فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله عز وجل: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما

باب { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ كُرْسِيُّهُ: عِلْمُهُ، يُقَالُ: بَسْطَةً: زِيَادَةً وَفَضْلًا.
أَفْرِغْ: أَنْزِلْ، وَلاَ يَئُودُهُ: لاَ يُثْقِلُهُ، آدَنِي: أَثْقَلَنِي وَالآدُ وَالأَيْدُ: الْقُوَّةُ، السِّنَةُ: نُعَاسٌ، يَتَسَنَّهْ: يَتَغَيَّرْ، فَبُهِتَ: ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ، خَاوِيَةٌ: لاَ أَنِيسَ فِيهَا: عُرُوشُهَا: أَبْنِيَتُهَا، نُنْشِرُهَا: نُخْرِجُهَا، إِعْصَارٌ: رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ، فِيهِ نَارٌ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلْدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ،.

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ: وَابِلٌ: مَطَرٌ شَدِيدٌ، الطَّلُّ: النَّدَى وَهَذَا مَثَلُ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ.
يَتَسَنَّهْ: يَتَغَيَّرْ.

( { فإن خفتم} ) ولأبي ذر باب قوله عز وجل: ( { فإن خفتم} ) أي من عدوّ أو غيره ( { فرجالًا أو ركبانًا} ) ، نصب على الحال والعامل محذوف تقديره فصلوا رجالًا ورجالًا جمع راجل كقائم وقيام وأو للتقسيم أو الإباحة أو التخيير ( { فإذا أمِنتم} ) من العدوّ وزال خوفكم ( { فاذكروا الله} ) أي أقيموا صلاتكم كما أمرتكم تامة الركوع والسجود والقيام والقعود ( { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} ) [البقرة: 239] الكاف في كما في موضع نصب نعتًا لمصدر محذوف أو حالًا من ضمير المصدر المحذوف، وما مصدرية أو بمعنى الذي وما لم تكونوا تعلمون مفعول علمكم، والمعنى فصلّوا الصلاة كالصلاة التي علمكم وعبّر الذكر عن الصلاة والتشبيه بين هيئتي الصلاتين الواقعة قبل الخوف وبعده في حالة الأمن، وفي رواية أبي ذر بعد قوله: { فإذا أمنتم} الآية وحذف ما بعد ذلك.

( وقال ابن جبير) : سعيد مما وصله ابن أبي حاتم في تفسير قوله تعالى: { وسع} ( { كرسيه} [البقرة: 255] أي علمه) تسمية للصفة باسم مكان صاحبها ومنه قيل للعلماء الكراسي وقيل يعبر به عن السر قال:
ما لي بأمرك كرسيّ أكاتمه ... ولا بكرسيّ علم الله محلوت
وقد يعبر به عن الملك لجلوسه عليه تسمية للحال باسم المحل وهو في الأصل لما يقعد عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد، وتفسير ابن جبير هذا فيه إشارة إلى أنه لا كرسي في الحقيقة ولا قاعد، وإنما هو مجاز عن علمه كما في غيره مما سبق.
وقال قوم: هو جسم بين يدي العرش ولذلك سمي كرسيًا محيط بالسماوات السبع لحديث أبي ذر الغفاري عند ابن مردويه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة".
وزعم بعض أهل الهيئة من الإسلاميين أن الكرسي هو الفلك الثامن وهو فلك الثوابت الذي فوقه الفلك التاسع وهو الأطلس وسمي الأطلس لكونه غير مكوكب وردّ ذلك عليهم آخرون.

( يقال) في تفسير قوله تعالى: { وزاده} أي طالوت ( { بسطة} ) أي ( زياة وفضلًا) في العلم والجسم تأهل بهما أن يؤتى الملك وكان رجلًا جسيمًا إذا مدّ الرجل القائم يده ينال رأسه وافر العلم قويًّا على مقاومة العدوّ ومكابدة الحرب.

( { أفرغ} ) يريد قوله تعالى: { ربنا أفرغ} أي ( أنزل) { علينا صبرًا} [البقرة: 250] على القتال، وسقط لأبي ذر من قوله يقال إلى هنا.

( { ولا يؤده} ) أي ( لا يثقله) { حفظهما} يقال ( آدني) هذا الأمر أي ( أثقلني والآد) بالمد مخففًا كالآل ( والأيد) كأنه يشير إلى قول داود: ذا الأيد أي ( القوة) وشطب في اليونينية على الألف واللام من قوله القوة.

( السنة) من قوله تعالى: { لا تأخذه سنة} ( نعاس) ولأبي ذر النعاس كذا فسره ابن عباس فيما أخرجه ابن أبي حاتم.

وقوله تعالى: { وانظر إلى طعامك وشرابك لم} ( { يتسنه} ) [البقرة: 259] أي ( يتغير) بمرور الزمان وعبر بالإفراد لأن الطعام والشراب كالجنس الواحد أو أعاد الضمير إلى الشراب لأنه أقرب مذكور وثم جملة أخرى حذفت لدلالة هذه عليها أي أنظر إلى طعامك لم يتسنه أو سكت عن تغير الطعام تنبيهًا بالأدنى على الأعلى لأنه إذا لم يتغير الشراب مع سرعة التغير إليه فعدم تغير الطعام أولى.

وقوله تعالى: ( { فبهت} ) { الذي كفر} [البقرة: 259] وهو نمروذ أي ( ذهبت حجته) وقرئ فبهت مبنيًا للفاعل أي فغلب إبراهيم الكافر.

وقوله تعالى: { أو كالذي مرّ على قرية وهي} ( { خاوية} ) أي ( لا أنيس فيها) والمارّ عزير كما عند ابن أبي حاتم والقرية القدس وقوله: ( { عروشها} ) أي ( أبنيتها) ساقطة.

( السنة) هي ( نعاس) وقد مرّ، وسقطت هذه لأبي ذر.

وقوله تعالى: { وانظر إلى العظام كيف} ( { ننشرها} ) [البقرة: 259] .
بالراء أي ( نخرجها) .
قال السدي وغيره: تفرقت عظام حماره حوله يمينًا وشمالًا فنظر إليها وهي تلوح من بياضها فبعث الله ريحًا فجمعتها من كل موضع من تلك المحلة ثم ركبت كل عظم في موضعه حتى صار حمارًا قائمًا من عظام لا لحم عليها ثم كساه الله تعالى لحمًا وعصبًا وعروقًا وجلدًا وبعث ملكًا فنفخ في منخري الحمار فنهق بإذن الله تعالى وذلك كله بمرأى من العزير، وسقط لأبي ذر من قوله عروشها الخ.

وقوله تعالى: { فأصابها} ( { إعصار} ) [البقرة: 266] أي ( ريح عاصف تهب من الأرض إلى السماء كعمود فيه نار) أي فتحرق ما في جنته من نخيل وأعناب والمعنى تمثيل حال من يفعل الأفعال الحسنة ويضم إليها ما يحبطها مثل الرياء والإيذاء في الحسرة والأسف إذا كان يوم القيامة واشتدت حاجته إليها وجدها محبطة بحال من هذا شأنه.

( وقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما مما وصله ابن جرير في قوله تعالى: { فتركه} ( { صلدًا} ) [البقرة: 264] أي ( ليس عليه شيء) من تراب فكذلك نفقة المرائي والمشرك لا يبقى له ثواب.

( وقال عكرمة) : مما وصله عبد بن حميد في قوله تعالى: { أصابها} ( { وابل} ) [البقرة: 265] .
أي ( مطر شديد) قطره، و ( الطل) في قوله تعالى: { فطل} أي ( الندى) وهذا تجوّز منه.
والمعروف أن الطل هو المطر الصغير القطر والفاء في { فطل} جواب الشرط ولا بدّ من حذف بعدها لتكمل جملة الجواب أي: فطل يصيبها فالمحذوف الخبر وجاز الابتداء بالنكرة لأنها في جواب الشرط ( وهذا مثل عمل المؤمن) .

( { يتسنه} ) أي ( يتغير) وقد مرّ وسقط لأبي ذر من قوله: وقال ابن عباس إلى آخر قوله يتغير.


[ قــ :4284 ... غــ : 4535 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضي الله تعالى عنهما - كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَالَ: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمِ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا فَإِذَا صَلَّوُا الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، وَلاَ يُسَلِّمُونَ وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ
الإِمَامُ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( مالك) الإمام ( عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان إذا سئل عن) كيفية ( صلاة الخوف.
قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس)
حيث لا تبلغهم سهام العدوّ ( فيصلّي بهم الإمام ركعة وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدوّ) تحرسهم منه ( لم يصلوا فإذا صلوا الذين) ولأبي ذر: فإذا صلّى الذين ( معه) أي مع الإمام ( ركعة استأخروا مكان) الطائفة ( الذين لم يصلوا) فيكونون في وجه العدوّ ( ولا يسلمون) بل يستمرون في الصلاة ( ويتقدم الذين لم يصلوا) والإمام قارئ منتظر لهم ( فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام) من صلاته بالتسليم ( وقد صلّى ركعتين فيقوم كل واحد) ولأبي ذر: فتقوم كل واحدة ( من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام فيكون كل واحد) ولأبي الوقت كل واحدة ( من الطائفتين قد صلّى ركعتين) وهذه الكيفية اختارها الحنفية كما نبهت عليه في صلاة الخوف ( فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا) حينئذ حال كونهم ( رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا) على دوابهم وزاد مسلم يومئ إيماء ( مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك)
الإمام الأعظم: ( قال نافع: لا أرى) بضم الهمزة أي أظن ( عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكذا وقع في كتاب صلاة الخوف من حديثه التصريح برفعه، وفي بعض النسخ تقديم هذا الحديث على قوله قال ابن جبير.