فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {يستفتونك قل: الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له

باب { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] .
وَالْكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ وَهْوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ
هذا ( باب) بالتنوين وسقط لغير أبي ذر لفظ باب في قوله تعالى: ( { يستفتونك} ) أي في
الكلالة حذف لدلالة الثاني عليه في قوله: ( { قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك} ) أي مات وارتفع امرؤ بالمضمر المفسر بالمذكور ( { ليس له ولد} ) أي ابن صفة لامرؤ واستدلّ به من قال ليس من شرط الكلالة انتفاء الوالد بل يكفي انتفاء الولد وهو رواية عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه لكن الذي عليه الجمهور من الصحابة والتابعين أنه من لا ولد له ولا والد وهو قول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أخرجه ابن أبي شيبة ويدل على ذلك قوله تعالى: ( { وله أخت فلها نصف ما ترك} ) ولو كان معها أب لم ترث شيئًا لأنه يحجبها بالإجماع فدلّ على أنه من لا ولد له بنص القرآن ولا والد بالنص عند التأمل أيضًا لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية والمراد الأخت من الأبوين أو الأب لأنه جعل أخوها عصبة وابن الأم لا يكون عصبة ( { وهو} ) أي والمرء ( { يرثها} ) أي جميع مال الأخت إن كان الأمر بالعكس ( { إن لم يكن لها ولد} ) [النساء: 176] ذكرًا كان أو أنثى أي ولا والد لأنه لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئًا ( والكلالة: من لم يرثه أبّ أو ابن) كما مر ( وهو) كما قال أبو عبيدة ( مصدر من تكلله النسب) أي تعطف النسب عليه وقال في الصحاح ويقال هو مصدر من تكلله النسب أي تطرفه كأنه أخذ طرفيه من جهة الولد والوالد وليس له منهما أحد فسمى بالمصدر اهـ.

وقال غيره، والكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو ذهاب القوة من الإعياء، وعلى هذا فقول العيني متعقبًا على الحافظ ابن حجر عزوه ما ذكره البخاري من كونه مصدرًا لأبي عبيدة فيه نظر لأن تكلل على وزن تفعل ومصدره تفعل وليس بمصدر بل هو اسم لا يخفى ما فيه وقيل كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو إكليل وبه سميت لأن الوراث يحيطون به من جوانبه وقيل الأب والابن طرفان للرجل فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمي ذهاب الطرفين كلالة.


[ قــ :4352 ... غــ : 4605 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: { يَسْتَفْتُونَكَ} .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه قال: ( سمعت البراء) بن عازب ( رضي الله تعالى عنه قال: آخر سورة نزلت) على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( براءة) بالتنوين ( وآخر آية نزلت { يستفتونك} ) زاد أبو ذر { قل الله يفتيكم في الكلالة} وقد سبق في البقرة من حديث ابن عباس آخر آية نزلت آية الربا فيحتمل أن يقال آخرية الأولى باعتبار نزول أحكام الميراث والأخرى باعتبار أحكام الربا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفرائض وكذا أبو داود والنسائي.

( بسم الله الرحمن الرحيم)

( [5] سورة الْمَائِدَةِ)
وهي مدنية إلا { اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فبعرفة عشيتها.
قال في الينبوع: ومن نسب هذه السورة إلى عرفة فقدسها بل نزلت بالمدينة سوى الآيات من أوّلها فإنهن نزلن في حجة الوداع وهو على راحلته بعرفة بعد العصر انتهى.

وقد روى الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت: إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ نزلت عليه المائدة كلها وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وعن ابن عمر آخر سورة أنزلت المائدة والفتح، قال الترمذي حسن غريب، وثبتت البسملة بعد قوله المائدة لأبي ذر.