فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا} [الأنبياء: 104]

باب: { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} [الأنبياء: 104]
هذا ( باب) بالتنوين في قوله: ( { كما بدأنا أول خلق نعيده} ) الكاف تتعلق بنعيد وما مصدرية وبدأنا صلتها وأول خلق مفعول بدأنا قاله أبو البقاء أي نعيد أول خلق إعادة مثل بداءتنا
له أي كلما أبرزناه من العدم إلى الوجود نعيده من العدم إلى الوجود وقد اختلف في كيفية الإعادة فقيل إن الله يفرّق أجزاء الأجسام ولا يعدمها ثم يعيد تركيبها أو يعدمها بالكلية ثم يوجدها بعينها والآية تدل على ذلك لأنه شبه الإعادة باللابتداء وهو عن الوجود بعد العدم ( { وعدًا علينا} ) [الأنبياء: 104] الإعادة وقيل المراد حقًّا علينا بسبب الإخبار عن ذلك وتعلق العلم بوقوعه وإن وقوع ما علم الله وقوعه واجب وسقط باب لغير أبي ذر وكذا وعدًا علينا.


[ قــ :4484 ... غــ : 4740 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ شَيْخٍ مِنَ النَّخَعِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ: لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ} إِلَى قَوْلِهِ: { شَهِيدٌ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن المغيرة بن النعمان) بضم النون وسكون العين النخعي الكوفي ( شيخ) بالجر بدلًا من سابقه ( من النخع) بفتح الخاء ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( إنكم محشورون) مجموعون ( إلى الله حفاة) بالحاء المهملة كذا في الفرع وأصله وسقطت في بعض النسخ ( عراة) من الثياب ( غرلًا) بغين معجمة مضمومة فراء ساكنة جمع أغرل وهو الأقلف الذي لم يختن، قال أبو الوفاء بن عقيل: لما أزالوا تلك القطعة في الدنيا أعادها الله ليذيقها من حلاوة فضله ( { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين} ثم إن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم) وسقط لفظ إن لغير الكشميهني فالتالي رفع قيل وخصوصية إبراهيم بهذه الأولية لكونه ألقي في النار عريانًا وزاد الحليمي في منهاجه من حديث جابر ثم محمد ثم النبيون ( ألا) بالتخفيف ( إنه) أي لكن إن الشأن ( يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال) أي جهة النار ( فأقول بل رب أصحابي فيقال لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح) عيسى عليه الصلاة والسلام: ( { وكنت عليهم شهيدًا ما دمت} ) ولأبي ذر فيهم ( { إلى قوله: شهيد} فيقال ان هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم) ولأبي ذر عن المستملي إلى أعقابهم ( منذ فارقتهم) والمراد بمرتدين التخلف عن الحقوق الواجبة.

وقد مرّ هذا الحديث في آخر سورة المائدة.


[22] - سورة الْحَجِّ
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .

     وَقَالَ  ابْنُ عُيَيْنَةَ الْمُخْبِتِينَ: الْمُطْمَئِنِّينَ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ فِي { إِذَا تَمَنَّى أَلقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ.
وَيُقَالُ: أُمْنِيَّتُهُ: قِرَاءَتُهُ، إِلاَّ أَمَانِيَّ يَقْرَءُونَ وَلاَ يَكْتُبُونَ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: مَشِيدٌ بِالْقَصَّةِ.
.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ:.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: يَسْطُونَ: يَفْرُطُونَ مِنَ السَّطْوَةِ، وَيُقَالُ يَسْطُونَ يَبْطُشُونَ.
{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} أُلْهِمُوا.
{ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الحَمِيدِ} الإِسْلاَمِ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: بِسَبَبٍ بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ: تَذْهَلُ تُشْغَلُ.

( [22] سورة الحج)
مكية إلا { هذان خصمان} إلى تمام ثلاث آيات أو أربع إلى قوله: { عذاب الحريق} وهي ثمان وسبعون آية.

( بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة لأبي ذر.

( وقال ابن عيينة) سفيان فيما أسنده في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( { المخبتين} ) في قوله تعالى: { وبشّر المخبتين} [الحج: 34] .
أي ( المطمئنين) إلى الله.
وقال ابن عباس المتواضعين الخاشعين، وقال الكلبي: هم الرقيقة قلوبهم، وقال عمرو بن أوس هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا.

( وقال ابن عباس) : فيما وصله الطبري ( في) قوله تعالى: ( { إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} ) [الحج: 52] .
أي ( إذا حدث) أي إذا تلا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا من الآيات المنزلة عليه من الله ( ألقى الشيطان في حديثه) في تلاوته عند سكتة من السكتات بمثل نغمة ذلك النبي ما يوافق رأي أهل الشرك من الباطل فيسمعونه فيتوهمون أنه مما تلاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو منزه عنه لا يخلط حقًّا بباطل حاشاه الله من ذلك ( فيبطل الله ما يلقي) ولأبي ذر عن الكشميهني ما ألقى ( الشيطان ويحكم آياته) أي يثبتها ( ويقال) إن ( أمنيته) هي ( قراءته) وفي اليونينية أمنيته قراءته بالرفع فيهما وفي بعض الأصول وكثير من النسخ أمنيته قراءته بجرهما على ما لا يخفى.

( { إلا أماني} ) بالبقرة أي ( يقرؤون ولا يكتبون) وهذا أورده المؤلّف -رحمه الله- استشهادًا على أن تمنى في قوله تعالى في هذه السورة { إلا إذا تمنى} بمعنى قرأ وهو خلاف ما فسره به صاحب الأنوار حيث قال: إذا تمنى إذا زوّر في نفسه ما يهواه ألقى الشيطان في أمنيته في نشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال عليه السلام: إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم سبعين مرة فينسخ الله ما يلقى الشيطان فيبطله الله ويذهب به بعصمته عن الركون إليه والإرشاد إلى ما يزيحه ثم يحكم الله آياته ثم يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة قيل إنه حدّث نفسه يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزوال المسكنة فنزلت انتهى.

والحامل له على هذا التفسير كغيره ما في ظاهر هذه القصة من البشاعة وقد رواها ابن أبي حاتم والطبري وابن المنذر من طرق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة النجم فلما بلغ: { أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 19، 20] ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلا وأن شفاعتهن لترتجى.
فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فنزلت هذه الآية.
ورواها البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة فقال في إسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب ثم ساق الحديث، وقال البزار: لا يروى متصلًا إلا بهذا الإسناد تفرد بوصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور قال: وإنما يروى هذا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس انتهى.

والكلبي متروك لا يعتمد عليه، ورواها أيضًا ابن إسحاق في سيرته وموسى بن عقبة في مغازيه وأبو معشر في آخرين وكلها مراسيل وقد طعن فيها غير واحد من الأئمة حتى قال ابن إسحاق: وقد سئل عنها هي من وضع الزنادقة وقال البيهقي غير ثابتة نقلًا ورواتها مطعونون، وأطنب القاضي عياض في الشفاء في توهين أصلها فشفى وكفى إذ سدّ هذا الباب هو الصواب، وأربح للثواب، وإن كانت كثرة الطرق تدل على أن لها أصلًا لا سيما وقد رواها الطبري من طريقين مرسلين رجالهما على شرط الصحيح.
أولهما: طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكر نحوه، وثانيهما: طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة فرقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية وكذا طريق سعيد بن جبير السابقة وحينئذ فردّها لا يتمشى على القواعد الحديثية بل ينبغي أن يحتج بهذه الثلاثة من يحتج بالمرسل ومن لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض كما قرره شيخ الصنعة وإمامها الحافظ أبو الفضل بن حجر.

وإذا سلمنا أن لها أصلًا وجب تأويلها وأحسن ما قيل في ذلك أن الشيطان نطق بتلك الكلمات أثناء قراءة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند سكتة من السكتات محاكيًا نغمته فسمعها القريب منه فظها من قوله وأشاعها.

وفي كتابي المواهب اللدنية بالمنح المحمدية زيادات على ما ذكرته هنا، وقد قال مجاهد أنه عليه السلام كان يتمنى إنزال الوحي عليه بسرعة دون تأخير فنسخ الله ذلك بأن عرّفه أن إنزال ذلك بحسب المصالح في الحوارث والنوازل، وقيل إنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يتفكّر عند نزول الوحي في تأويله إذا كان مجملًا فيلقي الشيطان في جملته ما لم يرده فبين تعالى أنه ينسخ ذلك بالإبطال ويحكم ما أراد بأدلته وآياته، وقيل إذا تمنى أي إذا أراد فعلًا مقربًا إلى الله ألقى الشيطان في فكره ما يخالفه فرجع إلى الله في ذلك وهو كقوله: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} [الأعراف: 200] لكن قال بعضهم لا يجوز حمل الأمنية على تمني القلب لأنه لو كان كذلك لم يكن ما يخطر بباله
عليه السلام فتنة للكفار وذلك يبطله قوله تعالى: { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض} [الحج: 53] .
وأجيب: بأنه لا يبعد أنه إذا قوي التمني يشتغل الخاطر فيحصل السهو في الأفعال الظاهرة بسببه فيصير ذلك فتنة لهم.

( وقال مجاهد) : مما وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه ( { مشيد} ) في قوله: { وبئر معطلة وقصر مشيد} [الحج: 45] .
أي ( بالقصة) بفتح القاف والصاد المهملة المشددة ولأبي ذر جص بكسر الجيم وتشديد الصاد المهملة والرفع أي هي جص وهذه ثابتة لأبي ذر والمشيد بكسر المعجمة الجص وهو الكلس وقيل المشيد المرفوع البنيان، والمعنى كم من قرية أهلكنا وكم بئر عطلنا عن سقاتها وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه وجعلنا ذلك عبرة لمن اعتبر، وقيل إن البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن ولكل أهل فكفروا فأهلكهم الله وبقيا خاليين.

وذكر الإخباريون أن القصر من بناء شداد بن عاد فصار معطلًا لا يستطيع أحد أن يقرب منه على أميال مما يسمع فيه من أصوات الجن المنكرة.

( وقال غيره) أي غير مجاهد في قوله تعالى: { يكادون} ( { يسطون} ) أي ( يفرطون) بفتح التحتية وسكون الفاء وضم الراء المهملة من باب نصر ينصر مشتق ( من السطوة) وهي القهر والغلبة وقيل إظهار ما يهول للإخافة ( ويقال) هو قول الفراء والزجاج ( يسطون) أي ( يبطشون) بكسر الطاء وضمها والأول لأبي ذر والمعنى أنهم يهمون بالبطش والوثوب تعظيمًا لإنكار ما خوطبوا به أي يكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم آياتنا بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه من شدّة الغيظ ويسطون ضمن معنى يبطشون فتعدى تعديته وإلاّ فهو متعد بعلى يقال سطا عليه.

( { وهدوا إلى الطيب من القول} ) [الحج: 24] قال ابن عباس فيما أخرجه الطبري من طريق عليّ بن أبي طلحة أي ( ألهموا) ولأبي ذر وهدوا إلى الطيب من القول أي ألهموا القرآن وفي رواية له أيضًا إلى القرآن ورواه ابن المنذر من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد.
وقال ابن عباس: الطيب من القول شهادة أن لا إله إلا الله ويؤيده قوله: { مثل كلمة طيبة} [إبراهيم: 24] وقوله: { إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وعنه في رواية عطاء هو قول أهل الجنة: { الحمد لله الذي صدقنا وعده} [الزمر: 74] .

( { وهدوا إلى صراط الحميد} ) [الحج: 24] هو ( الإسلام) ولأبوي ذر والوقت الإسلام بالجرّ أي إلى الإسلام والحميد هو الله المحمود في أفعاله وهذا ثابت لأبي ذر عن الحموي ساقط لغيره.

( وقال ابن عباس) فيما وصله ابن المنذر بمعناه ( { بسبب} ) في قوله: { فليمدد بسبب} [الحج: 15] أي ( بحبل إلى سقف البيت) ولفظ ابن المنذر فليمدد بسبب إلى سماء بيته فليختنق به والمعنى من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الدنيا بإعلاء كلمته وإظهار دينه وفي الآخرة بإعلاء درجته والانتقام من عدوّه فليشدد حبلًا في سقف بيته فليختنق به حتى يموت إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محالة.
قال الله تعالى: { إنّا لننصر رسلنا} [غافر: 51] الآية.
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم { فليمدد بسبب إلى السماء} [الحج: 15] أي ليتوصل إلى بلوغ السماء فإن النصر إنما يأتي محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السماء ثم ليقطع ذلك عنه إن قدر عليه، وقوله ابن عباس أظهر في المعنى وأبلغ في التهكم، فعلى هذا القول الثاني فيه استعارة تمثيلية والأمر للتعجيز وعلى الأوّل كناية عن شدّة الغيظ والأمر للإهانة.

( { تذهل} ) في قوله: { يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} [الحج: 2] أي ( تشغل) بضم أوّله وفتح ثالثه لهول ما ترى عن أحب الناس إليها ويوم نصب بتذهل والضمير للزلزلة وتكون فيما قاله الحسن يوم القيامة أو عند طلوع الشمس من مغربها كما قاله علقمة والشعبي أو الضمير للساعة وعبر بمرضعة دون مرضع لأن المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي والمرضع التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به فقيل مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة.