فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} [النساء: 88]

باب { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَدَّدَهُمْ.
فِئَةٌ: جَمَاعَةٌ
( { فما لكم} ) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: { فما لكم} مبتدأ وخبر ( { في المنافقين} ) يجوز تعلقه بما تعلق به الخبر وهو لكم ويجوز تعلقه بمحذوف على أنه حال من ( { فئتين} ) والمعنى ما لكم لا تتفقون في شأنهم بل افترقتم في شأنهم بالخلاف في نفاقهم مع ظهوره ( { والله أركسهم} ) ردهم في حكم المشركين كما كانوا ( { بما كسبوا} ) الباء سببية وما مصدرية أو بمعنى الذي والعائد محذوف على الثاني لا الأوّل وسقط لغير أبوي ذر والوقت بما كسبوا.

( قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما وصله الطبري في قوله: ( { أركسهم} ) أي ( بددهم) يعني فرقهم ومزق شملهم وقوله: ( فئة) واحد فئتين ومعناه ( جماعة) كقوله تعالى: { كم من فئة قليلة} [البقرة: 249] { وفئة تقاتل في سبيل الله} [آل عمران: 13] .


[ قــ :4336 ... غــ : 4589 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أُحُدٍ وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ، فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لاَ.
فَنَزَلَتْ: { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} .

     وَقَالَ : إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن بشار) هو بندار العبدي قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر ( وعبد الرحمن) بن مهدي ( قالا: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين ابن ثابت التابعي ( عن عبد الله بن يزيد) الخطمي الصحابي ( عن زيد بن ثابت) الأنصاري ( رضي الله تعالى عنه) أنه قال في قوله تعالى: ( { فما لكم في المنافقين فئتين} رجع ناس من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحد) وهم عبد الله بن أبيّ المنافق وأتباعه وكانوا ثلاثمائة وبقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سبعمائة ( وكان الناس فيهم فرقتين فريق يقول اقتلهم) يا رسول الله فإنهم منافقون
( وفريق يقول لا) تقتلهم فإنهم تكلموا بكلمة الإسلام ( فنزلت: { فما لكم في المنافقين فئتين} وقال) : أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولأبي ذر: فقال:
( إنها) أي المدينة ( طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة) ولأبي ذر عن الحموي خبث الحديد بدل الفضة، وقيل نزلت في قوم رجعوا إلى مكة وارتدوا وقيل في عبد الله بن أبي المنافق لما تكلم في حديث الإفك وتقاولت الأوس والخزرج بسببه.
قال ابن كثير: وهذا غريب وقيل غير ذلك.

<