فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} [النساء: 43] "

باب قَوْلِهِ: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} تَيَمَّمُوا: تَعَمَّدُوا، آمِّينَ: عَامِدِينَ، أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَسْتُمْ وَتَمَسُّوهُنَّ وَاللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ.
وَالإِفْضَاءُ: النِّكَاحُ
( باب قوله) تعالى: وثبت باب قوله لأبي ذر عن المستملي ( { فلم تجدوا ماء} ) معطوف على ما قبله والمعنى أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فطلبتم الماء لتتطهروا به فلم تجدوه بثمن ولا بغيره ( { فتيمموا صعيدًا} ) ترابًا ( { طيبًا} ) ولعل ذكر الكلام في التيمم ثانيًا لتحقيق شموله للجنب والمحدث حيث ذكر عقيب { وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 7] فإنه نقل عن عمر وابن مسعود عند ذكر الأولى التخصيص بالمحدث ( تيمموا) أي ( تعمدوا) وسقط تيمموا تعمدوا لغير المستملي، وقوله تعالى: { ولا آمين البيت الحرام} [المائدة: 2] أي ( عامدين أممت وتيممت واحد) قاله أبو عبيدة ( وقال ابن عباس: لمستم وتمسوهن) وفي الفرع ولمستموهن والأوّل هو الذي في أصله ( واللاتي دخلتم بهن والإفضاء) الأربعة معناها ( النكاح) فالأول وصله إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق مجاهد عنه، والثاني وصله ابن المنذر، والثالث ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه، والرابع ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس.


[ قــ :4354 ... غــ : 4607 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عائشة -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ -أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ- انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ،.

     وَقَالَ  مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ: وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي وَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْعِقْدُ تَحْتَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق ( عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنها ( قالت: خرجنا مع رسول الله) ولأبي ذر عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره) هو غزوة بني المصطلق وكانت سنة ست أو خمس ( حتى إذا كنا بالبيداء) بفتح الموحدة والمد ( أو بذات الجيش) بفتح الجيم وبعد الياء الساكنة شين معجمة موضعين بين مكة والمدينة والشك من عائشة ( انقطع عقد لي) بكسر العين وسكون القاف أي قلادة وإضافته دها باعتبار استيلائها لمنفعته وإلا فهو لأسماء استعارته منها ( فأقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق) -رضي الله عنه- وسقط لفظ الصديق لأبي ذر ( فقالوا) له: ( ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبالناس) بحرف الجر ( وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واضع رأسه على فخذي) بالذال المعجمة ( قد نام.
فقال)
: ولأبي ذر وقال: ( حبست رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) حبست ( الناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء.
قالت)
ولأبوي ذر والوقت فقالت ( عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول) قال حبست الناس في قلادة وفي كل مرة تكونين عناء ( وجعل يطعنني بيده في خاصرتي) بضم عين يطعنني وقد تفتح ( ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على فخذي فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين أصبح) ولغير أبوي ذر والوقت فنام حتى أصبح ( على غير ماء فأنزل الله آية التيمم) التي بالمائدة.
زاد أبو ذر فتيمموا بلفظ الماضي أي تيمم الناس لأجل الآية أو هو أمر على ما هو لفظ القرآن ذكره بيانًا أو بدلًا من آية التيمم أي أنزل الله فتيمموا وفي نسخة فتيممنا ( فقال أسيد بن حضير) : بضم الحاء وفتح الضاد المعجمة مصغرًا كسابقه الأنصاري الأشهلي ( ما هي) أي البركة التي حصلت للمسلمين برخصة التيمم ( بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر) بل هي مسبوقة بغيرها ( قالت) عائشة: ( فبعثنا) أي أثرنا ( البعير الذي كنت) راكبة ( عليه) حالة السير ( فإذا العقد تحته) .

وهذا الحديث قد سبق في التيمم.




[ قــ :4355 ... غــ : 4608 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- سَقَطَتْ قِلاَدَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ، وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً.

     وَقَالَ : حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلاَدَةٍ فَبِي الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَوْجَعَنِي ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} [المائدة: 6] الآيَةَ.
فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي نزيل مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله ( قال أخبرني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري ( أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها قالت: ( سقطت قلادة) بكسر القاف ( لي بالبيداء) ليس في هذه الرواية أو بذات الجيش ( ونحن داخلون المدينة) الواو للحال ( فأناخ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) راحلته ( ونزل) عنها ( فثنى رأسه) أي وضعها ( في حجري) حال كونه عليه الصلاة والسلام ( راقدًا.
أقبل أبو بكر فلكزني لكزة)
بالزاي أي دفعني في صدري بيده دفعة ( شديدة وقال: حبست الناس في قلادة فبي الموت لمكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد أوجعني، ثم إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استيقظ وحضرت الصبح) أي صلاة الصبح ( فالتمس الماء) بالرفع مفعولًا ناب عن الفاعل أي التمس الناس الماء ( فلم يوجد فنزلت: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
فقال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم)
أي بسببكم ( يا أبي بكر ما أنتم إلا بركة لهم) .