فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} [البقرة: 58]

باب { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} رَغَدًا: وَاسِعٌ كَثِيرٌ
( باب) بالتنوين ( { وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} ) أي بيت المقدس ( { فكلوا منها حيث شئتم رغدًا} ) نصب على المصدر أو الحال من الواو أي واسعًا ( { وادخلوا الباب} ) أي باب القرية ( { سجدًا} ) حال من فاعل أدخلوا وهو جمع ساجد أي متطامنين مخبتين أو ساجدين لله شكرًا على إخراجكم من التيه ( { وقولوا حطة} ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة.
قال الزمخشري: والأصل النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة ورفعت لتعطي معنى الثبات وتكون الجملة في محل نصب بالقول ( { نغفر لكم خطاياكم} ) مجزوم في جواب الأمر أي بسجودكم ودعائكم ( { وسنزيد المحسنين} ) [البقرة: 58] ثوابًا.
ولأبي ذر { حيث شئتم} الآية.
وسقط ما بعد.

( { رغدًا} ) يريد قوله تعالى: { وكُلا منها رغدًا} [البقرة: 35] قال أبو عبيدة ( واسعٌ كثير) وفي نسخة واسعًا كثيرًا بالنصب، وهذا ثابت في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني ساقط لغيرهما.


[ قــ :4232 ... غــ : 4479 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ { ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، فَبَدَّلُوا وَقَالُوا: حِطَّةٌ حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد) غير منسوب ونسبه ابن السكن عن الفربري كما في الفتح فقال: محمد بن سلام.
قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل عندي أن يكون محمد بن يحيى الذهلي فإنه يروي عن عبد الرحمن بن مهدي أيضًا.
وقال الجياني: الأشبه أنه محمد بن بشار بتشديد المعجمة، وزاد الكرماني أو ابن المثنى قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي) أبو سعيد البصري قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه ( عن ابن المبارك) عبد الله ( عن معمر) بفتح الميمين
هو ابن راشد الأزدي ( عن همام بن منبه) بتشديد الميم الأولى ومنبه بتشديد الموحدة المكسورة ابن كامل الصنعاني أخي وهب ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) : ( قيل لبني إسرائيل) لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه الصلاة والسلام وفتح الله تعالى عليهم بيت المقدس عشية جمعة وقد حبست لهم الشمس قليلًا حتى أمكن الفتح ( { ادخلوا الباب} ) باب البلد ( { سجدًا} ) شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنصر وردّ بلدهم إليهم وإنقاذهم من التيه، وعن ابن عباس فيما رواه ابن جرير سجدًا قال ركعًا، وعن بعضهم المراد به الخضوع لتعذر حمله على حقيقته ( { وقولوا حطة} ) قيل: أمروا أن يقولوها على هذه الكيفية بالرفع على الحكاية وهي في على نصب بالقول، وإنما منع النصب حركة الحكاية، وتقدم قريبًا أنها أعربت خبر مبتدأ محذوف ومعناها اسم للهيئة من الحط كالجلسة، وعن ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم قال قيل لهم قولوا مغفرة ( فدخلوا يزحفون) بفتح الحاء المهملة ( على أستاههم) بفتح الهمزة وسكون المهملة أي أوراكهم ( فبدلوا) أي غيروا السجود بالزحف ( وقالوا حطة) كما قيل وزادوا على ذلك مستهزئين ( حبة في شعرة) بفتح العين والراء، وفي رواية حنطة بالنون بدل حطة.
وللكشميهني في الأعراف: في شعيرة بزيادة تحتية بعد كسر العين المهملة، وحاصل الأمر أنهم أمروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وأن يعترفوا بذنوبهم فخالفوا غاية المخالفة، ولذا قال الله تعالى في حقهم: { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزًا من السماء بما كانوا يفسقون} [البقرة: 59] والمراد بالرجز الطاعون، قيل: إنه مات به في ساعة أربعة وعشرون ألفًا.