فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم}

باب قَوْلِهِ: { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ} عَذَابٌ عَظِيمٌ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ { تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15] يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ { تُفِيضُونَ} : تَقُولُونَ
هذا ( باب قوله) تعالى: ( { ولولا فضل الله عليكم} ) لولا هذه لامتناع الشيء لوجود غيره أي لولا فضل الله عليكم أيها الخائضون في شأن عائشة ( { ورحمته في الدنيا} ) بأنواع النعم التي من جملتها قبول توبتكم وإنابتكم إليه ( { والآخرة} ) بالعفو والمغفرة ( { لمسلم} ) عاجلًا ( { فيما أفضتم} ) أي خضتم ( { فيه} ) من قضية الإفك ( { عذاب عظيم} ) [النور: 14] .

قال ابن عباس: المراد بالعذاب العظيم الذي لا انقطاع له يعني في الآخرة لأنه ذكر عذاب الدنيا من قبل فقال والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، وقد أصابه فإنه جلد وحدّ، وسقط قوله: ( { عذاب عظيم} ) لأبي ذر وقال بعد قوله: ( { أفضتم فيه} ) الآية.

( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي من طريقه في قوله تعالى: إذ ( { تلقونه} ) [النور: 15] معناه ( يرويه بعضكم عن بعض) وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له ما وراءك فيحدّثه بحديث الإفك حتى شاع واشتهر ولم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه فسعوا في إشاعته وذلك من العظائم وأصل تلقونه تتلقونه فحذفت إحدى التاءين كتنزل ونحوه.

( { تفيضون} ) في قوله تعالى في سورة يونس { إذ تفيضون فيه} [يونس: 61] معناه ( تقولون) وهذا ذكره استطرادًا على عادته مناسبة لقوله فيما أفضتم فيه إذ كل منهما من الإفاضة.


[ قــ :4495 ... غــ : 4751 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُمِّ رُومَانَ أُمِّ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا ( سليمان) هو أخوه ( عن حصين) مصغرًا ابن عبد الرحمن أبي الهذيل السلمي الكوفي ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن مسروق) هو ابن الأجدع ( عن أم رومان) بضم الراء بنت عامر بن عويمر ( أم عائشة) -رضي الله عنهما- ( أنها قالت لما رميت عائشة) بما رميت به من الإفك ( خرّت مغشيًا عليها) وفي بعض النسخ بإسقاط لفظ عليها كما في المصابيح، وقال السفاقسي: صوابه مغشية يعني بتاء التأنيث بدل الألف، ورده الزركشي بأنه على تقدير الحذف أي عليها فلا معنى للتأنيث قال في المصابيح: لكن يلزم على تقديره حذف النائب عن الفاعل وهو ممتنع عند البصريين، وإنما ينسب القول به للكسائي من الكوفيين، وأما على ما استصوبه السفاقسى فإنما يلزم حذف الجار وجعل المجرور مفعولًا على سبيل الاتساع وهو موجود في كلامهم ومطابقته لما ترجم به من جهة قصة الإفك في الجملة واعترض الخطيب، وتبعه جماعة على هذا الحديث بأن مسروقًا لم يسمع من أم رومان لأنها توفيت في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسنّ مسروق إذ ذاك ست سنين، فالظاهر أنه مرسل.
وأجاب في المقدمة: بأن الواقع في البخاري هو الصواب لأن راوي وفاة أم رومان في سنة ست عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف كما نبه عليه البخاري في تاريخيه الأوسط والصغير وحديث مسروق أصح إسنادًا وقد جزم إبراهيم الحربي الحافظ بأن مسروقًا إنما سمع من أم رومان في خلافة عمر.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دهرًا.