فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [الأنفال: 39]

باب { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} [الأنفال: 39]
({ وقاتلوهم} ) حث للمؤمنين على قتال الكفار وفي بعض النسخ باب قوله: { وقاتلوهم} ونسب لأبي ذر ({ حتى لا تكون فتنة} ) أي إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط ({ ويكون الدين كله
لله}
) [الأنفال: 39] .
ويضمحل عنهم كل دين باطل وسقط ويكون الدين الخ لغير أبي ذر.


[ قــ :4396 ... غــ : 4650 ]
- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لاَ تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} إِلَى آخِرِهَا قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ،.
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (الحسن بن عبد العزيز) الجروي بالجيم والراء المفتوحتين المصري نزيل بغداد قال: (حدّثنا عبد الله بن يحيى) المعافري بفتح الميم والعين المهملة وكسر الفاء وبعدها راء البرلسي قال: (حدّثنا حيوة) بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة ابن شريح بالمعجمة أوله والمهملة آخره (عن بكر بن عمرو) بفتح الموحدة والعين المعافري (عن بكير) بضم الموحدة مصغرًا ابن عبد الله الأشج (عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلًا) هو حبان بالموحدة صاحب الدثنية أو العلاء بن عرار بمهملات الأولى مكسورة أو نافع بن الأزرق أو الهيثم بن حنش (جاءه) زاد في البقرة في فتنة ابن الزبير (فقال) له: (يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: ({ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} ) [الحجرات: 9] باغين بعضهم على بعض (إلى آخر الآية فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟) كلمة "لا" زائدة كهي في قوله: ما منعك أن لا تسجد وكان لم يقاتل في حرب من الحروب الواقعة بين المسلمين كصفين والجمل ومحاصرة ابن الزبير (فقال: يا ابن أخي أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إليّ من أن اغتر بهذه الآية التي يقول الله تعالى) فيها: ({ ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} ) [النساء: 93] (إلى آخرها) اغتر في هذين الموضعين بالغين المعجمة والفوقية من الاغترار أي تأويل هذه الآية { وإن طائفتان} أحب من تأويل الأخرى { ومن يقتل مؤمنًا} التي فيها تغليظ شديد وتهديد عظيم، ولأبي ذر عن الكشميهني أعير بضم الهمزة وفتح العين المهملة وتشديد التحتية في الموضعين (قال) الرجل (فإن الله) تعالى (يقول: { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ) هذا موضع الترجمة (قال ابن عمر: قد فعلنا) ذلك (على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ) أي حين (كان الإسلام قليلًا فكان الرجل يفتن في دينه) بضم الياء مبنيًّا للمفعول (إما يقتلوه وإما يوثقوه) بحذف نون الرفع وهو موجود في
الكلام الفصيح نثره ونظمه كما قاله ابن مالك، ولأبي ذر: إما يقتلونه وإما يوثقونه بإثبات النون فيهما (حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة، فلما رأى) أي الرجل (أنه) أي ابن عمر (لا يوافقه فيما يريد) من القتال (قال: فما قولك في عليّ وعثمان) وكان السائل كان من الخوارج (قال ابن عمر: ما قولي في عليّ وعثمان أما عثمان فكان الله قد عفا عنه) لما فرّ يوم أُحُد في قوله: { لقد عفا الله عنكم} [آل عمران: 155] (فكرهتم أن تعفوا عنه) بالفوقية وسكون الواو خطابًا للجماعة (وأما عليّ فابن عم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وختنه) بفتح الخاء المعجمة والمثناة الفوقية أي زوج ابنته (وأشار بيده وهذه ابنته) بهمزة وصل (أو بنته) بتركها، والمراد بها فاطمة.
والشك من الراوي محافظة على نقل اللفظ على وجهه كما سمع أي هذه ابنة أو بنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (حيث ترون) منزلها بين منازل أبيها، والذي في اليونينية وفرعها: وهذه ابنته بالنون أو بيته بالموحدة المكسورة بدلها واحد البيوت، وشك الراوي فأتى باللفظين مع حرف الشك تحرّجًا من أن يجزم بلفظ هو فيه شاك، وللكشميهني أو أبيته بهمزة مفتوحة فموحدة ساكنة فتحتية مضمومة ففوقية بلفظ جمع القلة في البيت وهو شاذ.
قال في المصابيح ويروى هذه أبنيته أو بيته بفتح الموحدة الأول جمع بناء والثاني واحد البيوت.
وقال الحافظ ابن حجر في مناقب عليّ من وجه آخر: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية النسائي ولكن انظر إلى منزلته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس في المسجد غير بيته قال: وهذا يدل على أنه تصحف على بعض الرواة فقرأها بنته بموحدة ثم نون ثم طرأ له الشك فقال بنته أو بيته والمعتمد أنه البيت فقط لما ذكرنا من الروايات المصرحة بذلك وتأنيث اسم الإشارة باعتبار البقعة، وفيه بيان قربه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكانه ومكانًا.




[ قــ :4397 ... غــ : 4651 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا بَيَانٌ أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا أَوْ إِلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ؟ كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ.

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) هو ابن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي قال: ( حدّثنا زهير) هو ابن معاوية الجعفي قال: ( حدّثنا بيان) بفتح الموحدة والتحتية المخففة وبعد الألف نون ابن بشر بموحدة مكسورة فمعجمة ساكنة ( أن وبرة) بفتح الواو والموحدة والراء وقد تسكن الموحدة ابن عبد الرحمن المسلمي بضم الميم وسكون المهملة وباللام الحارثي ( حدّثه قال: حدّثني) بالإفراد ( سعيد بن جبير قال: خرج علينا أو إلينا) بالشك ( ابن عمر فقال) له ( رجل) سبق الخلف في اسمه قريبًا ( كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال) ابن عمر ولأبي ذر قال ( وهل تدري ما الفتنة؟ كان محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة وليس) القتال معه ( كقتالهم) ولأبي ذر: وليس بقتالكم ( على الملك) بضم الميم بل كان قتالًا على الدين لأن المشركين كانوا يفتنون المسلمين إما بالقتل واما بالحبس.