل.
قيل)
ولأبي ذر: ( ومن معك؟ قال) جبريل: ( محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم.
قيل مرحبًا به فنعم المجيء جاء)
قيل المخصوص بالمدح محذوف وفيه تقديم وتأخير والتقدير جاء فنعم المجيء مجيئه ( فلما خلصت فإذا هارون قال: هذا هارون فسلّم عليه فسلمت عليه فرد) السلام علي ( ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي) جبريل ( حتى أتى السماء السادسة فاستفتح) جبريل ( قيل: من هذا؟ قال: جبريل.
قيل: من)
ولأبي ذر قال: ومن ( معك؟ قال) : معي ( محمد.
قيل: وقد أرسل إليه؟)
سقطت واو وقد لأبي ذر ( قال: نعم قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا موسى) قال في المصابيح: إن الفاء فيه وفي فإذا إبراهيم زائدة ( قال) جبريل: ( هذا موسى فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد) عليّ السلام ( ثم قال) له: ( مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت) بالجيم والزاي أي موسى ( بكى.
قيل)
ولأبي ذر فقيل وفي نسخة قال: ( له ما يبكيك؟) يا موسى ( قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن) ولأبي ذر عن الكشميهني أكثر ممن ( يدخلها من أمتي) ليس بكاؤه حسدًا حاشاه الله بل أسفًا على ما فاته من الأجر المترتب عليه رفع درجته بسبب ما حصل من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزم ذلك لنقص أجره لأن لكل نبي مثل أجر جميع من اتبعه، وقوله غلام مراده به أنه صغير السن بالنسبة إليه، وقد أنعم الله عليه بما لم ينعم به عليه مع طول عمره ( ثم صعد بي) جبريل ( إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل.
قيل: من هذا؟ قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟ قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا إبراهيم)
الخليل ( قال) جبريل ( هذا أبوك) إبراهيم ( فسلّم عليه قال: فسلمت عليه فرد السلام قال) : وفي نسخة فقال: ولأبي ذر ثم قال: ( مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح) .
وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض.
وأجيب: بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم أو أحضرت أجسادهم لملاقاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلك الليلة تشريفًا له وتكريمًا ( ثم رفعت لي) أي لأجلي بضم الراء
وكسر الفاء وفتح العين المهملة وتسكين الفوقية ( سدرة المنتهى) التي ينتهي إليها ما يعرج من الأرض فيقبض منها، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ثم رفعت بسكون العين وضم الفوقية وإلى الجارة وسدرة جرّ بها وجمع بين الروايتين بأنه رفع إليها وظهرت له كل الظهور حتى اطلع عليها كل الاطّلاع ( فإذا نبقها) بكسر الموحدة ثمر السدرة ( مثل قلال هجر) بكسر القاف وهجر بفتح الهاء والجيم اسم بلد لا ينصرف للعلمية والتأنيث ومراده أن ثمرها في الكبر كالجرار التي تصنع بها وكانت معروفة عند المخاطبين، فلذا وقع التمثيل بها، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثل قلال الهجر بالتعريف ( وإذا ورقها مثل آذان الفيلة) بكسر الفاء وفتح التحتية جمع فيل وقول الزركشي بفتح الفاء والياء تعقبه في المصابيح بأنه سهو ( قال) لي جبريل: ( هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار) تخرج من أصلها ( نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران) يجريان ( في الجنة) ويجريان من أصل سدرة المنتهى ثم يسيران حيث يشاء الله ثم ينزلان إلى الأرض ثم يسيران فيها وقال مقاتل: الباطنان السلسبيل والكوثر ( وأما الظاهران فالنيل) نهر مصر ( والفرات) بالمثناة الفوقية خطأ وصلاً ووقفًا لا بالهاء نهر بغداد ( ثم رفع لي البيت المعمور) زاد الكشميهني يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، وزاد في بدء الخلق: إذا خرجوا لم يعودوا ( ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن) فشربت منه ( فقال) جبريل: ( هي الفطرة) الإسلامية ( أنت) ولأبي ذر التي أنت ( عليها وأمتك) وفي الأشربة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ولو أخذت الخمر لغوت أمتك.
وعند البيهقي عن أنس: ولو شربت الماء غرقت وغرقت أمتك.
وفي مسلم أن إتيانه بالآنية كان ببيت المقدس قبل المعراج، ويحتمل أن الآنية عرضت عليه مرتين مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس ومرة عند وصوله إلى سدرة المنتهى.

( ثم فرضت) بالبناء للمفعول ( عليّ الصلوات) بالجمع ولأبي ذر الصلاة ( خمسون صلاة كل يوم) وزاد في الصلاة ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام قال ابن حزم وفي رواية أنس بن مالك قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة ( فرجعت فمررت على موسى فقال: بما) ولأبي ذر بم ( أمرت؟) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( قال) نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قلت له: ( أمرت بخمسين صلاة كل يوم) وليلة ( قال) موسى عليه السلام: ( إن أمتك لا تستطيع) أن تصلي ( خمسين صلاة كل يوم) وليلة ( وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك) قال عليه الصلاة والسلام: ( فرجعت) إلى ربي ( فوضع عني عشرًا) من الخمسين ( فرجعت إلى موسى) فأخبرته ( فقال: مثله) إن أمتك لا تستطيع الخ ( فرجعت فوضع عني عشرًا) من الأربعين ( فرجعت إلى موسى) ( فقال: مثله) ( فرجعت فوضع عني عشرًا) من الثلاثين ( فرجعت إلى موسى) ( فقال: مثله) ( فرجعت فأمرت بعشر صلوات) بالإضافة وفي اليونينية بعشر بالتنوين ( كل يوم) وليلة ( فرجعت) إلى موسى سقط لفظ فرجعت لأبي ذر وإلى موسى للكل ( فقال) موسى: ( مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم) وليلة ( فرجعت إلى موسى فقال: بما) بألف بعد الميم ولأبي ذر بم ( أمرت؟ قلت) ( أمرت بخمس
صلوات كل يوم)
( قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال) : عليه الصلاة والسلام فقلت له: ( سألت ربي حتى استحييت) فلا أرجع فإني إن رجعت صرت غير راض ولا مسلم ( ولكن) ولأبي ذر عن الكشميهني: ولكني ( أرضى وأسلم) ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فلما جاوزت ناداني مناد) والذي في اليونينية نادى مناد ( أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي) وهذا من أقوى ما يستدل به على أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمه ربه ليلة الإسراء بغير واسطة كما قاله في الفتح.




[ قــ :3709 ... غــ : 3888 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
قَالَ: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ".
[الحديث 3888 - طرفاه في: 4716، 6613] .

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو) بفتح العين ابن دينار ( عن عكرمة) مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في) تفسير ( قوله تعالى: { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} [الإسراء: 60] قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة أسري به إلى بيت المقدس) وبذلك تمسك من قال: كان الإسراء في المنام، ومن قال: كان في اليقظة فسر الرؤيا بالرؤية من قوله أريها ليلة أسري به، والإسراء إنما كان في اليقظة لأنه لو كان منامًا ما كذبته قريش فيه وإذا كان ذلك في اليقظة، وكان المعراج في تلك الليلة لزم أن يكون في اليقظة أيضًا إذ لم يقل أحد أنه نام لما وصل إلى بيت المقدس ثم عرج به وهو نائم وإنما كان في اليقظة فإضافة الرؤيا إلى العين للاحتراز عن رؤيا القلب ( قال) ابن عباس -رضي الله عنهما-: ( والشجرة الملعونة في القرآن قال: هي شجرة الزقوم) واختاره ابن جرير قال: لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرة.

فإن قلت: ليس في القرآن ذكر لعن شجرة الزقوم.
أجيب: بأن المعنى والشجرة الملعون آكلوها وهم الكفار لأنه قال: { فإنهم لآكلون منها فمالؤون منها البطون} [الصافات: 66] فوصفت بلعن أهلها على المجاز ولأن العرب تقول: لكل طعام مكروه وضار ملعون ولأن اللعن هو الإبعاد من الرحمة وهي في أصل الجحيم في أبعد مكان من الرحمة.