فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {والجروح قصاص} [المائدة: 45]

باب قَوْلِهِ { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
( باب قوله) تعالى: ( { والجروح قصاص} ) [المائدة: 45] أي ذات قصاص فيما يمكن أن يقتص منه، وهذا تعميم بعد التخصيص لأن الله تعالى ذكر النفس والعين والأنف والأذن فخص الأربعة بالذكر، ثم قال والجروح قصاص على سبيل العموم فيما يمكن أن يقتص منه كاليد والرجل، وأما ما لا يمكن ككسر في عظم أو جراحة في بطن يخاف منها التلف فلا قصاص فيه بل فيه الأرش والحكومة وسقط لفظ باب لغير أبي ذر وقوله للكشميهني والحموي.


[ قــ :4358 ... غــ : 4611 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَطَلَبَ الْقَوْمُ الْقِصَاصَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقِصَاصِ.
فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: لاَ وَاللَّهِ لاَ تُكْسَرْ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن سلام) السلمي مولاهم البخاري البيكندي قال: ( أخبرنا الفزاري) بفتح الفاء والزاي وبعد الألف راء مروان بن معاوية بن الحارث ( عن حميد) الطويل ( عن أنس) هو ابن مالك الأنصاري ( رضي الله تعالى عنه) أنه ( قال: كسرت الربيع) بضم
الراء وفتح الموحدة وبعد التحتية المكسورة المشدّدة عين مهملة ( وهي عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار) أي شابة غير رقيقة ولم تسم ( فطلب القوم) أي قوم الجارية ( القصاص) من الربيع ( فأتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ليحكم بينهم ( فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقصاص) من الربيع ( فقال أنس بن النضر) بالضاد الساكنة ( عم أنس بن مالك: لا والله لا تكسر سنها) ولأبي ذر: ثنيتها ( يا رسول الله) ليس ردًّا للحكم بل نفي لوقوعه لما كان له عند الله من القرب والثقة بفضل الله تعالى ولطفه أنه لا يخيبه بل يلهمهم العفو ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( يا أنس كتاب الله القصاص) بالرفع مبتدأ وخبر قال تعالى: { والسن بالسن} إن قلنا شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ ( فرضي القوم) فتركوا القصاص عن الربيع ( وقبلوا الأرش فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) في قسمه.

وهذا الحديث قد سبق في باب الصلح في الدّية من كتاب الصلح.