فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} [النساء: 94] «

باب { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ: وَاحِدٌ
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} ) [النساء: 94] اللام في لمن للتبليغ، ومن موصولة أو موصوفة وألقى ماضي اللفظ لكنه بمعنى المستقبل أي لمن يلقي لأن النهي لا يكون عما انقضى أي لا تقولوا لمن حياكم بتحية السلام أنه وإنما قالها تعوذًا فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا ماله ولكن كفوا واقبلوا منه ما أظهر لكم ( السلم) بكسر السين وسكون اللام وهي قراءة رويس عن عاصم بن أبي النجود ( والسلم) بفتحهما من غير ألف وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة وفي الفرع والسلم بسكون اللام بعد فتح وروي عن عاصم الجحدري ( والسلام) بفتحهما ثم ألف وهي قراءة الباقين ( واحد) أي في المعنى وهو الاستسلام والانقياد واستعمال ذي الألف في التحتية أكثر.


[ قــ :4338 ... غــ : 4591 ]
- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرو، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: { عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلاَمَ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) في قوله تعالى: ( { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا} قال) عطاء: ( قال ابن عباس: كان رجل) هو عامر بن الأضبط ( في غنيمة له) بضم الغين وفتح النون تصغير غنم ( فلحقه المسلمون) وكانوا في سرية ( فقال) أي الرجل لهم ( السلام عليكم) وعند أحمد والترمذي من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس قالوا: ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا ( فقتلوه) وكان الذي قتله محلم بن جثامة كما ذكره البغوي في معجم الصحابة وكان أمير السرية أبو قتادة كذا نقله في المقدمة، وكذا رواه ابن إسحاق في المغازي وأحمد من طريقه عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي بلفظ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة ومحلم بن جثامة فأمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فسلم علينا فحمل عليه محلم فقتله ( وأخذوا غنيمته) وفي رواية سماك وأتوا بغنمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فأنزل الله في ذلك) يعني قوله: { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله} ولأبي ذر وذلك ( إلى قوله: { عرض الحياة} ) ولأبي ذر إلى قوله تبتغون عرض الحياة ( { الدنيا} ) أي حطامها وهو ( تلك الغنيمة) .

وروى الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن اسم المقتول مرداس بكسر الميم وسكون الراء وبالمهملتين ابن نهيك بفتح النون وكسر الهاء آخره كاف قبلها تحتية ساكنة من
أهل فدك، وأن اسم القاتل أسامة بن زيد وأن اسم أمير السرية غالب بن فضالة الكعبي، وأن قوم مرداس لما انهزموا بقي وحده وكان ألجأ غنمه إلى جبل فلما لحقوه قال لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فقتله أسامة بن زيد فلما رجعوا نزلت الآية.
وأخرج عبد بن حميد من طريق قتادة نحوه وكذا الطبري من طريق السدي ولا مانع من التعدد ونزول الآية مرتين.

( قال) عطاء بن أبي رباح: ( قرأ ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( السلام) بألف بعد اللام المفتوحة وهو موصول بالإسناد السابق.

وحديث الباب أخرجه مسلم في آخر كتابه وأبو داود في الحروب والنسائي في السير والتفسير.