فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال: إنها سرية الأنصار

باب سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ
( باب سرية عبد الله بن حذافة) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة بعدها ألف ففاء ابن قيس بن عدي بن سعد ( السهمي) وسقط لفظ باب من الفرع كأصله ( وعلقمة بن مجزز) بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى المشددة وصحح عليه في الفرع كأصله أو بفتح الزاي.
وقال عبد الغني الكسر الصواب لأنه جزّ نواصي أسارى من العرب، وكذا ضبطه ابن ماكولا وابن السكن والحموي والمستملي والأصيلي والنسفيّ، ولأبي ذر: ابن محرز بالحاء المهملة الساكنة والراء المكسورة بعدها زاي ابن الأعور ( المدلجي) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام والجيم ( ويقال: إنها) أي هذه السرية ( سرية الأنصار) ولأبي ذر: الأنصاري.
قال في الفتح: أشار إلى احتمال تعدد القصة أو يكون على المعنى الأعم أي أن عبد الله بن حذافة نصره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الجملة.


[ قــ :4107 ... غــ : 4340 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا بَلَى قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا فَجَمَعُوا فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا فَقَالَ: ادْخُلُوهَا فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» [الحديث 4340 - أطرافه في: 7145، 7257] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: ( حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: ( حدثني) بالإفراد ( سعد بن عبيدة) بسكون العين في الأول وضمها في الثاني مصغرًا الكوفي ( عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب السلمي ( عن علي -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية فاستعمل) ولأبي ذر واستعمل بالواو بدل الفاء ( عليها رجلاً من الأنصار) هو عبد الله بن حذافة السهمي فيما قاله ابن سعد ( وأمرهم أن يطيعوه
فغضب)
أي عليهم، ولمسلم فأغضبوه في شيء ( فقال) : ولأبي ذر قال ( أليس أمركم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تطيعوني؟ قالوا: بلى قال: فأجمعوا لي حطبًا فجمعوا) أي الحطب ( فقال: أوقدوا) بفتح الهمزة وكسر القاف ( نارًا فأوقدوها فقال: ادخلوها) وفي رواية حفص بن غياث في الأحكام فقال: عزمت عليكم لما جمعتم حطبًا وأوقدتم نارًا ثم دخلتم فيها ( فهمّوا) بفتح الهاء وضم الميم المشددة فسّره البرماوي كالكرماني بقوله حزنوا.
قال العيني: وليس كذلك، بل المعنى فقصدوا، ويؤيده رواية حفص فلما همّوا بالدخول فيها فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض ( وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من النار فما زالوا حتى خمدت النار) بفتح الميم وتكسر انطفأ لهبها.

( فسكن غضبه، فبلغ) ذلك ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( لو دخلوها) أي لو دخلوا النار التي أوقدوها ظانين أنهم بسبب طاعتهم أميرهم لا تضرهم ( ما خرجوا منها) لأنهم كانوا يموتون فلم يخرجوا منها ( إلى يوم القيامة) أو الضمير في قوله دخولها للنار التي أوقدوها.
وفي قوله: ما خرجوا منها لنار الآخرة لأنهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم مستحلين له على هذا ففيه نوع من أنواع البديع وهو الاستخدام قاله ابن حجر، وقال الكرماني وغيره: والمراد بقوله إلى يوم القيامة التأييد يعني لو دخلوها مستحلين.
وقال الداودي: فيه أن التأويل الفاسد لا يعذر به صاحبه.
( الطاعة) للمخلوق ( في) الأمر بـ ( ـالمعروف) شرعًا.

وفي الحديث أن الأمر المطلق لا يعم جميع الأحوال لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرهم أن يطيعوا الأمير فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى في حال الغضب، وفي حال الأمر بالمعصية فبين لهم عليه الصلاة والسلام أن الأمر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية، وقد ذكر ابن سعد في طبقاته أن سبب هذه السرية أنه بلغه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ناسًا من الحبشة تراءاهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر سنة تسع في ثلاثمائة فانتهى بهم إلى جزيرة في البحر، فلما خاض البحر إليهم هربوا فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهليهم فأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل.
قال البرماوي: ولعل هذا عذر البخاري حيث جمع بينهما مع أنه في الحديث لم يسم واحدًا منهما وترجمة البخاري لعلها تفسير للمبهم الذي في الحديث.

والحديث أخرجه أيضًا في الأحكام وفي خبر الواحد، ومسلم في المغازي وأبو داود في الجهاد، والنسائي في البيعة والسير.