فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حديث بني النضير، ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم

باب حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ وَمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ} [الحشر: 2] .
وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ.

( باب حديث بني النضير) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وادعهم على أن لا يحاربهم ( ومخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجر مخرج عطفًا على المجرور السابق بالإضافة، وسقط لأبي ذر لفظ باب فتاليه مرفوع ومخرج معطوف عليه وهو مصدر ميمي أي وخروجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إليهم) أي إلى بني النضير ليستعينهم ( في ديّة الرجلين) العامريين اللذين كانا قد خرجا من المدينة معهما عقد وعهد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصادفهما عمرو بن أمية الضمري وكان عامر بن الطفيل أعتقه لما قتل أهل بئر معونة عن رقبة كانت عن أمه ولم يشعر عمرو أن مع العامريين العقد المذكور فقال لهما: ممن أنتما؟ فذكرا له أنهما من بني عامر فتركهما حتى ناما فقتلهما، وظن أنه ظفر ببعض ثأر أصحابه فأخبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك فقال: لقد قتلت قتيلين لأودينهما وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف ( وما أرادوا) أي بنو النضير ( من الغدر برسول الله) ولأبي ذر بالنبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وذلك أنه لما أتاهم عليه الصلاة والسلام قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك ثم خلا بعضهم ببعض وأجمعوا على اغتياله عليه الصلاة والسلام بأن يلقوا عليه رحى فأخبره جبريل بذلك فرجع إلى المدينة وأمر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.

( قال) : ولأبي ذر وقال ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب مما وصله عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري ( عن عروة بن الزبير) أنه قال: ( كانت) غزوة بني النضير ( على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل وقعة أُحُد وقول الله تعالى) بالجر أو بالرفع عطفًا على مخرج ( { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب} ) يعني يهود بني النضير ( { من ديارهم} ) بالمدينة ( { لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا} ) [الحشر: 2] اللام تتعلق بأخرج وهي كاللام في قوله
تعالى: { يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر: 24] وقوله: جئت لوقت كذا أي أخرج الذين كفروا عند أول الحشر، ومعنى أول الحشر أن هذا أول حشرهم إلى الشأم، وهم أول من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام وهذا أول حشرهم وآخر حشرهم إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام، أو آخر حشرهم يوم القيامة.
وسقط قوله: لأول الحشر من الفرع بإصلاح على كشط، وثبت في أصله وغيره كقوله: ما ظننتم أن يخرجوا.
( وجعله) أي قتال بني النضير ( ابن إسحاق) محمد ( بعد بئر معونة) في صفر سنة أربع من الهجرة ( و) غزوة ( أُحُد) .


[ قــ :3834 ... غــ : 4028 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَضْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد ( إسحاق بن نصر) هو ابن إبراهيم ونسبه إلى جده المروزي نزيل بخارى قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: ( أخبرني ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز المكي ( عن موسى بن عقبة) الأسدي صاحب المغازي ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنّه ( قال: حاربت النضير وقريظة) بالظاء المعجمة المشالة أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالمفعول محذوف، ولأبي ذر: قريظة والنضير بالتقديم والتأخير ( فأجلى) بهمزة مفتوحة وجيم ساكنة فلام مفتوحة أي فأخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بني النضير) من أوطانهم مع أهلهم وأولادهم ( وأقرّ قريظة) في منازلهم ( ومنّ عليهم) ولم يأخذ منهم شيئًا ( حتى حاربت) أي إلى أن حاربته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قريظة) فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين) بعد أن أخرج الخُمس فأعطى الفارس ثلاثة أسهم وكانت الخيل سنة وثلاثين ( إلا بعضهم) أي بعض قريظة ( لحقوا بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فآمنهم) بمدّ الهمزة وتخفيف الميم أي جعلهم آمنين، ولأبي ذر: فأمنهم بتشديد الميم والقصر ( وأسلموا وأجلى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يهود المدينة كلهم بني قينقاع) بقافين مفتوحتين بينهما تحتية ساكنة فنون مضمومة وتكسر وتفتح وبعد الألف عين مهملة ( وهم رهط عبد الله بن سلام) بالتخفيف ( ويهود بني حارثة) بنصب يهود عطفًا على السابق ( و) أجلى ( كل يهود المدينة) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وكل يهودي بالمدينة بتحتية بعد الدال ثم موحدة ولأبي ذر وكل يهود بتنوين الدال.




[ قــ :3835 ... غــ : 409 ]
- حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:.

قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ تَابَعَهُ هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ.
[الحديث 409 - أطرافه في 4645، 488، 4883] .

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( الحسن بن مدرك) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر الراء البصري الطحان قال: ( حدّثنا يحيى بن حماد) بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم الشيباني البصري قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية إياش اليشكري الواسطي ( عن سعيد بن جبير) أنه ( قال: قلت لابن عباس) -رضي الله عنهما- ( سورة الحشر؟ قال: قل سورة النضير) لأنها أنزلت فيهم وذكر الله فيها الذي أصابهم من النقمة، كذا رواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس ( تابعه) أي تابع أبا عوانة ( هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير الواسطي ( عن أبي بشر) وهذه المتابعة وصلها المؤلّف في التفسير.




[ قــ :3836 ... غــ : 4030 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد بن الأسود أبو بكر البصري الحافظ ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي قال: ( حدّثنا معتمر) بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الفوقية وكسر الميم بعدها راء ( عن أبيه) سليمان بن طرخان البصري أنه قال: ( سمعت أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - قال: كان رجل) من الأنصار ( يجعل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النخلات) من نخله هدية ليصرفها في نوائبه ( حتى افتتح قريظة و) أجلى ( النضير فكان بعد ذلك يردّ عليهم) نخلاتهم.

وسبق هذا الحديث في باب كيف قسّم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قريظة والنضير من الخُمس بغير هذا الإسناد ويأتي إن شاء الله تعالى بأتم من هذا السياق في أول غزوة بني قريظة بعون الله تعالى.




[ قــ :3837 ... غــ : 4031 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهْيَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5] .

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: حرق) بتشديد الراء ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نخل بني النضير) ولغير أبي ذر عن الكشميهني كما في الفتح واليونينية نخل النضير بإسقاط بني ( وقطع) الأشجار وفيه جواز قطع شجر الكفار وإحراقه، وبه قال عبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى ابن عمر ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق والجمهور قاله النووي في شرح مسلم.
( وهو البويرة) بضم الموحدة وفتح الواو وسكون التحتية وفتح الراء بعدها هاء تأنيث موضع نخل بني النضير بقرب المدينة الشريفة ( فنزل: { ما قطعتم من لينة} ) هو بيان لما قطعتم ومحل ما نصب
بقطعتم كأنه قيل أي شيء قطعتم وأنت الضمير العائد إلى ما في قوله: ( { أو تركتموها} ) لأنه في معنى اللينة واللينة هي أنواع التمر كلها إلا العجوة وقيل كرام النخل وقيل كل الأشجار للينها وأنواع نخل المدينة مائة وعشرون نوعًا وياء اللينة عن واو قلبت لكسر ما قبلها ( { قائمة على أصولها فبإذن الله} ) [الحشر: 5] .
قطعها وتركها بمشيئته.




[ قــ :3838 ... غــ : 403 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ قَالَ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
قَالَ: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ:
أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ
سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( إسحاق) هو ابن منصور المروزي أو هو ابن راهويه قال: ( أخبرنا حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة ابن هلال الباهلي قال: ( أخبرنا جويرية بن أسماء) بالجيم مصغر جارية ابن عبيد الضبعي البصري ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حرّق نخل بني النضير قال) ابن عمر -رضي الله عنهما-: ( ولها) أي البويرة ( يقول حسان بن ثابث) : شاعر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وهان) ولأبي ذر عن الكشميهني: لهان باللام بدل الواو ( على سراة بني لؤيّ) بفتح السين المهملة ولؤيّ بضم اللام وفتح الهمزة وتشديد التحتية أي هان على ساداتهم قريش وأكابرهم ( حريق بالبويرة مستطير) أي منتشر.
قال في التوضيح: هو من بحر الوافر دخل الجزء الأول منه العضب فهو على زنة مفتعلن ( قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث) ابن عم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله: ( أدام الله ذلك) التحريق ( من صنيع .. وحرق في نواحيها) المدينة وغيرها من مواضع أهل الإسلام ( السعير) فهو دعاء على المسلمين لا لهم لأنه كان كافرًا إذ ذاك ( ستعلم أيّنا منها) من البويرة ( بنزه) بضم النون وسكون الزاي أي ببعد من الشيء وزنًا ومعنى وقد تفتح النون ( وتعلم أيّ) بالنصب ( أرضينا) بلفظ الجمع في اليونينية وغيرها وفي الفرع بفتح الضاد على التثنية أي المدينة التي هي دار الإيمان أو مكة التي كانت بها الكفار ( تضير) بفتح الفوقية وكسر الضاد المعجمة من الضير أي تتضرر بذلك.




[ قــ :3839 ... غــ : 4033 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَأَدْخِلْهُمْ فَلَبِثَ قَلِيلاً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مالِ بَنِي النَّضِيرِ فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ فَقَالَ الرَّهْطُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ.
قَالَ فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: { وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} إِلَى قَوْلِهِ: { قَدِيرٌ} [الحشر: 6] فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيَاتَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ.

     وَقَالَ : تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَمِلَ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ، بَارٌّ، رَاشِدٌ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ فَجِئْتَنِي يَعْنِي عَبَّاسًا فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا.

قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِي فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالتوحيد ولأبي ذر: أخبرنا (مالك بن أوس بن الحدثان) بالمثلثة والحركات (النصري) بالنون والصاد المهملة (أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دعاه) في قصة فدك في أول كتاب الخُمس قال مالك: بينما أنا جالس في أهلي حين منع النهار إذا رسول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يأتيني فقال: أجِب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم جلست فقال: يا رمال إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت له غيري قال: فاقبضه
أيها المرء فبينما أنا جالس عنده (إذ جاءه حاجبه يرفأ) بفتح التحتية والفاء بينهما راء ساكنة مقصورًا (فقال له: هل لك) رغبة (في) دخول (عثمان) بن عفان (وعبد الرحمن) بن عوف (والزبير) بن العوام (وسعد) بسكون العين ابن أبي وقاص فإنهم (يستأذنون) في الدخول عليك (فقال) عمر، ولأبوي ذر والوقت: قال (نعم فأدخلهم) بكسر الخاء بلفظ الأمر (فلبث قليلاً) زاد في الخُمس فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفأ يسيرًا (ثم جاء فقال: هل لك) رغبة (في) دخول (عباس وعلي) فإنهما (يستأذنان) في الدخول عليك (قال: نعم فلما دخلا) وسلّما (قال عباس: يا أمير المؤمنين اقضِ بيني وبين هذا) علي بن أبي طالب (وما يختصمان) يتنازعان ويتجادلان (في الذي) ولأبي ذر عن الكشميهني: التي (أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مال بني النضير) أي جعله له فيئًا خاصة مما لم يوجف على تحصيله منهم بخيل ولا ركاب وسقطت التصلية لأبي ذر (فاستب) بتشديد الموحدة (عليّ وعباس) في غير محرم بل من قبيل العتب ونحوه (فقال الرهط): زاد في الخُمس عثمان وأصحابه (يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح) بهمزة مفتوحة وراء مكسورة فحاء مهملة من الإراحة (أحدهما من الآخر فقال عمر: اتئدوا) بتشديد الفوقية المفتوحة وهمزة مكسورة لا تعجلوا (أنشدكم) بفتح الهمزة وبالمعجمة أسألكم (بالله الذي بإذنه تقوم السماء) بغير عمد (والأرض) على الماء (هل تعلمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا نورث ما تركنا صدقة) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو ما والعائد محذوف أي الذي تركناه صدقة (يريد) عليه الصلاة والسلام (بذلك نفسه) الكريمة، وكذا غيره من الأنبياء بدليل آخر وهو قوله في حديث آخر: نحن معاشر الأنبياء لا نورث (قالوا): أي الرهط (قد قال) عليه الصلاة والسلام (ذلك.
فأقبل عمر على عليّ وعباس) -رضي الله عنهم- (فقال) لهما: (أنشدكما الله هل تعلمان أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد قال ذلك؟ قالا: نعم.
قال) لهما: (فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحانه كان خص رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (في) وفي نسخة: من (هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره فقال جل ذكره: { وما أفاء الله على رسوله منهم} ) من بني النضير ({ فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} ) ولا إبل (إلى قوله: { قدير} [الحشر: 6] .
فكانت هذه) بنو النضير (خالصة لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لا حق لأحد غيره فيها كما هو مذهب الجمهور، وعند الشافعية يخمس خمسة أخماس لآية الأنفال { واعلموا أنما غنمتم من شيء} [الأنفال: 41] .
فحمل المطلق على المقيد وقد كان عليه الصلاة والسلام يقسم له أربعة أخماسه وخُمس خمسه، ولكل من الأربعة المذكورين معه في الآية خمس خمس، وأما بعده فيصرف ما كان له من خُمس الخُمس لمصالحنا ومن الأخماس الأربعة للمرتزقة (ثم والله ما احتازها) بهمزة وصل وحاء مهملة وفوقية مفتوحة وزاي مفتوحة ما جمعها (دونكم ولا استأثرها) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: ولا استأثر بها أي ولا أستقل بها (عليكم لقد أعطاكموها) أي الأموال الفيء (وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها، فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينفق على أهله نفقة سنتهم) ولأبي ذر: سنته (من هذا المال ثم يأخذ ما بقي) منه (فيجعله مجعل مال الله) بفتح الميم وسكون الجيم في السلاح والكراع ومصالح المسلمين
(فعمل) بكسر الميم (ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حياته ثم توفي فقال أبو بكر) -رضي الله عنه-: (فأنا ولي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبضه) أي المال (أبو بكر فعمل فيه بما عمل به) وفي نسخة فيه (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنتم حينئذ فأقبل) عمر، ولأبوي ذر والوقت وأقبل (على عليّ وعباس وقال) لهما: (تذكران) بالتثنية.
واستشكل مع قوله: وأنتم حينئذ بالجمع لعدم المطابقة بين المبتدأ والخبر، وأجاب في الكواكب الدراري بأنه على مذهب من قال: إن أقل الجمع اثنان أو إن لفظ حينئذ خبره وتذكران ابتداء كلام قال: وفي بعضها أنتما تذكران (أن أبا بكر عمل فيه كما تقولان والله) عز وجل (يعلم أنه فيه لصادق بارّ) بتشديد الراء (راشد تابع للحق ثم توفى الله عز وجل أبا بكر) -رضي الله عنه- (فقلت: أنا ولي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي) بكسر الهمزة (أعمل) بفتح الميم (فيه بما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ما (عمل رسول الله) ولأبوي ذر والوقت فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر والله يعلم أني) بفتح الهمزة ولأبي ذر: إني بكسر الهمزة (فيه صادق) ولأبي ذر لصادق باللام في خبر إن (بار) عطوف ببره ولطفه (راشد) اسم فاعل من رشد يرشد رشدًا ورشد يرشد رشدًا والرشد خلاف الغيّ (تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسًا) ولا ينافي هذا قوله أولاً جئتماني بالتثنية لجواز أنهما جاءا معًا أولاً ثم جاء العباس وحده.
قاله الكرماني.

(فقلت لكما): وفي الخمس جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يريد عليا نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما: (إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا) ظهر (لي أن أدفعه إليكما) وجواب لما قوله (قلت) لكما: (إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان) بفتح الميم وتشديد النون في الفرع وأصله وفي غيرهما بالتخفيف (فيه بما عمل فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر) منذ وليه (وما عملت فيه مذ) بغير نون، ولأبي ذر: منذ (وليت) بفتح الواو وكسر اللام الخلافة (وإلاّ فلا تكلماني) في ذلك (فقلتما ادفعه إلينا بذلك) الذي كان يعمل به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فدفعته إليكما) على ذلك (أفتلتمسان) أي أفتطلبان (مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء) بغير عمد (والأرض) على الماء (لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إليّ) بحذف ضمير المفعول ولأبي ذر عن الكشميهني: فادفعاه إليّ (فأنا) بالفاء هو الذي في اليونينية وفي بعض الأصول وأنا (أكفيكماه) بفتح الهمزة وضم الكاف الثانية.




[ قــ :3839 ... غــ : 4034 ]
- قَالَ: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُولُ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْمَالِ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ قَالَ: فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ
عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنٍ بْنِ عَلِيِّ ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ وَهْيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا.

( قال) : أي الزهري ( فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس) فيما حدث به ( أنا سمعت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تقول: أرسل أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عثمان) بن عفان ( إلى أبي بكر) -رضي الله عنهما- ( يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( فكنت أنا أردهن فقلت لهن: ألا) بالتخفيف ( تتقين الله ألم تعلمن أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول: لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه إنما يأكل آل محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا المال) من جملة من يأكل منه لا أنه لهم بخصوصهم ( فانتهى أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ما أخبرتهن) بسكون الفوقية.

( قال) عروة: ( فكانت هذه الصدقة بيد عليّ) -رضي الله عنه- ( منعها عليّ عباسًا) -رضي الله عنهما- ( فغلبه عليها) بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها لا بتخصيص الحاصل بنفسه ( ثم كان) ذلك المال ( بيد حسن بن علي ثم بيد حسين بن علي ثم بيد علي بن حسين) مصغر، ولأبي ذر زيادة أل في حسن وحسين في المواضع الثلاثة ( و) بيد ( حسن بن حسن) بفتح الحاء فيهما ( كلاهما) أي علي بن حسين بن علي وحسن بن حسن بن علي وكل منهما ابن عم الآخر ( كانا يتداولانها) أي يتناوبان في التصرف في الصدقة المذكورة ( ثم) كانت ( بيد زيد بن حسن) بفتح الحاء أي ابن أخي الحسن المذكور ( وهي صدقة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقًّا) .

وهذا الحديث مرّ في باب فرض الخُمس.




[ قــ :3840 ... غــ : 4035 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ.




[ قــ :3840 ... غــ : 4036 ]
- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني (إبراهيم بن موسى) الرازي الفراء الصغير قال: (أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- أن فاطمة عليها السلام والعباس أتيا أبا بكر) -رضي الله عنهم- (يلتمسان) أي يطلبان (ميراثهما أرضه) عليه الصلاة والسلام (من فدك) بالصرف، ولأبي ذر: من فدك بعدمه وكانت له عليه الصلاة والسلام خاصة (وسهمه من خيبر)
وهو الخُمس (فقال) لهما (أبو بكر) -رضي الله عنه-: (سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(لا نورث ما تركنا صدقة) بالرفع خبر المبتدأ وهو ما تركنا، وسبق في الخُمس أن الإمامية حرّفوه فقالوا: لا يورث بالتحتية بدل النون وصدقة نصب على الحال وما تركنا مفعول لما لم يسم فاعله، فجعلوا المعنى أن ما يترك صدقة لا يورث فحرّفوا الكلام وأخرجوه عن نمط الاختصاص إذ آحاد الأمة إذ أوقفوا أموالهم وجعلوها صدقة انقطع حق الورثة عنها مع مزيد بحث لذلك فراجعه.
(إنما يأكل آل محمد في هذا المال) من جملة من يأكل منه أي يعطون منه ما يكفيهم لا على وجه الميراث، ثم اعتذر أبو بكر عن منعه القسمة بقوله: {والله لقرابة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي) ولا يلزم منه أن لا يصلهم ببره من جهة أخرى.

وتقدم هذا الحديث في أول الخُمس بدون قوله: والله لقرابة الخ ... قال في الفتح: وظاهره الإدراج، وقد بينه الإسماعيلي بلفظ: فتشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فوالله لقرابة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحب إليّ أن أصل من قرابتي.