فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} [الحجر: 18]

باب { إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 18]
( { إِلا من استرق السمع} ) [الحجر: 18] الاستثناء منقطع أي لكن من استرق السمع أو متصل، والمعنى أنها لم تحفظ منه ومحل الاستثناء على الوجهين نصب ويجوز أن يكون في محل جر بدلاً من كل شيطان أو رفع بالابتداء وخبره الجملة من قوله فاتبعه فيكون منقطعًا واستراقهم اختلاسهم سرًّا ( { فأتبعه شهاب مبين} ) شعلة من نار تظهر للناظر على شكل العمود وتطلق للكوكب والسنان لما فيهما من البريق.


[ قــ :4445 ... غــ : 4701 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ» قَالَ عَلِيٌّ:.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ: وَهْوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ: وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: حَتَّى تَنْتَهِىَ إِلَى الأَرْضِ فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيَصْدُقُ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي من عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه ( يبلغ به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يقل سمعت بدل يبلغ لاحتمال الواسطة أو نسي كيفية التحمل أنه ( قال) :
( إذا قضى الله الأمر) أي إذا حكم الله بأمر من الأمور ( في السماء) ولأبي ذر إذا قضي بضم القاف مبنيًا للمفعول الأمر رفع نائب عن الفاعل ( ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا) بضم الخاء وسكون الضاد المعجمتين مصدر بمعنى خاضعين أي منقادين طائعين ( لقوله) تعالى ( { كالسلسلة} ) أي القول المسموع يشبه صوت وقع السلسلة ( على صفوان) بسكون الفاء وهو الحجر الأملس، ولأبي ذر وأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر: كأنه سلسلة وللأصيلي أيضًا كأنها وفي حديث ابن مسعود مرفوعًا عند ابن مردويه: ( إذا تكلم الله بالوحي يسمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصوفان فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة) .

( قال علي) قال الكرماني هو ابن المديني شيخ المؤلّف ( وقال غيره) أي غير سفيان بن عيينة ولم يعرف الحافظ ابن حجر هذا الغير ( صفوان) بفتح الفاء ( ينفذهم) بفتح التحتية وضم الفاء بعدها ذال معجمة ( ذلك) القول ولا ضمير في ينفذهم إلى الملائكة أي ينفذ الله القول إليهم ( فإذا فزع) أي أزيل الخوف ( عن قلوبهم قالوا) أي الملائكة ( ماذا قال ربكم: قالوا) أي المقربون من الملائكة كجبريل وميكائيل مجيبين ( للذي قال) يسأل قال الله القول ( الحق وهو العلي الكبير) .

وفي حديث النوّاس بن سمعان عند الطبراني مرفوعًا: "إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله فإذا سمع بذلك أهل السماء صعقوا وخروا سجدًا فيكون أوّلهم يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد فينتهي به على الملائكة كلما مر بسماء سأله أهلها ماذا قال ربنا؟ قال الحق فينتهي به حيث أمر".

( فيسمعها) أي تلك الكلمة وهي القول الذي قاله الله ( مشرقو السمع) بحذف النون للإضافة ( ومسترقو السمع) ولأبي ذر: ومسترق السمع بالإفراد مبتدأ خبره ( هكذا واحد فوق آخر
ووصف سفيان)
بن عيينة كيفية المستمعين بركوب بعضهم على بعض ( بيده وفرج) ولأبي ذر ففرّج بالفاء بدل الواو ( بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض) والجملة اعتراض بين قوله فوق آخر وبين قوله ( فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها) أي بالكلمة ( إلى صاحبه) ولأبي ذر يرمى بالبناء للمجهول به بالتذكير ( فيحرقه) بالنصب عطفًا على السابق ولأبي ذر فيحرقه بالرفع ( وربما لم يدركه) الشهاب ( حتى يرمي بها) ولأبي ذر حتى يرمى بها بضم الياء وفتح الميم مبنيًّا للمفعول ( إلى الذي يليه إلى الذين هو أسفل) بالرفع ( منه) ولأبي ذر: أسفل بالنصب على الظرفية وقوله إلى الذي هو أسفل بدل من سابقه ( حتى يلقوها إلى الأرض، وربما قال سفيان) بن عيينة ( حتى تنتهي إلى الأرض) جملة اعتراض ( فتلقى) بضم التاء مبنيًّا للمفعول أي الكلمة ( على فم الساحر) وهو المنجم ( فيكذب معها) أي مع تلك الكلمة الملقاة ( مائة كذبة) بفتح الكاف وسكون المعجمة ( فيصدق) بفتح التحتية وسكون الصاد ولأبي ذر فيصدّق مبنيًا للمفعول الساحر في كذباته ( فيقولون) أي السامعون منه: ( ألم يخبرنا) الساحر ولأبي ذر عن الكشميهني: ألم يخبرونا أي السحرة فيكون لفظ المفرد في الأوّل للجنس ( يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا) كناية عن الخرافات التي أخبر بها الساحر ( فوجدناه) أي الخبر الذي أخبر به ( حقًّا للكلمة) أي لأجل الكلمة ( التي سمعت من السماء) .

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في التفسير أيضًا وفي التوحيد، وأبو داود في الحروف، والترمذي في التفسير، وأخرجه ابن ماجه في السنّة.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ وَزَادَ الْكَاهِنِ، وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَقَالَ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ.

     وَقَالَ : عَلَى فَمِ السَّاحِرِ.

قُلْتُ لِسُفْيَانَ أأنت سمعت عمرًا قال سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: نَعَمْ.
.

قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُزِّعَ قَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلاَ أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَهْيَ قِرَاءَتُنَا.
[الحديث 4701 - طرفاه في: 4800، 7481] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو) هو ابن دينار ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( إذا قضى الأمر، وزاد) على قوله فم الساحر ( والكاهن) وسقط لغير أبي ذر الواو من قوله والكاهن.

( حدثنا سفيان) بن عيينة، ولأبي ذر: حدّثنا علي بن عبد الله أي المديني قال: حدّثنا سفيان ( فقال) في حديثه ( قال عمرو) هو ابن دينار ( سمعت عكرمة) يقول ( حدّثنا أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه ( قال: إذا قضى الله الأمر وقال على فم الساحر) كالرواية السابقة لكنه في هذه صرح هنا بالتحديث والسماع قال علي بن عبد الله ( قلت لسفيان) بن عيينة ( أأنت سمعت عمرًا) ثبت لأبي
ذر أأنت سمعت عمرًا وسقط لغيره ( قال: سمعت عكرمة.
قال: سمعت أبا هريرة)
رضي الله عنه؟ ( قال: نعم) قال علي بن المديني ( قلت لسفيان: إن إنسانًا) لم أعرف اسمه ( روى عنك عن عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة ويرفعه) أي الحديث أبو هريرة إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أنه قرأ فزع) بالزاي والعين المهملة ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني فرغ بالراء والغين المعجمة مبنيًّا للمفعول فيهما.

( قال سفيان) بن عيينة ( هكذا) بالراء والمعجمة أو بالعكس والظاهر الأول ( قرأ عمرو) هو ابن دينار ( فلا أدري سمعه هكذا) بالراء ( أم لا؟ قال سفيان: وهي) بالراء ( قراءتنا) وهي قراءة الحسن أيضًا أي حتى إذا أفنى الله الرجل انتفى بنفسه.