فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة الفتح في رمضان

باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ
( باب غزوة الفتح في رمضان) سنة ثمان.


[ قــ :4051 ... غــ : 4275 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسِ -رضي الله عنهما- قَالَ: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ الْمَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ أَفْطَرَ فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدثني) بالتوحيد ( عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( أن ابن عباس أخبره: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غزا غزوة الفتح في) شهر ( رمضان) وكان عليه الصلاة والسلام قد خرج من المدينة لعشر مضين من رمضان.

قال الزهري بالإسناد السابق ( وسمعت ابن المسيب) ولابن عساكر سعيد بن المسيب ( يقول مثل ذلك) .
أي غزوة الفتح كانت في رمضان، وزاد البيهقي من طريق عاصم بن علي عن الليث لا أدري أخرج في شعبان فاستقبل رمضان، أو خرج في رمضان بعدما دخل.
غير أن عبيد الله بن عبد الله أخبرني فذكر ما ذكر البخاري في قوله.

( وعن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود بالإسناد السابق أنه ( أخبره) وثبت ابن عبد الله أخبره لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر ( أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صام رسول الله) ولأبي ذر: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما خرج إلى مكة في غزوة الفتح ( حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال الأولى ( الماء الذي بين قديد) بضم القاف وفتح الدال ( وعسفان أفطر) وأفطر
الناس معه وكان بعد العصر كما في مسلم وكان قد شق على الناس الصوم ( فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر) .

وهذا قد سبق في كتاب الصوم في باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر، وعند البيهقي من طريق ابن أبي حفصة عن الزهري قال: صبح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان، وهو مدرج من قول ابن أبي حفصة أدرجه.
وعند أحمد بإسناد صحيح من طريق قزعة بن يحيى عن أبي سعيد قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح لليلتين من شهر رمضان وهذا كما في الفتح يدفع التردد الماضي ويعين يوم الخروج، وقول الزهري يعين يوم الدخول ويعطي أنه أقام في الطريق اثني عشر يومًا.




[ قــ :405 ... غــ : 476 ]
- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآخِرُ فَالآخِرُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا ( محمود) هو ابن غيلان قال: ( أخبرنا) ولابن عساكر: حدّثنا ( عبد الرزاق) بن همام الصنعاني أحد الأعلام قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد عالم اليمن قال: ( أخبرني) بالإفراد ( الزهري) محمد بن مسلم ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف) وعند ابن إسحاق في اثني عشر ألفًا من المهاجرين والأنصار وأسلم وغفار ومزينة وجهينة وسليم وجمع بين الروايتين بأن عشرة آلاف من نفس المدينة ثم تلاحق به الألفان ( وذلك على رأس ثمان سنين) وفي نسخة ثماني بالياء ( ونصف من مقدمه) عليه الصلاة والسلام ( المدينة) أي بناء على التاريخ بأول السنة من المحرم إذا دخل من السنة الثامنة شهران أو ثلاثة أطلق عليها سنة مجازًا من تسمية البعض باسم الكل، ويقع ذلك في آخر ربيع الأول ومن ثم إلى رمضان نصف سنة، أو يقال كان آخر شعبان تلك السنة آخر سبع سنين ونصف من أول ربيع الأول، فلما دخل رمضان دخلت سنة أخرى وأول السنة يصدق عليه أنه رأسها فصح أنه رأس ثمان سنين ونصف أو أن رأس الثمان كان أول ربيع الأول وما بعد نصف سنة كذا قرره في الفتح موهّما ما في رواية معمر هذه قال: والصواب على رأس سبع سنين ونصف وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان، ومن أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء فالتحرير أنها سبع سنين ونصف اهـ.

( فسار) عليه الصلاة والسلام ( هو ومن معه) وللأصيلي فسار بمن معه، ولأبي ذر وابن
عساكر فسار معه ( من المسلمين إلى مكة) حال كونه عليه الصلاة والسلام ( يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة الأولى ( وهو ماء ما بين عسفان وقديد) بضم القاف مصغرًا ( أفطر) عليه الصلاة والسلام ( وأفطروا) أي أصحابه الذين كانوا معه.

( قال الزهري) : بالسند السابق ( وإنما يؤخذ من أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآخر فالأخر) أي يجعل الآخر اللاحق ناسخًا للأول السابق، وفيه إشارة إلى الرد على القائل ليس له الفطر إذا شهد أول رمضان في الحضر مستدلاً بآية { فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] .




[ قــ :4053 ... غــ : 477 ]
- حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: حدّثنا ( عياش بن الوليد) بتحتية وشين معجمة الرقام البصري قال: ( حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى الشامي البصري قال: ( حدّثنا خالد الحذاء) البصري ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: خرج النبي) ولأبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رمضان إلى حنين) بالحاء المهملة المضمومة والنون المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فنون أخرى وادٍ بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، والمحفوظ المشهور أن خروجه عليه الصلاة والسلام لحنين إنما كان في شوّال سنة ثمان إذ مكة فتحت في سابع عشر رمضان، وأقام عليه السلام بها تسعة عشر يومًا يصلّي ركعتين فيكون خروجه إلى حنين في شوال بلا ريب، وقول بعضهم: إن المراد أن ذلك كان في غير زمن الفتح وكان في حجة الوداع أو غيرها مردود بأن حنينًا لم تكن إلا في شوال عقب الفتح اتفاقًا.

وأجيب عن الاستشكال بأجوبة؛ أولاها: ما قاله الطبري أن المراد من قوله خرج عليه الصلاة والسلام في رمضان إلى حنين أنه قصد الخروج إليها وهو في رمضان فذكر الخروج، وأراد القصد بالخروج وهذا شائع ذائع في الكلام.

( والناس مختلفون فصائم) أي فبعضهم صائم ( و) بعضهم ( مفطر) لاختلافهم في كونه عليه الصلاة والسلام كان صائمًا أو مفطرًا ( فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء) بالشك من الراوي ( فوضعه على راحته) كفه ( أو على راحلته) التي هو راكب عليها، وسقط لأبوي ذر والوقت لفظ على الثانية وللأصيلي على راحلته أو راحته بالتقديم والتأخير ( ثم نظر إلى الناس) ليروه، وسقط لفظ إلى لأبي ذر فالناس رفع على الفاعلية ( فقال المفطرون للصوّام) : بضم الصاد وتشديد الواو بعدها ألف وللأربعة للصوّم بإسقاط الألف جمع صائم ( أفطروا) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الطاء.
زاد الطبري في تهذيبه يا عصاة.

وهذا الحديث انفرد به البخاري.




[ قــ :4053 ... غــ : 478 ]
- وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ.
.

     وَقَالَ  حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( وقال) بالواو وللأصيلي وابن عساكر قال ( عبد الرزاق) بن همام الصنعاني فيما وصله أحمد ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد عالم اليمن ( عن أيوب) السختياني ( عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح) أي في رمضان فصام حتى مرّ بغدير في الطريق.
الحديث.

( وقال حماد بن زيد: عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الأكثر بإسقاط ابن عباس، وكذا وصله البيهقي من طريق سليمان بن حرب شيخ المؤلّف عن حماد، وبذلك جزم الدارقطني وأبو نعيم في مستخرجه فيكون مرسلاً.




[ قــ :4054 ... غــ : 479 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ، وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد الضبي ( عن منصور) هو ابن المعتمر السلمي ( عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن طاوس) اليماني ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: سافر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رمضان) لغزوة الفتح ( فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارًا) لما قيل له عليه الصلاة والسلام إن الصوم شق على الناس وهم ينظرون فعلك فشرب ( ليريه الناس) نصب مفعول ثان ليري وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني ليراه الناس بالرفع على الفاعلية أي فيقتدوا به في الإفطار ( فأفطر) عليه الصلاة والسلام ( حتى قدم مكة قال) عكرمة: ( وكان ابن عباس يقول: صام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السفر وأفطر) فيه ( فمن شاء صام ومن شاء أفطر) لكن ابن عباس لم يشاهد هذه القصة لأنه حينئذ كان بمكة فرواها عن غيره.

وهذا الحديث قد سبق في باب من أفطر في السفر ليراه الناس.