فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟

باب أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( أين ركز النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الراية يوم الفتح) سقط لفظ باب لأبي ذر.


[ قــ :4055 ... غــ : 4280 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا سَارَ
رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ» فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتِيبَةً كَتِيبَةً، عَلَى أَبِي سُفْيَانَ فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ قَالَ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارُ قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارَ؟ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَالَ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهْيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وَرَايَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ»؟ قَالَ: قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ» قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ.
قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ، قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ كُدًى فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ حُبَيْشُ بْنُ الأَشْهَرِ وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدثني ( عبيد بن إسماعيل) أبو محمد القرشي الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير أنه ( قال: لما سار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح) وهذا مرسل لأن عروة تابعي ( فبلغ ذلك) المسير ( قريشًا) بمكة ( خرج أبو سفيان) صخر ( بن حرب وحكيم بن حزام) بكسر الحاء المهملة وبالزاي ( وبديل بن ورقاء) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة وورقاء براء ساكنة مفتوحة الخزاعي من مكة ( يلتمسون الخبر عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرّ الظهران) بفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء بلفظ التثنية ومر بفتح الميم وتشديد الراء موضع قرب مكة ( فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة) التي كانوا يوقدونها فيها ويكثرون منها وعند ابن سعد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ( فقال أبو سفيان: ما هذه) النار والله ( لكأنها نيران) ليلة يوم ( عرفة) في كثرتها ( فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو) بفتح العين يعني خزاعة وعمرو وهو ابن لحي ( فقال أبو سفيان عمرو أقل من ذلك فرآهم ناس من حرس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأدركوهم فأخذوهم) وقد سمي منهم في السير عمر بن
الخطاب.
وعند ابن عائذ وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث بين يديه خيلاً تقبض العيون وخزاعة على الطريق لا يتركون أحدًا يمضي فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذتهم الخيل تحت الليل ( فأتوا بهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسلم أبو سفيان) -رضي الله عنه- ( فلما سار) عليه الصلاة والسلام ( قال للعباس) :
( احبس أبا سفيان عند حطم الخيل) بالحاء والطاء الساكنة المهملتين والخيل بالخاء المعجمة بعدها تحتية أي ازدحامها، وللأصيلي وأبي ذر عن المستملي خطم بالخاء المعجمة الجبل بالجيم والموحدة أي أنف الجبل لأنه ضيق فيرى الجيش كله ولا يفوته رؤية أحد منه ( حتى ينظر المسلمين) ( فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر مع النبي) وللأصيلي مع رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتيبة كتيبة على أبي سفيان) بمثناة فوقية بعد الكاف القطعة من العسكر فعلية من الكتب وهو الجمع ( فمرت كتيبة قال) : ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر فقال ( يا عباس من هذه) ؟ الكتيبة ( قال) : ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر فقال: ( هذه غفار قال) أبو سفيان: ( ما لي ولغفار) بغير صرف ولأبي ذر بالتنوين مصروفًا أي ما كان بيني وبينهم حرب ( ثم مرت جهينة) بضم الجيم وفتح الهاء ( قال) : أبو سفيان وللأصيلي فقال ( مثل ذلك.
ثم مرت سعد بن هذيم)
بضم الهاء وفتح الذال المعجمة والمعروف سعد هذيم بالإضافة.
قال في الفتح: ويصح الآخر على المجاز ( فقال) أبو سفيان: ( مثل ذلك) القول الأول ( ومرت) ولأبي ذر ثم مرت ( سليم) بضم السين وفتح اللام ( فقال) أبو سفيان: ( مثل ذلك حتى أقبلت كتيبة لم ير) أبو سفيان ( مثلها قال: من هذه) ؟ القبيلة ( قال) العباس ( هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية) التي للأنصار ( فقال سعد بن عبادة) حامل راية الأنصار ( يا أبا سفيان اليوم) بالرفع ولأبوي ذر والوقت اليوم بالنصب ( يوم الملحمة) بفتح الميم وسكون اللام وبالحاء المهملة أي يوم حرب لا يوجد فيه مخلص أو يوم القتل، والمراد المقتلة العظمى ( اليوم) نصب على الظرفية ( تستحل) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية والحاء المهملة مبنيًّا للمفعول ( الكعبة.
فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار)
بالذال المعجمة المكسورة وتخفيف الميم آخره راء الهلاك أو حين الغضب للحرم والأهل يعني الانتصار لمن بمكة قاله غلبة وعجزًا.
وقيل: أراد حبذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتي عن المكروه، وفي مغازي الأموي أن أبا سفيان قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما حاذاه: أمرت بقتل قومك.
قال: لا، فذكر له ما قال سعد بن عبادة ثم ناشده الله والرحم فقال: "يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله قريشًا" وأرسل إلى سعد فأخذ الراية منه ودفعها إلى ابنه قيس.

( ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب) عددًا ( فيهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) من المهاجرين وكان الأنصار أكثر عددًا منهم.
وعند الحميدي في مختصره وهي أجل الكتائب بالجيم بدل القاف من الجلالة.
قال القاضي عياض في المشارق: وهي أظهر اهـ.
وكل منهما ظاهر لا خفاء فيه ولا ريب كما في المصابيح أن المراد قلة العدد لا الاحتقار هذا ما لا يظن بمسلم اعتقاده ولا توهمه، فهو وجه لا محيد عنه ولا ضير فيه بهذا الاعتبار والتصريح بأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان في هذه الكتيبة التي
هي أقل عددًا مما سواها من الكتائب قاض بجلالة قدرها وعظم شأنها ورجحانها على كل شيء سواها، ولو كان ملء الأرض بل وأضعاف ذلك فما هذا الذي يشم من نفس القاضي في هذا المحل اهـ.

( وراية النبي) وللأصيلي وراية رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع الزبير بن العوّام) -رضي الله عنه- ( فلما مرّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأبي سفيان قال) لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( ما قال) ؟ سعد ( قال) أبو سفيان ( قال) : وسقط من اليونينية إحدى قال: ( كذا وكذا) أي اليوم يوم الملحمة ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( كذب سعد) في إطلاق الكذب على الأخبار بغير ما سيقع ولو بناه قائله على غلبة الظن وقوّة القرينة ( ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة) أي بإظهار الإسلام وأذان بلال على ظهرها وإزالة ما كان فيها من الأصنام ومحو الصور التي كانت فيها وغير ذلك ( ويوم تكسى فيه الكعبة) لأنهم كانوا يكسونها في مثل ذلك اليوم ( قال) عروة: ( وأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تركز رايته بالحجون) بالحاء المهملة المفتوحة والجيم المخففة المضمومة موضع قريب من مقبرة مكة.

( قال) ولأبي ذر وقال: ( عروة) بن الزبير بالسند السابق ( وأخبرني) بالإفراد والواو في اليونينية وفي غيرها بالفاء ( نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس) أي بعد فتح مكة ( يقول للزبير بن العوّام: يا أبا عبد الله هاهنا أمرك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تركز) بفتح الفوقية وضم الكاف ( الراية قال: وأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء) بفتح الكاف والمد ( ودخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كدى) بضم الكاف والقصر وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية إن شاء الله تعالى أن خالدًا دخل من أسفل مكة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أعلاها ( فقتل) بضم القاف وكسر التاء ( من خيل خالد يومئذٍ) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يومئذٍ ( رجلان حبيش بن الأشعر) بحاء مهملة مضمومة فموحدة مفتوحة فتحتية ساكنة فشين معجمة وهو لقبه واسمه خالد بن سعد والأشعر بشين معجمة وعين مهملة الخزاعي وهو أخو أم معبد التي مر بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مهاجرًا ( وكرز بن جابر) بضم الكاف بعدها راء ساكنة فزاي ( الفهري) بكسر الفاء وسكون الهاء وكان من رؤساء المشركين وهو الذي أغار على سرح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غزوة بدر الأولى ثم أسلم قديمًا، وبعثه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طلب العرنيين.
وذكر ابن إسحاق أن أصحاب خالد بن الوليد لقوا ناسًا من قريش منهم سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية كانوا تجمعوا بالخندمة بالخاء المعجمة والنون مكان أسفل من مكة ليقاتلوا المسلمين فتناوشوهم شيئًا من القتال فقتل من خيل خالد مسلمة بن الميلا الجهني وقتل من المشركين اثنا عشر رجلاً أو ثلاثة عشر وانهزموا.




[ قــ :4056 ... غــ : 481 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ وَهْوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ يُرَجِّعُ،.

     وَقَالَ :
لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ.
[الحديث 481 - أطرافه في: 4835، 5034، 5047، 7540] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن معاوية بن قرة) بضم القاف وتشديد الراء ( قال: سمعت عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء المفتوحة المزني ( يقول: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم فتح مكة على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح) حال كونه ( يرجع) صوته بالقراءة ( وقال) معاوية بن قرة ( لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع) عبد الله بن مغفل يحكي قراءة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وفي الإكليل للحاكم من رواية وهب بن جرير عن شعبة لقرأت بذلك اللحن الذي قرأ به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وحديث الباب أخرجه المؤلّف في التفسير وفضائل القرآن والتوحيد ومسلم في الصلاة والنسائي في فضائل القرآن.




[ قــ :4057 ... غــ : 48 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ زَمَنَ الْفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا؟ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ»؟
وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن) ابن بنت شرحبيل التميمي الدمشقي قال: ( حدّثنا سعدان بن يحيى) بسكون العين اسمه سعيد وسعدان لقبه كوفي نزل دمشق وليس له في البخاري إلا هذا الحديث قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر حدثني بالإفراد ( محمد بن أبي حفصة) ميسرة البصري ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن علي بن حسين) بضم الحاء ابن علي بن أبي طالب ( عن عمرو بن عثمان) بفتح العين وسكون الميم ابن عفان القرشي الأموي ( عن أسامة بن زيد) مولى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أنه قال زمن الفتح) : قبل أن يدخل مكة بيوم ( يا رسول الله أين ننزل غدًا؟ قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( وهل ترك لنا عقيل) بفتح العين وكسر القاف ( من منزل) .




[ قــ :4057 ... غــ : 483 ]
- ثُمَّ قَالَ: «لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ».
قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ وَمَنْ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ؟ قَالَ: وَرِثَهُ عَقِيلٌ، وَطَالِبٌ.
قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ؟ وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ حَجَّتِهِ وَلاَ زَمَنَ الْفَتْحِ.

( ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا يرث المؤمن الكافر ولا) يرث ( الكافر المؤمن) ( قيل للزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( ومن) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر من ( ورث أبا طالب؟ قال: ورثه عقيل و) أخوه ( طالب) ولم يرث جعفر ولا علي شيئًا لأنهما كانا مسلمين، ولو كانا وارثين لنزل عليه الصلاة والسلام في دورهما وكانت كأنها ملكه لعلمه بإيثارهما إياه على أنفسهما.

( قال معمر) : هو ابن راشد مما وصله في الجهاد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( أين ننزل غدًا في حجته ولم يقل يونس حجته ولا زمن الفتح) أي سكت عن ذلك قال: في الفتح: وبقي الاختلاف بين ابن أبي حفصة ومعمر ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة.

وسبق الحديث في باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها من كتاب الحج.




[ قــ :4058 ... غــ : 484 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْزِلُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا فَتَحَ اللَّهُ الْخَيْفُ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر أخبرنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن عبد الرحمن) بن هرمز الأعرج ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( منزلنا) غدًا ( إن شاء الله إذا فتح الله) مكة ( الخيف) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية رفع خبر المبتدأ الذي هو منزلنا أو الخيف مبتدأ ومنزلنا خبره والخيف ما انحدر عن علظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ( حيث تقاسموا) تحالفوا ( على الكفر) من إخراج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبني هاشم وبني المطلب من مكة إلى الخيف وكتبوا بينهم الصحيفة المشهورة.




[ قــ :4059 ... غــ : 485 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا: «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: ( أخبرنا ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين أراد) أن يغزو ( حنينًا) يعني في غزوة الفتح لأن غزوة حنين كانت عقب غزوة الفتح.

( منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر) قيل: إنما اختار النزول في الخيف ليتذكر الحالة السابقة فيشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه من الفتح العظيم وتمكنهم من دخول مكة ظاهرًا، ومبالغة في الصفح عن الذين أساؤوا معاملتهم بالإحسان والمن.




[ قــ :4060 ... غــ : 486 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: «اقْتُلْهُ» قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي المكي المؤذن قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وبعد الفاء المفتوحة راء زرد ينسج من الدرع على قدر رأس يلبس تحت القلنسوة ( فلما نزعه جاء رجل) لم يسم، ولأبي ذر جاءه رجل بإثبات الضمير المنصوب ( فقال) : يا رسول الله ( ابن خطل) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة بعدها لام عبد الله ( متعلق بأستار الكعبة) وكان أسلم ثم ارتد وقتل قتلى بغير حق وكان له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( اقتله) .
وعند ابن شبة في كتاب مكة من حديث السائب بن يزيد قال: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استخرج من تحت أستار الكعبة عبد الله بن خطل فضربت عنقه صبرًا بين زمزم ومقام إبراهيم وقال: "لا يقتلن قرشي بعد هذا صبرًا" قال في الفتح: ورجاله ثقات إلا أن في أبي معشر مقالاً، واختلف في قاتله، وجزم ابن إسحاق بأن سعيد بن حريث وأبا برزة الأسلمي اشتركا في قتله ورجح الواقدي أنه أبو برزة.

( قال مالك) : الإمام الأعظم بالسند السابق ( ولم يكن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما نرى) بضم النون وفتح الواء أي فيما نظن ( والله أعلم يومئذٍ محرمًا) إذ لم يرو أحد أنه تحلل يومئذٍ من إحرامه.




[ قــ :4061 ... غــ : 487 ]
- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ».

وبه قال: ( حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر والأصيلي حدّثنا ( ابن عيينة) سفيان ( عن ابن أبي نجيح) وهو بفتح النون عبد الله واسم أبي نجيح يسار ( عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن أبي معمر) عبد الله بن سخبرة ( عن عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- أنه ( قال: دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة يوم الفتح وحول البيت) الحرام ( ستون وثلاثمائة نصب) بضم النون والصاد المهملة ما ينصب للعباد من دون الله جل وعلاً ( فجعل) عليه الصلاة والسلام ( يطعنها) بضم العين على الأرجح ( بعود في يده ويقول) :
( جاء الحق) الإسلام أو القرآن ( وزهق الباطل) اضمحل وتلاشى ( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) أي زال الباطل وهلك لأن الإبداء والإعادة من صفة الحي فعدمهما عبارة عن الهلاك، والمعنى جاء الحق وهلك الباطل، وقيل: الباطل الأصنام، وقيل إبليس لأنه صاحب الباطل أو لأنه هالك كما قيل له الشيطان من شاط إذ هلك أي لا يخلق الشيطان ولا الصنم أحدًا ولا يبعثه فالمنشئ والباعث هو الله تعالى لا شريك له.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة يطعن في
عينيه بسية القوس، وعند الفاكهي من حديث ابن عمرو صححه ابن حبان فيسقط الصنم ولا يسمه.
وعند الفاكهي والطبراني من حديث ابن عباس فلم يبق وثن استقبله إلا سقط على قفاه مع أنها كانت ثابتة بالأرض وقد شدّ لهم إبليس لعنه الله أقدامها بالرصاص وفعل ذلك لإذلال الأصنام وعابديها ولإظهار أنها لا تنفع ولا تضر ولا تدفع عن نفسها شيئًا.

وحديث الباب سبق في باب هل تكسر الدنان من كتاب المظالم.




[ قــ :406 ... غــ : 488 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ، وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ الأَزْلاَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ» ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ.
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ.

     وَقَالَ  وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا بالجمع ( إسحاق) بن منصور الكوسج المروزي قال: ( حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم التنوري بفتح المثناة وتشديد النون المضمومة قال: ( حدثني) بالإفراد ( أبي) عبد الوارث قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد ( أيوب) السختياني ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قدم مكة) للفتح ( أبي) امتنع ( أن يدخل البيت) الحرام ( وفيه الآلهة) أي الأصنام ( فأمر بها فأخرجت) منه ( فأخرج) بفتح الهمزة والراء في الفرع وفي أصله بضم الهمزة وكسر الراء ( صورة إبراهيم) الخليل ( و) صورة ولده ( إسماعيل) عليهما الصلاة والسلام اللتين صوّرهما المشركون ( في أيديهما من الأزلام) بالزاي المعجمة جمع زلم وهي التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر وتسمى القداح مكتوب عليها الفعل لا تفعل فإذا أراد أحدهم فعل شيء أدخل يده فأخرج منها واحدًا فإن خرج الأمر مضى لشأنه وإن خرج النهي كف ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( قاتلهم الله) أي لعنهم الله ( لقد علموا) أنهما ( ما استقسما بها قط) لأنهما كانا معصومين ( ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت وخرج) منه ( ولم يصل فيه) نفى ابن عباس -رضي الله عنهما- صلاته عليه الصلاة والسلام في البيت الحرام وأثبتها بلال والمثبت مقدم على النافي.

وهذا الحديث قد سبق في الحج وغيره.

( تابعه) أي تابع عبد الصمد عن أبيه ( معمر) هو ابن راشد فيما وصله أحمد ( عن أيوب) السختياني ( وقال وهيب) : بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد العجلاني وسقط واو وقال: لأبي ذر ( حدّثنا أيوب عن عكرمة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أسقط ابن عباس فهو مرسل والموصول أرجح لاتفاق عبد الوارث ومعمر على ذلك عن أيوب قاله في الفتح.