فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة ذي قرد

باب غَزْوَةُ ذَاتِ قَرَدٍ وَهْيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ
( باب غزوة ذات قرد) بفتح القاف والراء، وحكي ضم القاف، ونسب للغويين والأول للمحدثين ماء على نحو بريد مما يلي غطفان، ولأبي ذر: ذي قرد مع سقوط الباب له ( وهي الغزوة التي أغاروا) فيها ( على لقاح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر اللام جمع لقحة وهي الناقة ذات اللبن كانت عشرين لقحة ( قبل خيبر بثلاث) من الليالي وعند ابن سعد كانت في ربيع الأول سنة ست قبل الحديبية فيحتمل أن يكون ما وقع في حديث سلمة بن الأكوع المروي عند مسلم بلفظ فرجعنا أي من الغزوة إلى المدينة فوالله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر من وهم بعض الرواة كما قاله القرطبي شارح مسلم.


[ قــ :3984 ... غــ : 4194 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ
الأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ.
قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ يَا صَبَاحَاهْ.
قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي وَكُنْتُ رَامِيًا وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ
وَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ» قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: ( حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة ابن إسماعيل ( عن يزيد بن أبي عبيد) مولى سلمة بن الأكوع أنه ( قال: سمعت سلمة بن الأكوع يقول: خرجت) من المدينة نحو الغابة ( قبل أن يؤذن) بفتح الذال المعجمة المشددة ( بالأولى) وهي صلاة الصبح ( وكانت) بالتاء في اليونينية وغيرها وفي الفرع وكان ( لقاح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترعى بذي قرد قال: فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف) لم يسم أو هو رباح الذي كان يخدمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) لي: ( أخذت لقاح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قلت: من أخذها؟ قال)
: أخذها ( غطفان) زاد في الجهاد وفزارة وهو من عطف الخاص على العام لأن فزارة من غطفان ( قال: فصرخت ثلاث صرخات) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بثلاث صرخات بزيادة موحدة ( يا صباحاه) مرة واحدة في الجهاد مرتين منادى مستغاث يقال عند الغارة وهاء صباحاه ساكنة ( قال: فأسمعت ما بين لابتي المدينة) حرتيها.

وفي الطبراني فصعدت في سلع ثم صحت: يا صباحاه فأنتهى صياحي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنودي في الناس الفزع الفزع ( ثم اندفعت) أي أسرعت في السير ( على وجهي) فلم ألتفت يمينًا ولا شمالاً ( حتى أركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء فجعلت أرميهم بنبلي) بفتح النون ( وكنت راميًا وأقول: أنا ابن الأكوع ... اليوم) ولأبي ذر وابن عساكر: واليوم ( يوم الرضع) أي يوم هلاك اللئام ( وأرتجز) بذلك أو بغيره ( حتى استنقذت اللقاح) كلها ( منهم واستلبت منهم ثلاثين بردة.
قال: وجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والناس)
وكان قد خرج عليه السلام إليهم غداة الأربعاء في خمسمائة أو سبعمائة ( ففلت) له: ( يا نبي الله قد حميت القوم الماء) بفتح ميم حميت أي منعتهم من شربه ( وهم عطاش فابعث إليهم الساعة) وعند ابن سعد فلو بعثني في مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( يا ابن الأكوع ملكت) أي قدرت عليهم ( فاسجح) بهمزة قطع مفتوحة وسكون السين
المهملة وبعد الجيم المكسورة حاء مهملة أي فارفق ولا تأخذ بالشدة ( قال: ثم رجعنا) إلى المدينة ( ويردفني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ناقته) العضباء ( حتى دخلنا المدينة) زاد هنا أبوا ذر والوقت وابن عساكر قال شعبة إلى قوله باب قصة عكل المذكور قبل آخر الباب.