فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]

باب قَوْلِهِ: { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]
( باب قوله) جل وعلا: ( { وكان عرشه على الماء} ) [هود: 7] قبل خلق السماوات والأرض.
وعن ابن عباس وكان الماء على متن الريح.


[ قــ :4429 ... غــ : 4684 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ».

     وَقَالَ : «يَدُ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».
.

     وَقَالَ : «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ».
اعْتَرَاكَ: افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ أَيْ أَصَبْتُهُ.
وَمِنْهُ يَعْرُوهُ، وَاعْتَرَانِي.
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا: أَيْ فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ.
عَنِيدٌ وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ.
هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ.
وَيَقُولُ الأَشْهَادُ وَاحِدُهُ شَاهِدٌ مِثْلُ: صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ.
اسْتَعْمَرَكُمْ: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ، نَكِرَهُمْ وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ.
حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ.
مَحْمُودٌ: مِنْ حَمِدَ.
سِجِّيلٌ: الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ، سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَاللاَّمُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ.

     وَقَالَ  تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا
وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( قال الله عز وجل أََنفق أُنفق عليك) بفتح الهمزة في الأولى وضمها في الثانية وجزم الأول بالأمر والثاني بالجواب.
( وقال يد الله ملأى) كناية عن خزائنه التي لا تنفذ بالعطاء أي ( لا يغيضها) بفتح التحتية وكسر الغين وبالضاد المعجمتين بينهما تحتية ساكنة أي لا ينقصها ( نفقة سحاء الليل والنهار) بنصبهما على الظرفية وسحاء بسين وحاء مشددة مهملتين ممدودًا يقال سح يسح فهو ساح وهي سحاء وهي فعلاء لا أفعل لها كهطلاء، ويروى سحاب بالتنوين على المصدر أي دائمة الصب والهطل بالعطاء ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها فجعلها كالعين التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينقصها الامتياح قاله ابن الأثير.
ولفظ بيده حكمه حكم سائر المتشابهات تأويلاً وتفويضاً ( وقال أرأيتم) أي أخبروني ( ما أنفق) أي الذي أنفاقه ( منذ) بالنون ولأبي ذر مذ ( خلق السماء والأرض فإنه لم يغض) بفتح التحتية وكسر الغين وبالضاد المعجمتين لم ينقص ( ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان) كناية عن العدل بين الخلق ( يخفض ويرفع) من باب مراعاة النظير أي يخفض من يشاء ويرفع من يشاء ويسمع الرزق على من يشاء ويقتره على من يشاء.

وهذا الحديث أخرجه في التوحيد والنسائي في التفسير ببعضه.

( { اعتراك} ) [هود: 54] من باب ( افتعلت) وفي رواية عن الكشميهني أيضًا افتعلك بكاف الخطاب من باب الافتعال.
قال العيني: والصواب أن يقال اعترى افتعل فلا يحتاج لكاف الخطاب في الوزن ( من عروته أي أصبته) .
قال الجوهري: عروت الرجل أعروه عروًا إذا ألممت به وأتيته طالبًا فهو معروّ وفلان تعروه الأضياف وتعتر به أي تغشاه ( ومنه) أي ومن هذا الأصل قولهم فلان ( يعروه) أي يصيبه ( واعتراني) أي تغشاني.

( { آخذ بناصيتها} ) [هود: 56] ( أي في ملكه) بضم الميم في الفرع وفي اليونينية بكسرها ( وسلطانه) فهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها وهذا كله من قوله اعتراك إلى هنا ثابت في رواية الكشميهني فقط.

( { عنيد} ) بالياء في قوله: { واتبعوا أمر كل جبار عنيد} [هود: 59] .
( وعنود) بالواو ( وعاند) بالألف ( واحد) قال أبو عبيدة ( هو تأكيد التجبر) وقال غيره هو من عند عندًا وعندًا وعنودًا إذا طغى، والمعنى عصوا من دعاهم إلى الإيمان، وأطاعوا من دعاهم إلى الكفران.

( { ويقول الأشهاد} ) [هود: 18] قال أبو عبيدة ( واحده شاهد مثل صاحب وأصحاب) وهذا ثابت هنا لأبي ذر فقط وسيأتي بعد إن شاء الله تعالى، والمراد بالأشهاد هنا الملائكة والنبيون والمؤمنون وعن قتادة الخلائق وهو أعم وقيل الجوارح.

( { استعمركم} ) [هود: 61] ( جعلكم عمارًا) يقال ( يعمرته الدار فهي عمرى) أي ( جعلتها له) ملكًا مدة عمره وهذا تفسير أبي عبيدة وقيل استعمركم فيها أقدركم على عمارتها وأمركم بها.

وقوله: ( { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} ) [هود: 70] قال أبو عبيدة { نكرهم} أي الثلاثي المجرد ( وأنكرهم) الثلاثي المزيد فيه ( واستنكرهم) الذي هو من باب الاستفعال كلها ( واحد) في المعنى وهو الإنكار، وذلك أن الخليل عليه الصلاة والسلام لما جاءه الرسل كلها جبريل ومن معه من الملائكة وجاء بعجل مشوي ورأى أيديهم لا ئصل إليه أنكر ذلك، وخاف أن يريدوا به مكروهًا فقالوا له: لا تخف إنّا ملائكة مرسلة بالعذاب إلى قوم لوط عليه الصلاة والسلام وإنما لم نمد أيدينا إليه لأنا لا نأكل.

( { حميد مجيد} ) [هود: 73] ( كأنه) أي مجيد على وزن ( فعيل من) صيغة ( ماجد) والتعبير بكأن فيه شيء فإنه بوزن فعيل من غير شك، وقال القشيري قيل هو بمعنى العظيم الرفيع القدر فهو فعيل بمعنى مفعول وقيل معناه الجزيل العطاء فهو فعيل بمعنى فاعل وحميد أي ( محمود) لفعل ما يستحق به الحمد يوصل العبد إلى مراده فلا يبعد أن يرزق الولد في ابان الكبر وهو مأخوذ ( من حمد) بفتح الحاء وفي نسخة حمد بضمها مبنيًا للمجهول فهو حامد.

( { سجيل} ) يريد قوله تعالى: { وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} [هود: 82] قال أبو عبيدة هو ( الشديد الكبير) بالموحدة من الحجارة الصلبة.
واستشكله السفاقسي كابن قتيبة بأنه لو
كان معنى السجيل الشديد لما دخلت عليه من وكان يقال حجارة سجيلاً لأنه لا يقال حجارة من شديد.
وأجيب: باحتمال حذف الموصوف أي وأرسلنا عليهم حجارة كائنة من شديد كبير أي من حجر قوي شديد صلب ( سجيل) باللام ( وسجين) بالنون بمعنى واحد ( واللام والنون أختان) من حيث إنهما من حروف الزوائد وكل منهما يقلب عن الآخر.

( وقال تميم بن مقبل) : العامري العجلاني الشاعر المخضرم مما يشهد لذلك:
( ورجلة) بفتح الراء وسكون الجيم والجر أي ورب رجلة جمع راجل خلاف الفارس ( يضربون البيض) بفتح الموحدة في الفرع جمع بيضة وهي الخوذة أي يضربون مواضع البيض وهي الرؤوس، وفي نسخة البيض بكسر الموحدة جمع أبيض وهو السيف أي يضربون بالبيض على نزع الخافض ( ضاحية) بالضاد المعجمة أي في وقت الضحوة أو ظاهرة ( ضربًا تواصى) بحذف إحدى التاءين إذ أصله تتواصى ( به الأبطال) أي الشجعان ( سجينًا) بكسر السين وتشديد الجيم وبالنون أي شديدًا.