فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع

باب بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
( بعث أبي موسى) الأشعري ( ومعاذ) ولأبي ذر: ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- ( إلى اليمن قبل حجة الوداع) .

4341 و 4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى
مِخْلاَفٍ، قَالَ: وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ ثُمَّ قَالَ: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا»، فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، قال: وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ وكَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَيَّمَ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ؟ قَالَ: لاَ أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ، فَانْزِلْ، قَالَ: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي فَأَحْسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْسِبُ قَوْمَتِي.
[الحديث 4342 - طرفه في: 4345] .

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: ( حدّثنا عبد الملك) بن عمير ( عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى ( قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا موسى) عبد الله بن قيس وهذا مرسل لكنه سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى متصلاً به ( ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف) بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة آخره فاء الكورة والإقليم والرستاق بضم الراء وسكون السين المهملة وفتح الفوقية آخره قاف بلغة أهل اليمن ( قال: واليمن مخلافان) وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن وجهة أبي موسى السفلى ( ثم قال) عليه الصلاة والسلام لهما:
( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) الأصل أن يقال بشرا ولا تنذرا وآنسا ولا تنفرا، فجمع بينهما ليعم البشارة والنذارة والتأنيس والتنفير فهو من باب المقابلة المعنوية قاله الطيبي، وقال الحافظ ابن حجر: ويظهر لي أن النكتة في الإتيان بلفظ البشارة وهو الأصل وبلفظ التنفير وهو اللازم وأتي بالذي بعده على العكس للإشارة إلى أن الإنذار لا ينفى مطلقًا بخلاف التنفير فاكتفى بما يلزم عنه الإنذار وهو التنفير فكأنه قال: إن أنذرتم فليكن بغير تنفير كقوله تعالى: { فقولا قولاً لينًا} [طه: 44] .

( فانطلق كل واحد منهما) من أبي موسى ومعاذ ( إلى عمله قال: وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبًا من صاحبه أحدث به عهدًا) في الزيارة ( فسلم عليه، فسار معاذ في أرضه قريبًا من صاحبه أبي موسى فجاء) معاذ ( يسير على بغلته حتى انتهى إليه) إلى أبي موسى ( وإذا) بالواو ولأبي ذر فإذا ( هو جالس وقد اجتمع إليه الناس وإذا رجل عنده) قال ابن حجر: لم أقف على اسمه لكن في رواية سعيد بن أبي بردة الآتية قريبًا أنه يهودي ( قد جمعت يداه إلى عنقه) جملة حالية صفة لرجل ( فقال له معاذ) : لأبي موسى ( يا عبد الله بن قيس أيم هذا) بفتح الياء والميم بغير إشباع أي: أي شيء هذا، وأصله أي ما، وأي استفهامية وما بمعنى شيء فحذفت
الألف تخفيفًا ولأبي ذر أي بضم الياء ( قال) أبو موسى: ( هذا رجل كفر بعد إسلامه قال) معاذ: ( لا أنزل) أي عن بغلتي ( حتى يقتل قال) أبو موسى: ( إنما جيء به لذلك فأنزل) بهمزة وصل مجزوم على الأمر ( قال: ما أنزل حتى يقتل فأمر به) أبو موسى ( فقتل ثم نزل، فقال) : لأبي موسى ( يا عبد الله كيف تقرأ القرأن؟ قال) أبو موسى: ( أتفوّقه تفوّقًا) بالفاء ثم القاف أي أقرؤه شيئًا بعد شيء في آناء الليل والنهار يعني لا أقرؤه مرة واحدة بل أفرق قراءته على أوقات مأخوذ من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب ( قال) أبو موسى: ( فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: أنام أول الليل فأقوم) بالفاء ( وقد قضيت جزئي من النوم) بضم الجيم وسكون الزاي بعدها همزة مكسورة فياء أي جزّأ الليل أجزاء جزءًا للنوم وجزءًا للقراءة والقيام، وقال الزركشي تبعًا للدمياطي قيل: الوجه قضيت أربي.
قال في المصابيح: وهذا من التحكمات العارية من الدليل اهـ.
فالذي جاء في الرواية صحيح فلا يلتفت لتخطئته بمجرد التخيل.

( فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) بهمزة قطع وكسر السين من غير فوقية في أحتسب في الموضعين بصيغة الفعل المضارع أي أطلب الثواب في الراحة كما أطلبه في التعب لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فأحتسب نومتي كما أحتسبت قومتي بهمزة وصل وفتح السين وسكون الموحدة بعدها فوقية بصيغة الماضي فيها.


[ قــ :4109 ... غــ : 4343 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا فَقَالَ: «وَمَا هِيَ»؟ قَالَ: الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ فَقُلْتُ لأَبِي بُرْدَةَ: مَا الْبِتْعُ؟ قَالَ: نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( إسحاق) قال الحافظ ابن حجر: هو ابن منصور أي أبو يعقوب الكوسج، وقال العيني: قال المزي: هو ابن شاهين أي أبو بشر الواسطي قال: ( حدّثنا خالد) هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الواسطي الطحان ( عن الشيباني) بالشين المعجمة والموحدة سليمان بن فيروز ( عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه) أبي بردة ( عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه إلى اليمن فسأله) أي سأل أبو موسى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن أشربة تصنع بها) أي باليمن ( فقال) عليه الصلاة والسلام له:
( وما هي قال: البتع) بكسر الموحدة وسكون الفوقية بعدها عين مهملة ( والمزر) بكسر الميم وسكون الزاي بعدها راء.
قال سعيد: ( فقلت لأبي بردة: ما البتع؟ قال) : هو ( نبيذ العسل) بالذال المعجمة ( والمزر نبيذ الشهير.
فقال)
عليه الصلاة والسلام: ( كل مسكر حرام) اتفاقًا ( رواه) أي الحديث ( جرير) هو ابن عبد الحميد فيما وصله الإسماعيلي ( وعبد الواحد) بن زياد كلاهما ( عن الشيباني) سليمان بن فيروز ( عن أبي بردة) قال في المقدمة: ورواية عبد الواحد لم أرها موصولة.

4344 و 4345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَدَّهُ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا، إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا» فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ وَشَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ الْبِتْعُ فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» فَانْطَلَقنا فَقَالَ مُعَاذٌ لأَبِي مُوسَى: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: قَائِمًا وَقَاعِدًا، وَعَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا فَجَعَلاَ يَتَزَاوَرَانِ فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو مُوسَى: يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَالَ مُعَاذٌ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ.
تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ.

     وَقَالَ : وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي بردة) بن أبي موسى ( عن أبيه) أنه ( قال: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جده) أي جد أبي سعيد ( أبا موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( ومعاذًا) هو ابن جبل ( إلى اليمن فقال) عليه الصلاة والسلام لهما:
( يسرا) بالتحتية والسين المهملة من اليسر ( ولا تعسرا وبشرا) بالموحدة والمعجمة ( ولا تنفرا) بالفاء ( وتطاوعا) أي كونا متفقين في الحكم ولا تختلفا فإن اختلافكما يؤدي إلى اختلاف أتباعكما وحينئذ تقع العداوة والمحاربة بينهم وفيه إشارة إلى عدم الحرج والتضييق في أمور الملة الحنيفية السمحاء كما قال تعالى: { وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] .
أي وقد وسع عليكم يا أمة نبي الرحمة خاصة ورفع عنكم الحرج أيا كان ( فقال أبو موسى: يا نبي الله إن أرضنا بها شراب) يتخذ ( من الشعير المزر وشراب) يتخذ ( من العسل البتع فقال: كل مسكر حرام) ( فانطلقنا) أي كل واحد إلى عمله ( فقال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن؟ قال) : أقرؤه حال كوني ( قائمًا وقاعدًا وعلى راحلته) ولأبي ذر: راحلتي مصححًا عليها في اليونينية ( وأتفوقه تفوقًا) أي لا أقرؤه دفعة واحدة بل كما يحلب اللبن ساعة بعد ساعة والفواق ما بين الحلبتين ( قال) معاذ: ( أما أنا فأنام وأقوم وأنام) ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي: فأقوم وأنام ( فاحتسب نومتي) لأنها معينة على طاعتي ( كما احتسب قومتي وضرب فسطاطًا) بيتًا من الشعر ( فجعلا يتزاوران) يزور أحدهما صاحبه ( فزار معاذ أبا موسى فإذا رجل موثق) لم يعرف ابن حجر اسمه ( فقال) معاذ: ( ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه) .

( تابعه) أي تابع مسلمًا ( العقدي) عبد الملك بن عمرو، مما وصله البخاري في الأحكام ( ووهب) ولأبي ذر: ووهيب بضم الواو وفتح الهاء مصغرًا ابن جرير مما وصله إسحاق بن راهويه في مسنده ( عن شعبة) بن الحجاج.
( وقال وكيع) : هو ابن الجراح مما وصله في الجهاد ( والنضر)
بالنون المفتوحة والضاد المعجمة الساكنة ابن شميل مما وصله البخاري في الأدب ( وأبو داود) هشام بن عبد الملك مما وصله النسائي ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن سعيد عن أبيه) أبي بردة ( عن جده) أبي موسى الأشعري ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وثبت قوله: وقال وكيع الخ ... للمستملي وحده ( رواه جرير بن عبد الحميد) مما وصله ( عن الشيباني) سليمان بن فيروز ( عن أبي بردة) وسقط رواه جرير الخ ... لأبي ذر.




[ قــ :4111 ... غــ : 4346 ]
- حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ هُوَ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَرْضِ قَوْمِي فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ فَقَالَ: «أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ» قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ»؟ قَالَ:.

قُلْتُ لَبَّيْكَ إِهْلاَلاً كَإِهْلاَلِكَ، قَالَ: «فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا»؟ قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ، قَالَ: «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ» فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عباس بن الوليد) بالموحدة والسين المهملة ( هو النرسي) بفتح النون وسكون الراء وكسر السين المهملة وثبت هو النرسي لأبي ذر في نسخة قال: ( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد ( عن أيوب بن عائذ) البلخي البصري أنه قال: ( حدّثنا قيس بن مسلم) الجدلي أبو عمرو الكوفي العابد ( قال: سمعت طارق بن شهاب) الأحمسي ( يقول: حدثني) بالإفراد ( أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-) وسقط الأشعري لأبي ذر أنه ( قال: بعثني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أرض قومي) أي اليمن ( فجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منيخ) أي نازل ( بالأبطح) من مكة مسيل واديها ( فقال) :
( أحججت) وفي الحج فقال: بما أهللت ( يا عبد الله بن قيس؟ قلت: نعم يا رسول الله.
قال: كيف قلت؟ قال: قلت لبيك إهلالاً)
ولأبوي ذر والوقت إهلال ( كإهلالك) وفي الحج قلت أهللت كإهلال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال: فهل سقت معك هديًا؟ قلت: لم أسق) هديًا ( قال: فطف بالبيت واْسع بين الصفا والمروة ثم حل) بكسر الحاء المهملة وتشديد اللام أي من إحرامك ( ففعلت) ما أمرني به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الطواف والسعي والإحلال ( حتى مشطت لي امرأة من نساء بني قيس) لم تسم أي سرحت بالمشط رأسي ( ومكثنا) نعمل ( بذلك حتى استخلف عمر) بضم المثناة الفوقية وسكون المعجمة مبنيًّا للمفعول زاد في الحج فقال: أي عمر أن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام قال الله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] .
وأن نأخذ بسنة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنه لم يحل من إحرامه حتى نحر الهدي.

ومباحث ذلك مرت في باب الحج.




[ قــ :411 ... غــ : 4347 ]
- حَدَّثَنِي حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: طَوَّعَتْ طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( حبّان) بكسر المهملة وتشديد الموحدة ابن موسى المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي ( عن زكريا بن إسحاق) المكي رمي بالإرجاء لكنه ثقة ( عن يحيى بن عبد الله بن صيفي) المكي ( عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الموحدة نافذ بالفاء والذال المعجمة ( مولى ابن عباس عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن) سنة عشر قبل حجة الوداع يعلمهم القرآن والشرائع يقضي بينهم ويأخذ الصدقات من العمال:
( إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب) التوراة والإنجيل ولأبي ذر قومًا من أهل كتاب وسقطت لفظة فأهل بفتح اللام وكتاب بالتنكير ( فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم طاعوا) ولأبي ذر: أطاعوا ( لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم طاعوا) ولأبي ذر: أطاعوا ( لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليكم) بالكاف ولأبي ذر: عليهم ( صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم فإن طاعوا) ولأبي ذر: أطاعوا ( لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم) أي احذر أخذ نفائس أموالهم ( واتق دعوة المظلوم فإنه) أي فإن الشأن ( ليس بينه) أي الدعاء ( وبين الله حجاب) .

( قال أبو عبد الله) : البخاري على عادته في تفسير ألفاظ غريبة تقع له من القرآن إذا وافقت لفظ الحديث ( طوعت) له نفسه معناها ( طاعت) له نفسه ( وأطاعت) بالهمزة ( لغة) في طاعت بغير همز ويقال إذا أخبر عن نفسه ( طعت) بكسر الطاء ( وطعت) بضمها ( وأطعت) بزيادة الهمزة قال في القاموس: طاع له يطوع ويطاع انقاد كانطاع، وقال الزهري: الطوع نقيض الكره وطاع له انقاد فإذا مضى لأمره فقد أطاعه وقوله قال عبد الله: الخ ساقط في رواية أبي ذر.




[ قــ :4113 ... غــ : 4348 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ مُعَاذًا -رضي الله عنه- لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى بِهِمِ الصُّبْحَ فَقَرَأَ: { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 15] فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، زَادَ مُعَاذٌ عَنْ
شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا قَالَ: { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 15] قَالَ رَجُلٌ خَلْفَهُ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن حبيب بن أبي ثابت) الأسدي الفقيه المجتهد ( عن سعيد بن جبير) الوالبي الكوفي ( عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الأودي المخضرم ( أن معاذًا -رضي الله عنه- لما قدم اليمن صلّى بهم الصبح فقرأ) فيها بقوله تعالى: ( { واتخذ الله إبراهيم خليلاً} ) [النساء: 15] .
( فقال رجل من القوم) : المصلين جاهلاً ببطلان الصلاة بالكلام الأجنبي أو كان خلفهم لم يدخل في الصلاة، ولم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه كما قاله في المقدمة ( لقد قرت عين أم إبراهيم) لما حصل لها من السرور.

( زاد معاذ) هو ابن معاذ البصري ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن حبيب) بن أبي ثابت ( عن سعيد) أي ابن جبير ( عن عمرو) أي ابن ميمون الأودي ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث معاذًا إلى اليمن فقرأ معاذ في صلاة الصبح سورة النساء فلما قال: { واتخذ الله إبراهيم خليلاً} قال رجل خلفه) :
مصل أو غير مصل ( قرّت عين أم إبراهيم) أي بردت دمعتها لأن دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ومراده من إعادته بيان بعثه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمعاذ، وفهم من حديث ابن عباس السابق.
وهذا الحديث أنه بعثه أميرًا على المال وعلى الصلاة أيضًا.