فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال

باب وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ
( باب وفد بني حنيفة) بن لجيم بالجيم ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل قبيلة مشهورة ينزلون اليمامة بين مكة والمدينة ( وحديث ثمامة بن أثال) بمثلثة فميم مخففة بعدها ألف فميم وأثال بضم الهمزة فمثلثة خفيفة ابن النعمان بن مسلمة الحنفي.


[ قــ :4136 ... غــ : 4372 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ
يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ»؟ فَقَالَ عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ»؟ فَقَالَ: مَا.

قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ فَتَرَكَهُ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ»؟ قَالَ: عِنْدِي مَا.

قُلْتُ لَكَ: فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ قَالَ: لاَ وَاللهِ وَلَكِنْ، أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) أبو محمد التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدثني) بالإفراد ( سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري ( أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيلاً) أي فرسان خيل وهو من ألطف المجازات وأبدعها فهو على حذف مضاف، وفي الحديث يا خيل الله اركبي أي فرسان خيل الله ( قبل نجد) أي جهتها ( فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( ما عندك يا ثمامة) ؟ كذا في الفرع كأصله وغيرهما مما وقفت عليه من الأصول المعتمدة، والذي في الفتح وعمدة القاري ماذا بزيادة ذا وأعربه كالطيبي في شرح مشكاته أن تكون ما استفهامية وذا موصولاً وعندك صلته أي: ما الذي استقر عندك من الظن فيما أفعل بك أو ماذا بمعنى أي شيء مبتدأ وعندك خبره فظن خيرًا ( فقال عندي خير يا محمد) لأنك لست ممن يظلم بل يحسن وينعم ( إن تقتلني تقتل ذا دم) بالمهملة وتخفيف الميم أي أن تقتل من عليه دم مطلوب به وهو مستحق عليه فلا عيب عليك في قتله.
وفعل الشرط إذا كرر في الجزاء دل على فخامة الأمر، وللكشميهني كما في الفتح ذم بالمعجمة وتشديد الميم أي ذا ذمة وضعفت لأن فيها قلبًا للمعنى لأنه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله.
وأجيب: بالحمل على أن معناه الحرمة في قوله ( وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت فترك) بضم الفوقية أي فتركه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حتى كان الغد) وسقط لغير أبي ذر لفظ فترك ( ثم قال عليه الصلاة والسلام) له: ( ما عندك يا ثمامة فقال: ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر فتركه) عليه الصلاة والسلام ( حتى كان بعد الغد فقال) له: ( ما عندك يا ثمامة فقال: عندي ما قلت لك) .

اقتصر في اليوم الثاني على أحد الأمرين وحذفهما في اليوم الثالث، وفيه دليل على حذقه لأنه قدم أوّل يوم أشق الأمرين عليه وهو القتل لما رأى من غضبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في اليوم الأوّل، فلما رأى أنه لم يقتله رجا أن ينعم عليه فاقتصر على قوله: إن تنعم، وفي اليوم الثالث اقتصر على الإجمال تفويضًا إلى جميل خلقه ولطفه صلوات الله وسلامه عليه وهذا أدعى للاستعطاف والعفو.

( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( أطلقوا ثمامة) فأطلقوه ( فانطلق إلى نجل) بالجيم في الفرع أي ماء مستنقع وفي نسخة بالخاء المعجمة ( قريب من المسجد فاغتسل) منه ( ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دبنك أحب الدين إليّ والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ وإن خيلك)
أي فرسانك ( أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره رسول الله) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بما حصل له من الخير العظيم بالإسلام ومحو ما كان قبله من الذنوب العظام ( وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل) : لم أعرف اسمه ( صبوت) أي خرجت من دين إلى دين ( قال: لا والله) ما صبوت وسقط لفظ الجلالة من اليونينية ( ولكن أسلمت مع محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
وهذا من أسلوب الحكيم كأنه قال: ما خرجت من الدين لأنكم لستم على دين فأخرج منه بل استحدثت دين الله وأسلمت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رب العالمين.

فإن قلت: مع تقتضي استحداث المصاحبة لأن معنى المعية المصاحبة وهي مفاعلة وقد قيل الفعل بها فيجب الاشتراك فيه كذا نص عليه صاحب الكشاف في الصافات؟ أجيب: بأنه لا يبعد ذلك فلعله وافقه فيكون منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استدامة ومنه واستحداثًا.

( ولا والله) فيه حذف أي والله لا أرجع إلى دينكم و ( لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد ابن هشام ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئًا فكتبوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنك تأمر بصلة الرحم فكتب إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل إليهم.

وهذا الحديث قد مرّ في باب ربط الأسير في المسجد مختصرًا.




[ قــ :4137 ... غــ : 4373 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.




[ قــ :4138 ... غــ : 4374 ]
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّكَ أُرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ» فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا فَأُوحِيَ إِلَىَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن عبد الله بن أبي حسين) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بضم الحاء ابن الحارث النوفلي التابعي الصغير قال: ( حدّثنا نافع بن جبير) بضم الجيم ابن مطعم القرشي المدني ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قدم مسيلمة الكذاب) بكسر اللام ابن ثمامة بن كبير بالموحدة ابن حبيب بن الحارث من بني حنيفة وكان فيما قاله ابن إسحاق ادّعى النبوّة سنة عشر وقدم مع قومه ( على عهد رسول الله) ولأبوي ذر والوقت على عهد النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة ( فجعل يقول: إن جعل لي محمد) الخلافة ( من بعده) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني أن جعل لي محمد الأمر من بعده ( تبعته وقدمها في بشر كثير من قومه) بني حنيفة ( فأقبل إليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ليتألفه وقومه رجاء إسلامهم وليبلغه ما أنزل إليه ( ومعه) عليه الصلاة والسلام ( ثابت بن قيس بن شماس) خطيب الأنصار ( وفي يد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطعة جريد) من النخل ( حتى وقف على مسيلمة في أصحابه) فكلمه في الإسلام فطلب مسيلمة أن يكون له شيء من أمر النبوّة ( فقال) عليه الصلاة والسلام له:
( لو سألتني هذه القطعة) من الجريد ( ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك) لمن تجاوز حكمه ( ولئن أدبرت) عن طاعتي ( ليعقرنك الله) ليهلكنك ( وإني لأراك) بفتح الهمزة ولأبي ذر بضمها ( الذي رأيت) بضم الهمزة وكسر الراء في منامي ( فيه ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عني) لأنه الخطيب فاكتفى عليه الصلاة والسلام بما قاله له وإن كان يريد الإسهاب في الخطاب فهذا الخطيب يقوم بذلك ( ثم انصرف عنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( قال ابن عباس: فسألت عن قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنك أرى) بفتح الهمزة والراء وفي اليونينية بضم الهمزة ( الذي أريت) بضم الهمزة وكسر الراء ( فيه ما رأيت فأخبرني أبو هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم) وجواب بينا قوله ( رأيت في يدي) بتشديد الياء بالتثنية ( سوارين من ذهب) صفة لهما ( فأهمني شأنهما) فأحزنني لأن الذهب من حلية النساء ( فأوحي إليّ في المنام) وحي إلهام أو بواسطة الملك ( أن انفخهما) بهمزة وصل ( فنفختهما فطارا) لحقارة أمرهما ففيه إشارة إلى اضمحلال أمرهما ( فأوّلتهما كذابين) لأن الكذب وضع الشيء في غير موضعه ( يخرجان) أي تظهر شوكتهما ودعواهما النبوّة ( بعدي أحدهما العنسي) بفتح العين المهملة وسكون النون وكسر السين المهملة من بني عنس وهو الأسود واسمه عبهلة بن كعب ( والآخر مسيلمة) الكذاب.

وهذا الحديث مرّ في علامات النبوّة.




[ قــ :4138 ... غــ : 4375 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ».

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدثني ( إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي المروزي قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن همام) هو ابن منبه ( أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم أتيت) بضم الهمزة وكسر الفوقية ولأبي ذر فأتيت بالفاء ( بخزائن الأرض) ما فتح على أمته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الغنائم من ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما أو المراد معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة ( فوضع) بضم الواو وكسر الضاد ( في كفي) بالإفراد ( سواران من ذهب فكبرا) بضم الموحدة عظمًا وثقلاً ( عليّ فأوحي إليّ) وللكشميهني فأوحى الله إليّ ( أن انفخهما) بهمزة وصل ( فنفختهما فذهبًا فأوّلتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء) الأسود العنسي ( وصاحب اليمامة) مسيلمة الكذاب وصاحب بالنصب في الموضعين في اليونينية وفي فرعها بالرفع فيهما.

وهذا الحديث يأتي وإن شاء الله تعالى في كتاب التعبير بعون الله وقوّته.




[ قــ :4139 ... غــ : 4376 ]
- حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ، فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ، قُلْنَا مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ.

وبه قال: ( حدّثنا الصلت بن محمد) بالصاد المهملة بعدها لام ساكنة ففوقية الخاركي بالخاء المعجمة ( قال: سمعت مهدي بن ميمون) الأزدي المعولي بكسر الميم وسكون العين وفتح الواو بعدها لام مكسورة البصري ( قال: سمعت أبا رجاء) عمران بن ملحان ( العطاردي) أسلم زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يره ( يقول: كنا نعبد الحجر) من دون الله ( فإذا وجدنا حجرًا هو أخير) بهمزة وللأصيلي وابن عساكر خير بإسقاطها، ولأبي ذر عن الكشميهني أحسن ( منه ألقيناه) أي رميناه ( وأخذنا الأخر) والمراد بالخيرية الأحسنية كالبياض والنعومة ونحو ذلك من صفات الأحجار المستحسنة ( فإذا لم نجد حجرًا جمعنا جثوة) بضم الجيم وسكون المثلثة قطعة ( من تراب) تجمع فتصير كومًا ( ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه) حقيقة أو مجازًا عن التقرّب إليه بالتصديق عنه بذلك اللبن قاله
البرماوي كالكرماني واستبعده في الفتح وقال: المعنى نحلبه عليه ليصير نظير الحجر ( ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا منصل الأسنة) بفتح النون وتشديد الصاد للكشميهني كما في الفتح ولغيره بسكون النون وقد فسره في قوله ( فلا ندع رمحًا فيه حديدة ولا سهمًا فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه شهر رجب) أي في شهر رجب قال مهدي بالسند السابق.




[ قــ :4139 ... غــ : 4377 ]
- وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ: كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، غُلاَمًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.

( وسمعت أبا رجاء يقول: كنت يوم بعث النبي) بضم الموحدة وكسر العين ولأبي ذر: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بفتح الموحدة وسكون العين أي اشتهر أمره ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غلامًا أرعى الإبل على أهلي فلما سمعنا بخروجه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي ظهوره على قومه من قريش بفتح مكة ( فررنا إلى النار إلى مسيلمة الكذاب) بدل من النار بتكرار العامل وفيه إشارة إلى أن أبا رجاء كان ممن تابع مسيلمة من قومه بني عطارد.