فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر، فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا، حتى إذا أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90]

باب {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]
{نُنَجِّيكَ} [يونس: 92] : نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ وَهْوَ النَّشَزُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِع
( {وجاوزنا}) وفي نسخة: باب وجاوزنا ( {ببني إسرائيل البحر}) بحر القلزم حافظين لهم وكانوا فيما قيل ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدون فيهم ابن عشر سنين لصغره ولا ابن
ستين لكبره ( {فأتبعهم}) أي أدركهم ( {فرعون وجنوده بغيًا وعدوًّا}) عند شروق الشمس وكانوا فيما قيل ألف ألف وستمائة ألف وفيهم مائة ألف حصان أدهم ليس فيها أنثى.

وعن ابن عباس فيما رواه ابن مردويه بسنده كان مع فرعون سبعون قائدًا مع كل قائد سبعون ألفًا وكان فرعون في الدهم وهارون على مقدمة بني إسرائيل وموسى في الساقة فلما قربت مقدمة فرعون منهم قال بنو إسرائيل لموسى: هذا البحر أمامنا إن دخلناه غرقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا قال: {كلا إن معي ربي سيهدين} فأوحى الله إليه {أن اضرب بعصاك البحر} فضربه {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} وصار اثني عشر طريقًا لكل سبط واحد، وأمر الله الريح فنشفت أرضه وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا وجاوزت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهمّ بالرجوع وهيهات ولات حين مناص نفذ القدر واستجيبت الدعوة وجاء جبريل على فرس أنثى وخاض البحر فلما شم أدهم فرعون ريح فرس جبريل اقتحم وراءه ولم يملك فرعون من أمره شيئًا واقتحمت الخيول خلفه في البحر وميكائيل في ساقتهم يسوقهم ولا يترك أحدًا منهم إلا ألحقه بهم فلما تكاملوا وهمّ أوّلهم بالخروج منه أمر الله القادر القاهر البحر فانطبق عليهم فلم ينج منهم أحد وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم وتراكمت الأمواج فوق فرعون ( {حتى إذا أدركه الغرق}) وغشيته سكرات الموت ( {قال}) وهو كذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها ( {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}) [يونس: 90] وما علم اللعين أن التوبة عند المعاينة غير نافعة فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ولذا قال الله تعالى في جواب فرعون {الآن} أي أتؤمن وقت الاضطرار {وقد عصيت قبل} [يونس: 90] .

وفي حديث ابن عباس عند أحمد وغيره مرفوعًا: لما قال فرعون {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة.
ورواه الترمذي وقال حسن وحال البحر هو طينه الأسود، والمعنى لو رأيتني لرأيت أمرًا عجيبًا يبهت الواصف عن كنهه، فإني لما شاهدت تلك الحالة بهت غضبًا على عدوًا الله لادعائه تلك العظمة فعمدت إلى حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة لسعتها، والحاصل أنه إنما فعل ذلك غضبًا لله وعلمًا منه أنه لا ينفعه الإيمان لا أنه كره إيمانه لأن كراهة الإيمان من الكافر كفر، لكن قال أبو منصور الماتريدي في التأويلات: الرضا بالكفر ليس بكفر مطلقًا إنما يكون كذلك إذا رضي بكفر نفسه لا بكفر غيره، ويؤيده قصة ابن أبي سرح المروية في سنن أبي داود والنسائي لما جاء يوم الفتح بين يدي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلب المبايعة ثلاث مرات وكل ذلك يأبى ثم بايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت عن بيعته فيقتله الحديث.

وقيل إنما قصد فرعون بقوله الخلاص أو لأنه كان لمجرد التعليق كما قال: آمنت به بنو إسرائيل فكأنه قال لا أعرفه فكيف يزول كفره بهذا التقليد، وقد روي أن جبريل استفتاه ما قولك في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته وجحد حقه وادعى السيادة دونه، فكتب يقول الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماه أن يغرق في البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه، وسقط لأبي ذر {فأتبعهم} الخ وقال إلى قوله: {وأنا من المسلمين}.

( {ننجيك}) [يونس: 92] بسكون النون وتخفيف الجيم من أنجى وهي قراءة يعقوب وفي نسخة ننجيك بتخفيف الجيم أي ( نلقيك على نجوة من الأرض وهو) أي النجوة ( النشز) بفتح النون والمعجمة آخره زاي وهو ( المكان المرتفع) .
وقرأ ابن السميقع ننحيك بالحاء المهملة المشدّدة أي نلقيك بناحية مما يلي البحر ليراك بنو إسرائيل.
قال كعب: رماه إلى الساحل كأنه ثور.

وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: لما خرج موسى عليه الصلاة والسلام وأصحابه قال: من تخلف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه، ولكنهم في خزائن البحر يتصيدون فأوحى الله تعالى إلى البحر أن الفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخينس قصيرًا.
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {ببدنك} قال بجسدك.
ومن طريق أبي صخر المدني قال: البدن الدرع الذي كان عليه قيل، وكانت له درع من ذهب يعرف بها وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنًا من أن يغرق.


[ قــ :4425 ... غــ : 4680 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَصْحَابِهِ: «أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوا».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي البصري قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس اليشكري البصري ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه ( قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) فأقام بها إلى عاشوراء من السنة الثانية ( و) إذا ( اليهود تصوم عاشوراء) فسألهم ( فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون) وفي رواية فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا) .

ومطابقته للترجمة في رواية أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه كما لا يخفى، وسبق حديث الباب في الصيام بنحوه.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم

[11] - سورة هُودٍ عليه الصلاة والسلام
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَصِيبٌ: شَدِيدٌ، لاَ جَرَمَ: بَلَى.
( وَقَالَ غَيْرُهُ: وَحَاقَ: نَزَلَ، يَحِيقُ: يَنْزِلُ، يَؤُوسٌ، فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ،.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: تَبْتَئِسْ: تَحْزَنْ، يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ شَكٌّ وَافْتِرَاءٌ فِي الحَقِّ، لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ مِنَ اللهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا)
( وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ الأَوَّاهُ الرَّحِيمُ بِالْحَبَشِيَّةِ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: بَادِئَ الرَّأْيِ مَا ظَهَرَ لَنَا،.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: الْجُودِيُّ: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ،.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ: إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: أَقْلِعِي: أَمْسِكِي، عَصِيبٌ: شَدِيدٌ، لاَ جَرَمَ: بَلَى، وَفَارَ التَّنُّورُ: نَبَعَ الْمَاءُ،.

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ)
.

[11] - سورة هُودٍ عليه الصلاة والسلام
( بسم الله الرحمن الرحيم)
مائة وثلاث وعشرون آية [بسم الله الرحمن الرحيم] سقطت البسملة لغير أبي ذر.

( قال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى حكاية عن لوط عليه الصلاة والسلام حين جاءته الملائكة في صورة غلمان وظن أنهم أناس فخاف عليهم أن يقصدهم قومه فيعجز عن مدافعتهم هذا يوم ( {عصيب}) أي ( شديد) وفي قوله: ( {لا جرم}) أي ( بلى) أي حقًّا أنهم في الآخرة هم الأخسرون ( وقال غيره) في قوله تعالى: ( {وحاق}) أي ( نزل) بهم وأصابهم ( يحيق) أي ( ينزل) وفي قوله تعالى: ( {إنه ليؤوس} يؤوس فعول من يئست) والمعنى ولئن أذقنا الإنسان حلاوة نعمة يجد لذتها ثم سلبناها منه أنه لقطوع رجاءه من فضل الله لقلة صبره وعدم ثقته به كفور لأن الوصف باليؤوس لا يليق إلا بالكافر فإنه يقع في الياس إذا سلبت نعمته والمسلم يثق بالله أن يعيدها أحسن ما كانت.

( وقال مجاهد) في قوله تعالى: فلا ( {تبتئس}) أي لا ( تحزن) وهذا وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كقوله في قوله تعالى: {ألا أنهم} ( {يثنون صدروهم} شك وافتراء) بالفاء والذي في أكثر الفروع المقابلة على اليونينية وامتراء ( في الحق) بالميم ( {ليستخفوا منه}) [هود: 5] أي ( من الله إن استطاعوا) وهذه الألفاظ المفسرة كلها من البسملة إلى هنا ثابتة في رواية الأبوين ومقدمة عندهما ومؤخرة في رواية غيرهما عن تاليها.

( وقال أبو ميسرة) ضد الميمنة عمرو بن شرحبيل الهمداني التابعي في قوله عز وجل {إن إبراهيم لأوّاه} ( الأوّاه: الرحيم بالحبشية) بالتحتية المشددة والذي في اليونينية بإسقاطها وهذا
ذكره المؤلّف في ترجمة إبراهيم من أحاديث الأنبياء.

( وقال ابن عباس) في قوله تعالى: ( {بادئ الرأي}) أي ( ما ظهر لنا) من غير تعمق.

( وقال مجاهد) في قوله جل وعز: {واستوت على ( {الجوديّ}) [هود: 44] ( الجوديّ جبل بالجزيرة) التي بين دجلة والفرات قرب الموصل تشامخت الجبال يومئذٍ من الغرق وتطاولت وتواضع هو لله عز وجل فلم يغرق.
وقال قتادة: استوت عليه شهرًا يعني حتى نزلوا منها ( وقال الحسن) البصري ( {إنك لأنت الحليم}) باللام ( يستهزئون به.
وقال ابن عباس {أقلعي} أمسكي)
عن المطر ( {عصيب}) أي ( شديد) ولأبي ذر وقال ابن عباس عصيب شديد ( {لا جرم}) أي ( بلى) ( {وفار التنور} نبع الماء) فيه وارتفع كالقدر يفور والتنور تنور الخبز وابتداء النبوع منه خارق للعادة وكان في الكوفة في موضع مسجدها أو في الهند وقيل في غيرهما.
( وقال عكرمة) : التنور ( وجه الأرض) وقيل: هو أشرف موضع فيها.


باب
{ أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [هود: 5] .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: وَحَاقَ: نَزَلَ، يَحِيقُ: يَنْزِلُ.
يَؤُوسٌ: فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: تَبْتَئِسْ: تَحْزَنْ، يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ: شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الْحَقِّ، لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ، مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا.

({ ألا إنهم يثنون صدورهم} ) مضارع ثنى يثني ثنيًا أي طوى وانحرف وصدورهم مفعول، والمعنى يحرفون صدورهم ووجوههم عن الحق وقبوله ({ ليستخفوا منه} ) اللام متعلقة بيثنون كما قاله الحوفي وغيره والمعنى إنهم يفعلون ثني الصدور لهذه العلة.
وقال الزمخشري ومن تبعه: متعلقة بمحذوف تقديره ويريدون ليستخفوا من الله فلا يطلع رسوله والمؤمنين على ازورارهم ونظير اضمار يريدون لعود المعنى إلى إضماره الإضمار في قوله: { أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} معناه فضرب فانفلق، لكن قال في الدر ليس المعنى الذي يقودنا إلى إضمار الفعل هناك كالمعنى هنا لأن ثم لا بدّ من حذف معطوف عليه يضطر العقل إلى تقديره لأنه ليس من لازم الأمر بالضرب انفلاق البحر فلا بدّ أن يتعقل فضرب فانفلق، وأما في هذه فالاستخفاء علة صالحة لثنيهم صدورهم فلا اضطرار بنا إلى إضمار الإرادة.
قال في فتوح الغيب: شبهه بقوله (اضرب بعصاك) في مجرد إرادة التقدير ليستقيم المعنى وروي عنه في الحاشية ثني الصدر بمعنى الإعراض إظهار للنفاق فلم يصح أن يتعلق به لام التعليل، فوجب إضمار ما يصح تعلقها به من شيء يستوي معه المعنى فلذلك قدر ويريدون ليستخفوا من الله أي يظهرون النفاق ويريدون مع ذلك أن يستخفوا منه ({ ألا حين يستغشون ثيابهم} ) يجعلونها أغشية وأغطية والناصب للظرف مضمر قدره في الكشاف بيريدون أي يريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم كراهة أن يسمعوا القرآن أو الناصب
له قوله ({ يعلم} ) أي ألا يعلم ({ ما يسرون} ) في قلوبهم ({ وما يعلنون} ) بأفواههم فلا تفاوت في علمه بين سرهم وعلنهم ({ إنه عليم بذات الصدور} ) [هود: 5] بأسرار ذوات الصدور.

(وقال غيره): أي غير عكرمة ({ وحاق} ) أي (نزل يحيق ينزل بؤوس فعول من يئست) بسكون السين (وقال مجاهد: تبتئس) بفوقيتين مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة أي (تحزن { يثنون صدورهم} شك وامتراء في الحق { ليستخفوا منه} ) أي (من الله إن استطاعوا).


[ قــ :446 ... غــ : 4681 ]
- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: { أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} [هود: 5] قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ.
[الحديث 4681 - أطرافه في: 468 - 4683] .

وبه قال: (حدّثنا الحسن بن محمد بن صباح) بالصاد المهملة والموحدة المشددة وبعد الألف حاء مهملة الزعفراني قال: (حدّثنا حجاج) هو ابن محمد الأعور (قال قال ابن جريج) عبد الملك (أخبرني) بالإفراد (محمد بن عباد بن جعفر) المخزومي (أنه سمع ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (يقرأ: ({ ألا أنهم تثنوني} ) بفتح الفوقية والنون الأولى بينهما مثلثة ساكنة وبعد الواو الساكنة نون أخرى مكسورة ثم ياء تحتية مضارع اثنوني على وزن افعوعل يفعوعل كاعشوشب يعشوشب من الثني وهو بناء مبالغة لتكرير العين ({ صدورهم} ) بالرفع على الفاعلية ولأبي ذر يثنوني بالتحتية بدل الفوقية صدورهم بالنصب (قال) أبي محمد بن عباد (سألته عنها فقال: أناس كانوا يستحيون) من الحياء ولأبي ذر يستخفون من الاستخفاء (أن يتخلوا) أي أن يدخلوا في الخلاء (فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء) بعوراتهم مكشوفات فيميلون صدورهم ويغطون رؤوسهم استخفاء (فنزل ذلك فيهم) { ألا إنهم يثنون صدورهم} [هود: 5] الآية.
إلى آخرها.




[ قــ :447 ... غــ : 468 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ { أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} قُلْتُ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ مَا تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي، فَنَزَلَتْ { أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( عن ابن جريج) عبد الملك ( وأخبرني محمد بن عباد بن جعفر) بالواو عطفًا على مقدر أي أخبرني غير محمد بن عباد ومحمد بن عباد ( أن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما قرأ: ( { ألا أنهم تثنوني} ) بفتح الفوقية والنون الأولى وكسر الثانية كذا في الفرع وأصله وبعدها تحتية ( { صدورهم} ) بالرفع ولأبي ذر: يثنون بضم النون الأولى وفتح الثانية وإسقاط
التحتية بعدها صدورهم نصب على المفعولية قال محمد بن عباد ( قلت: يا أبا العباس) هي كنية عبد الله بن عباس ( ما تثنوني) بفتح النون الأولى وبعد الثانية تحتية ( صدورهم) بالرفع ( قال: كان الرجل يجامع امرأته فيستحي) وفي نسخة فيستحيي بمثناتين تحتيتين ( أو يتخلى فيستحي) من كشف عورته ( فنزلت) : ( { ألا إنهم يثنون صدورهم} ) ولأبي ذر: تثنوني بفتح الفوقية والنون صدورهم رفع.




[ قــ :448 ... غــ : 4683 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} [هود: 5] .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْتَغْشُونَ: يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ، سِيءَ بِهِمْ: سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ، وَضَاقَ بِهِمْ: بِأَضْيَافِهِ.
بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ: بِسَوَادٍ.
إِلَيْهِ أُنِيبُ: أَرْجِعُ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو) هو ابن دينار ( قال: قرأ ابن عباس { إلا أنهم يثنون} ) بالتحتية المفتوحة وضم النون الأولى وفتح الأخرى من غير تحتية ( { صدورهم} ) نصب على المفعولية ولأبي ذر يثنوني بإثبات التحتية بعد النون وضم النون الأولى صدورهم بالنصب والتأنيث مجازي فجاز تذكير الفعل باعتبار تأويل فاعله بالجمع وتأنيثه باعتبار تأويله بالجماعة، وفي بعض الحواشي الموثوق بها وهو في اليونينية قال الحموي يروى عن ابن عباس ثلاثة أوجه.
تثنون أي بالفوقية وضم النون الأولى وفتح الثانية وهي قراءة الجمهور، ويثنوني أي بالتحتية وضم النون الأولى وبعد الثانية تحتية، وتثنوني أي بالفوقية وفتح النون الأولى وتحتية بعد الثانية ( { ليستخفوا منه إلا حين يستغشون ثيابهم} ) [هود: 5] .

( وقال غيره) : أي غير عمرو بن دينار فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة ( عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: يستغشون أي ( يغطون رؤوسهم) قال الحافظ ابن حجر: وتفسير التغشي بالتغطية متفق عليه وتخصيص ذلك بالرأس يحتاج إلى توقيف وهو مقبول من ابن عباس.

وقوله في قصة لوط: ( { سيء بهم} ) أي ( ساء ظنه بقومه { وضاق بهم} ) [هود: 77] .

أي ( بأضيافه) فالضمير الأول للقوم والثاني للأضياف فاختلف الضميران وأكثرون على اتحادهما كما مرّ قريبًا.

وقوله تعالى للوط: { فأسر بأهلك} ( { بقطع من الليل} ) [هود: 81] أي ( بسواد) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وقال قتادة فيما وصله عبد الرزاق بطائفة من الليل.

( { إليه أنيب} ) ولغير أبي ذر: وقال مجاهد أنيب ( أرجع) زاد في نسخة إليه وسقط لغير أبوي ذر والوقت إليه الأولى.