فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة


[ قــ :3727 ... غــ : 3907 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَفَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها- "صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَا الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ لأَبِي: مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلاَّ نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ.
فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ".
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاس: "أسماءُ ذَاتَ النِّطَاق".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( عبد الله بن أبي شيبة) نسبه لجده واسم أبيه محمد قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير
( وفاطمة) بنت المنذر بن الزبير ( عن أسماء) بنت أبي بكر ( -رضي الله عنهما-) وعنه أنها ( صنعت سفرة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر) أبيها ( حين أراد المدينة) في الهجرة ( فقلت لأبي) أبي بكر -رضي الله عنه- ( ما أجد شيئًا أربطه) به بكسر الموحدة أي الظرف أو رأس السفرة نهو على تقدير حذف مضاف ( إلاّ نطاقي) بكسر القاف وتخفيف التحتية ( قال) أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - ( فشقيه) باثنتين ( ففعلت) ما أمرني به أبي من الشق ( فسميت) بضم السين المهملة وكسر الميم المشددة ( ذات النطاقين) وقد مرّ هذا الحديث في باب حمل الزاد في الغزو من كتاب الجهاد.

( وقال: ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أسماء ذات النطاق) بالإفراد وهذا وصله في سورة براءة وهو ثابت هنا لأبي ذر.




[ قــ :378 ... غــ : 3908 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ قَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكَ، فَدَعَا لَهُ، قَالَ فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة أبو بكر بندار العبدي قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو السبيعي أنه ( قال: سمعت البراء) بن عازب ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لما أقبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الغار ( إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والمعجمة بينهما مهملة ساكنة الكناني أسلم بعد الطائف ( فدعا عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فساخت) بالخاء المعجمة غاصت ( به فرسه قال) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( ادع الله لي ولا أضرك) ولأبي ذر ولا أضرّ بك بزيادة حرف الجر قبل الكاف ( فدعا له) عليه الصلاة والسلام ( قال: فعطش رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمر براع قال) : ولأبي ذر فقال: ( أبو بكر) -رضي الله عنه- زاد في اللقطة فانطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه فقلت: لمن أنت؟ قال: لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن.
فقال: نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ( فأخدت قدحًا فحلبت فيه كثبة) بضم الكاف وسكون المثلثة قليلاً ( من لبن فأتيته) عليه الصلاة والسلام ( فشرب) منه ( حتى رضيت) .




[ قــ :379 ... غــ : 3909 ]
- حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ".

تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها- "أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْيَ حُبْلَى".
[الحديث 3909 - طرفه في: 5469] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( زكريا بن يحيى) بن صالح اللؤلؤي البلخي الحافظ ( عن أبي أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق ( -رضي الله عنها-) وعن أبيها ( أنها حملت بعبد الله بن الزبير) بن العوّام -رضي الله عنه- بمكة ( قالت: فخرجت) من مكة مهاجرة إلى المدينة ( وأنا متم) بضم الميم الأولى وكسر الفوقية وتشديد الميم أي والحال أني قد أتممت مدة الحمل الغالبة وهي تسعة أشهر ( فأتيت المدينة فنزلت بقباء) بالصرف ( فولدته بقباء ثم أتيت به) بعبد الله ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالمدينة ( فوضعته) بسكون العين ولأبي ذر فوضعه عليه الصلاة والسلام ( في حجره) بفتح الحاء المهملة ( ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل) بالفوقية والفاء رمى من ريقه ( في فيه) في فَي عبد الله ( فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم حنكه) بحاء مهملة ونون مشدّدة وكاف مفتوحات ( بتمرة) بالفوقية وسكون الميم كالسابقة بأن مضغها ودَلَّكَ بها حنكه ( ثم دعا له وبرك عليه) بفتح الموحدة والراء المشددة بأن قال: بارك الله فيك أو اللهم بارك فيه ( وكان) عبد الله ( أول مولود ولد في الإسلام) من المهاجرين، وفي بعض النسخ يعني بالمدينة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في العقيقة ومسلم في الاستئذان.

( تابعه) أي تابع زكريا بن يحيى ( خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة القطواني ( عن علي بن مسهر) قاضي الموصل ( عن هشام عن أبيه) عروة -رضي الله عنه- ( عن أسماء -رضي الله عنها- هاجرت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي حبلى) وعند الإسماعيلي مما وصله وهي حبل بعبد الله فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحوه وفي آخره وسماه عبد الله.




[ قــ :3730 ... غــ : 3910 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمْرَةً فَلاَكَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد ( عن أبي أسامة) حماد ( عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: أوّل مولود ولد في الإسلام) من المهاجرين بالمدينة ( عبد الله بن الزبير أتوا) أمه ومن معها ( به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تمرة فلاكها) مضغها عليه الصلاة والسلام ( ثم أدخلها في فيه) في فم عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- ( فأوّل ما دخل بطنه ريق النبي) ولأبي ذر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :3731 ... غــ : 3911 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ.
قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ.
فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ؛ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ.
قَالَ: فَقِفْ مَكَانَكَ، لاَ تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا.
قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ.
فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.
فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلاَحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ.
فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ وَهْوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهْيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي.
قَالَ فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً.
قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ.
فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ.
فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا.
قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ -قَالُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ- قَالَ: فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا.
قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟ قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ.
قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟ قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ.
قَالَ: يَا ابْنَ سَلاَمٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ.
فَخَرَجَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ.
فَقَالُوا: كَذَبْتَ.
فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد) هو ابن سلام أو ابن المثنى قال: (حدّثنا عبد الصمد) قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (أبي) عبد الوارث بن سعيد البصري قال: (حدّثنا عبد العزيز بن صهيب) مصغرًا قال: (حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أقبل نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
من مكة (إلى المدينة وهو مردف أبا بكر) -رضي الله عنه- خلفه على الراحلة التي هو عليها (وأبو بكر شيخ) قد أسرع إليه الشيب في لحيته الكريمة (يعرف) لتردّده إليهم للتجارة (ونبي الله) ولأبي ذر والنبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاب) ليس في لحيته الشريفة شيب، وكان أسن من الصديق -رضي الله عنه- (لا يعرف) لعدم تردّده إليهم (قال: فيلقى الرجل أبا بكر) -رضي الله عنه- في الانتقال من بني عمرو (فيقول) له: (يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول) له: (هذا الرجل يهديني) ولأبي ذر الذي يهديني (السبيل قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق وإنما يعني) أبو بكر -رضي الله عنه- (سبيل الخير فالتفت أبو بكر) -رضي الله عنه- (فإذا هو بفارس) هو سراقة (قد لحقهم فقال: يا رسول الله هذا فارس قد لحق بنا فالتفت نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال): (اللهم اصرعه) (فصرعه الفرس) ولأبي ذر فصرعه فرسه (ثم قامت تحمحم) بحائين مهملتين وميمين أي تصوّت وذكر في قوله فصرعه باعتبار لفظ الفرس وأنث في قوله قامت باعتبار ما في نفس الأمر من أنها كانت أنثى قاله ابن حجر، وقال العيني، قال أهل اللغة: ومنهم الجوهري الفرس يقع على الذكر والأنثى ولم يقل أحد أنه يذكر باعتبار لفظه ويؤنث باعتبار أنها كانت في نفس الأمر أنثى (فقال) سراقة: (يا نبي الله مرني بم) بغير ألف ولأبي ذر بما (شئت.
فقال) عليه الصلاة والسلام له: (فقف مكانك لا تتركن أحدًا يلحق بنا) قال في الكواكب: هو كقوله لا تدن من الأسد تهلك وهو ظاهر على مذهب الكسائي قال في العمدة: هذا المثال غير صحيح عند غير الكسائي لأن فيه فساد المعنى لأن انتفاء الدنوّ ليس سببًا للهلاك والكسائي يجوز هذا لأنه يقدر الشرط إيجابيًّا في قوّة إن دنوت من الأسد تهلك (قال: فكان) سراقة (أوّل النهار جاهدًا على نبيّ الله وكان آخر النهار مسلحة له) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح اللام والحاء المهملة أي يدفع عنه الأذى بمثابة السلاح (فنزل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جانب الحرة) بفتح الحاء المهملة والراء المشدّدة فأقام بقباء المدة التي أقامها وبنى بها المسجد (ثم بعث) عليه الصلاة والسلام (إلى الأنصار) فطوي في هذا الحديث قامته عليه الصلاة والسلام بقباء (فجاؤوا إلى نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) إلى (أبي بكر) - رضي الله تعالى عنه - وثبت قوله وأبي بكر لأبي ذر وحده (فسلموا عليهما وقالوا: اركبا) حال كونكما آمنين) حال كونكما (مطاعين) بفتح النون والعين بلفظ التثنية فيهما وفي الفرع بكسرهما بلفظ الجمع وكشط فوقهما والأول أوجه على ما لا يخفى (فركب نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر) -رضي الله عنه- (وحفوا) بالحاء المهملة المفتوحة والفاء المشدّدة أحدقوا أي الأنصار (دونهما بالسلاح فقيل في المدينة: جاء نبي الله جاء نبي الله) مرتين (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأشرفوا ينظرون) إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ويقولون جاء نبي الله) مرة واحدة كما في الفرع والذي في اليونينية والناصرية جاء نبي الله مرتين (فأقبل) عليه الصلاة والسلام (يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب) الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - (فإنه) عليه الصلاة والسلام (ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام) بتخفيف لام ابن سلام الإسرائيلي من حلفاء بني عوف بن الخزرج (وهو) أي والحال أنه (في نخل لأهله يخترف) بالخاء المعجمة والفاء يجتني (لهم) من الثمار (فعجل) بكسر الجيم مخففة استعجل (أن يضع) ولأبي ذر عن الحموي
والكشميهني أن يضم (الذي يخترف لهم) لأهله (فيها) أي في النخل (فجاء) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وهي) أي والحال أن الثمرة التي اجتناها (معه فسمع من نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الترمذي أنه أول ما سمع من كلامه أن قال: أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (ثم رجع إلى أهله.
فقال نبي الله) ولأبي ذر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أي بيوت أهلنا) أقارب والدة عبد المطلب سلمى بنت عمرو من بني مالك بن النجار (أقرب فقال أبو أيوب) الأنصاري -رضي الله عنه- (أنا يا نبي الله هذه داري وهذا بابي قال) عليه الصلاة والسلام: (فانطلق) فهيئ لنا دارك (فهيئ) بسكون الهاء في الفرع والذي في اليونينية بفتحها وتشديد التحتية بعدها همزة ساكنة (لنا مقيلاً) بفتح الميم وكسر القاف أي مكانًا نقيل فيه والمقيل النوم نصف النهار وقال الأزهري: القيلولة والمقيل الاستراحة نصف النهار معها نوم أو لا قال بدليل قوله تعالى: { وأحسن مقيلاً} [الفرقان: 4] والجنة لا نوم فيها (قال) أبو أيوب -رضي الله عنه-: (قومًا على بركة الله تعالى فلما جاء نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى منزل أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- تعالى عنه (جاء عبد الله بن سلام) إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زاد في رواية حميد الآتية إن شاء الله قبل المغازي فقال: إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أوّل أشراط الساعة، وما أوّل طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فذكر له جواب مسائله.
(فقال: أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ) بتشديد التحتية فيهما (فأرسل نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى اليهود (فأقبلوا فدخلوا عليه) عليه الصلاة والسلام بعد أن خبأ لهم عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- (فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًّا وأني جئتكم بحق فأسلموا) بهمزة قطع وكسر اللام (قالوا): منكرين ذلك (ما نعلمه قالوا للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالها ثلاث مرار قال) عليه الصلاة والسلام (فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام) (قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال) عليه الصلاة والسلام لهم (أفرأيتم) أي أخبروني (إن أسلم) عبد الله (قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم) بضم التحتية وكسر اللام (قال) عليه السلام (أفرأيتم إن أسلم قالوا: حاشى لله) ولأبي ذر حاش لله (ما كان ليسلم.
قال: أفرأيتم إن أسلم قالوا: حاشى لله) ولأبي ذر حاشى لله (ما كان ليسلم) كررت ثلاثًا (قال) عليه الصلاة والسلام: (يا ابن سلام اخرج عليهم فخرج فقال: يا معشر اليهود اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه جاء بحق) ولأبي ذر عن الكشميهني بالحق (فقالوا له: كذبت فأخرجهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من عنده.




[ قــ :373 ... غــ : 391 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ -يَعْنِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ فَرَضَ
لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ.
فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ.
يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( إيراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( عن ابن جريج) عبد الملك أنه ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( عبيد الله) مصغرًا ( ابن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ( عن نافع) مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- ( يعني عن ابن عمر عن) أبيه ( عمر بن الخطاب) ولأبي ذر عن نافع عن عمر بن الخطاب فأسقط يعني عن ابن عمر وفيها انقطاع لأن نافعًا لم يدرك عمر ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كان) عمر -رضي الله عنه- ( فرض) عين ( للمهاجرين الأولين) في بيت المال ( أربعة آلاف في أربعة) أي أربعة آلاف في أربعة آلاف في أربعة أعوام ( وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له) لعمر -رضي الله عنه- ( هو) أي ابن عمر ( من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف) خمسمائة ( قال) عمر -رضي الله عنه-: ( إنما هاجر به أبواه) وكان عمره حينئذٍ إحدى عشرة سنة وأشهرًا ( يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه) .




[ قــ :3733 ... غــ : 3913 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ::"هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... " ح.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة قال: ( أخبرنا سفيان) بن عيينة ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن خباب) بالخاء المعجمة والموحدة الأولى المشدّدة ابن الأرت التميمي من السابقين إلى الإسلام أنه ( قال: هاجرنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :3733 ... غــ : 3914 ]
- وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ؛ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُغْطِيَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ.
وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا".

وبه قال: ( ح حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن الأعمش) سليمان أنه ( قال: سمعت) أبا وائل ( شقيق بن سلمة.
قال: حدّثنا خباب)
-رضي الله عنه- ( قال: هاجرنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بإذنه لأنه لم يهاجر معه إلا أبو بكر -رضي الله عنه- وعامر بن فهيرة ( نبتغي) نطلب ( وجه الله) تعالى ( ووجب) أي ثبت ( أجرنا على الله فمنا من مضى) مات ( لم يأكل من أجره) من الغنائم ( شيئًا منهم مصعب بن عمير) بضم العين مصغرًا
( قتل يوم) وقعة ( أحد فلم نجد شيئًا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه) لقصرها ( فإذا) بالفاء، ولأبي ذر: وإذا ( غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نغطي) بفتح الغين المعجمة وتشديد الطاء مكسورة في الفرع وفي أصله بسكون الغين وكسر الطاء مخففة ( رأسه بها ونجعل على رجليه من اذخر) الذال والخاء المعجمتين نبت حجازي طيب الرائحة ( ومنا من أينعت) بالتحتية والنون أدركت ونضجت ( له تمرته فهو يهدبها) بكسر الدال مصححًا عليه في الفرع ويجوز الضم والفتح أي يجتنيها.

وهذا الحديث سبق في الجنائز وعن قريب.




[ قــ :3734 ... غــ : 3915 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ قَالَ: "قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لأَبِيكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَإِنَّ أَبِي قَالَ لأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ وَجِهَادُنَا مَعَهُ وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ؟ فَقَالَ أَبِي: لاَ وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّيْنَا وَصُمْنَا وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبِي: لَكِنِّي أَنَا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا وَأَنَّ كُلَّ شَىْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ.
فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة أبو زكريا البلخي قال: ( حدّثنا روح) بفتح الراء ابن عبادة بضم العين قال: ( حدّثنا عوف) بفتح العين الإعرابي ( عن معاوية بن قرّة) بضم القاف وفتح الراء المشددة أنه ( قال: حدّثنا) بالإفراد ( أبو بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر ( بن أبي موسى) عبد الله ( الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- ( هل تدري ما قال أبي) عمر ( لأبيك؟) أبي موسى ( قال: قلت لا) .
أدري ( قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه برد) بفتح الموحدة والراء والدال المهملة ثبت وسلم ( لنا وإن كل عمل عملناه) بفتع الميم في الأول وكسرها في الثاني ( بعده نجونا منه) بالجيم وسكون الواو ( كفافًا رأسًا برأس) قاله عمر -رضي الله عنه- هضمًا لنفسه أو لما رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير في كل خير يعمله ( فقال) : ولأبي ذر قال ( أبي) الصواب ما في رواية النسفيّ فقال أبوك لأن ابن عمر يخاطب أبا بردة ويعلمه أن أباه موسى قال: ( لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصلينا وصمنا وعملنا خيرًا كثيرًا وأسلم على أيدينا بشر كثير) بالمثلثة ( وإنا لنرجو ذلك، فقال أبي) عمر ( لكني أنا والذي نفس عمر بيده لولدت أن ذلك برد) بفتحات سلم ( لنا وأن كل شيء عملناه) سقط ضمير النصب لأبي ذر ( بعد نجونا منه كفافًا رأسًا برأس) قال أبو بردة ( فقلت) لابن عمر ( إن أباك) عمر ( والله خير من أبي) أبي موسى لأن مقام الخوف أفضل من مقام الرجاء.




[ قــ :3735 ... غــ : 3916 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ -أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: "سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ.
قَالَ: وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْنَاهُ قَائِلاً فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِي عُمَرُ.

     وَقَالَ : اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ؟ فَأَتَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعْتُهُ".
[الحديث 3916 - طرفاه في: 4186، 4187] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن صباح) بتشديد الموحدة البزاز بمعجمتين قال: المؤلّف ( أو بلغني عنه) عن محمد بن صابح عباد بن الوليد الغبري بضم الغين المعجمة وفتح الموحدة وقد روى المؤلّف عن محمد بن صباح في الصلاة والبيوع جازمًا بغير واسطة قال: ( حدّثنا إسماعيل) ابن علية ( عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول ( عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن ملّ النهدي أنه ( قال: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا قبل له) أنه ( هاجر قبل أبيه يغضب) لما فيه من رفعته على أبيه وتنافسه ( قال) ابن عمر: ( وقدمت أنا و) أبي ( عمر على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عند البيعة قال في الفتح: ولعلها بيعة الرضوان ( فوجدناه قائلاً) نائمًا في القائلة ( فرجعنا إلى المنزل فأرسلني عمر) -رضي الله عنه- إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وقال) : ولأبي ذر فقال ( اذهب فانظر هل استيقظ) عليه الصلاة والسلام من نومه ( فأتيته) عليه الصلاة والسلام ( فدخلت عليه فبايعته ثم انطلقت إلى عمر فأخبرنه أنه قد استيقظ فانطلقنا إليه) زاده الله شرفًا لديه حال كوننا ( تهرول هرولة حتى دخل) عمر ( عليه فبايعه ثم بايعته) ثانيًا وزعم الداودي أن هذه البيعة كانت عند قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة في الهجرة.

واستبعد لأن ابن عمر لم يكن إذ ذاك في سن من يبايع وقد عرض على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك بثلاث سنين يوم أُحُد فلم يجزه، فيحتمل أن تكون البيعة هذه على غير قتال، وإنما ذكرها ابن عمر ليبين سبب وهم من قال: إنه ممن هاجر قبل أبيه وإنما الذي وقع له أنه بايع قبل أبيه فتوهم بعضهم أن هجرته كانت قبل هجرة أبيه وليس كذلك حكاه في الفتح عن الداودي.