فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}

باب: { وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 7]
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { والخامسة} ) أي والشهادة الخامسة ( { أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} ) [النور: 7] فيما رمى به زوجته من الزنا وهذا لعان الرجل وحكمه سقوط حد القذف وحصول الفرقة بينهما بنفسه فرقة فسخ في مذهبنا لقوله عليه السلام المروي في البيهقي وغيره: المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- بتفريق الحاكم فرقة طلاق ونفي الولد إن تعرض له فيه وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4490 ... غــ : 4746 ]
- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّلاَعُنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ» قَالَ: فَتَلاَعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( سليمان بن داود) العتكي ( أبو الربيع) الزهراني المقرئ البصري قال: ( حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة مصغرًا ابن سليمان الخزاعي وفليح لقبه واسمه عبد الملك ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سهل بن سعد) الساعدي -رضي الله عنه- ( أن رجلًا) هو عويمر العجلاني ( أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله أرأيت رجلًا) أي أخبرني عن حكم رجل ( رأى مع امرأته رجلًا) استعمل الكناية ومقصوده معية خاصة وأنه كان وحده عند الرؤية ( أيقتله) لأجل ما وقع مما لا يقدر على الصبر عليه غالبًا من الغيرة التي طبع عليها البشر ( فتقتلونه) قصاصًا ( أم كيف يفعل؟) أي أم يصبر على ما به من المضض فأم متصلة ويحتمل أن تكون منقطعة بمعنى الإضراب أي بل هنا حكم آخر ( فأنزل الله) تعالى ( فيهما) في عويمر وخولة زوجته ( ما ذكر في القرآن من التلاعن فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( قد قضي) بضم القاف وكسر الضاد المعجمة وفي نسخة قد قضى الله ( فيك وفي امرأتك) بآية اللعان ( قال) سهل ( فتلاعنا) بعد أن قذفها وأنكرت لما سألها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وأنا شاهد) حاضر ( عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففارقها) فرقة مؤبدة ( فكانت) أي الملاعنة ( سنة أن يفرق) أي في التفريق ( بين المتلاعنين) فأن مصدرية ( وكانت حاملًا فأنكر) عويمر ( حملها) زاد في رواية العباس بن سهل بن سعد عن أبيه عند أبي داود فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعاصم بن عدي: أمسك المرأة عندك حتى تلد ( وكان ابنها) الذي وضعته بعد الملاعنة ( يدعى إليها) لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألحقه بها لأنه متحقق منها فلو أكذب الزوج نفسه ثبت النسب ولزمه الحد ولم ترتفع الحرمة المؤبدة ( ثم جرت السنة في الميراث أن يرثها) ولدها الذي نفاه زوجها بالملاعنة ( وترث) هي ( منه ما فرض الله لها) والظاهر أن هذا من قول سهل حيث قال فتلاعنا الخ.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله فأنزل الله فيهما.