فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]

باب قَوْلِهِ: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 112]
( باب قوله) تعالى ( { ما كان} ) أي ما ينبغي ( { للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} ) [التوبة: 112] لأن النبوّة والإيمان يمنعان من ذلك وسقط باب وتاليه لغير أبي ذر.


[ قــ :4420 ... غــ : 4675 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَنَزَلَتْ: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} .

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني ( إسحاق بن إبراهيم) بن نصر أبو إبراهيم السعدي المروزي وقيل البخاري قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا ( معمر) بسكون العين ابن رشاد البصري ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سعيد بن المسيب) بفتح التحتية وقد تكسر ( عن أبيه) المسيب بن خزن أنه ( قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي علاماتها ( دخل النبي) ولغير أبي ذر دخل عليه النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده أبو جهل) عمرو بن هشام ( وعبد الله بن أبي أمية) المخزومي أسلم عام الفتح ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أي عم) أي يا عمي وحذفت ياء الإضافة للتخفيف ( قل لا إله إلا الله) وجواب الأمر قوله ( أحاج) بضم الهمزة وتشديد الجيم آخره ( لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب) بهمزة الاستفهام الإنكاري أي أتعرض ( عن ملة عبد المطلب؟) أبيك ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أبى أن يقول كلمة الإخلاص ( لأستغفرن لك) كما استغفر إبراهيم لأبيه ( ما لم أُنه عنك) بضم الهمزة وسكون النون مبنيًا للمفعول ( فنزلت) في أبي طالب آية: ( { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} ) لموتهم على الشرك.

وقيل: إن سبب نزولها ما في مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة" قال في الكشاف: وهذا أصح لأن موت أبي طالب وإن قبل الهجرة وهذا آخر ما نزل بالمدينة وتعقبه صاحب التقريب فيما حكاه الطيبي بأنه يجوز أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يستغفر لأبي طالب إلى حين نزولها والتشديد مع الكفار إنما ظهر في هذه السورة.
قال في فتوح الغيب: وهذا هو الحق ورواية نزولها في أبي طالب هي الصحيحة وسقط قوله: ولو كانوا أولي قربى الخ لأبي ذر وقال بعد قوله للمشركين الآية.