فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {فسوف يكون لزاما} [الفرقان: 77] أي هلكة

باب { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} : [الفرقان: 77] هَلَكَةً
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({ فسوف يكون} ) جزاء التكذيب ({ لزامًا} ) [الفرقان: 77] .
قال أبو عبيدة (هلكة) وللأصيلي أي هلكة والمعنى فسوف يكون تكذيبكم مقتضيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة، وقال ابن عباس: موتًا ولزامًا خبر يكون واسمها مضمر كما مرّ.


[ قــ :4508 ... غــ : 4767 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ.
وَاللِّزَامُ { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} .

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) أبو حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن صبيح أبو الضحى الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود -رضي الله عنه- (خمس) من العلامات الدالة على الساعة (قد مضين) أي وقعن (الدخان) المشار إليه في قوله تعالى: { يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] (والقمر) في قوله تعالى: { اقتربت الساعة وانشقَّ القمر} [القمر: 1] (والروم) في قوله تعالى: { الم * غلبت الروم} [الروم: 1، 2] (والبطشة) في قوله جل
وعلا: { يوم نبطش البطشة الكبرى} [الدخان: 16] وهو القتل يوم بدر (واللزام) في قوله تعالى: ({ فسوف يكون لزامًا} ).
قال ابن كثير: ويدخل في ذلك يوم بدر كما فسره ابن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدّي وغيرهم، وقال الحسن: فسوف يكون لزامًا يعني يوم القيامة قال ابن كثير: ولا منافاة بينهما اهـ.

وعلى تفسير البطشة واللزام بيوم بدر يكون المعدود في الحقيقة أربعًا ويحتاج إلى بيان الخامس وإن حصل بقول الحسن بيان الخامس في الجملة لكن تفسيره بيوم القيامة فيه شيء لأن مراده تفسير خمس مضين وما يكون يوم القيامة مستقبل لا ماض ففي قول ابن كثير ولا منافاة بينهما نظر وقد يجاب بأنه لتحقق وقوعه عدّ ماضيًا قاله في المصابيح.

وهذا الحديث قد سبق في الاستسقاء.


[26] { سورة الشُّعَرَاءِ}
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { تَعْبَثُونَ} تَبْنُونَ { هَضِيمٌ} يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ.
{ مُسَحَّرِينَ} : الْمَسْحُورِينَ.
{ لَيْكَةُ وَالأَيْكَةُ} جَمْعُ أَيْكَةٍ وَهْيَ جَمْعُ شَجَرٍ { يَوْمِ الظُّلَّةِ} إِظْلاَلُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ { مَوْزُونٍ} مَعْلُومٍ.
{ كَالطَّوْدِ} الْجَبَلِ.
{ الشِّرْذِمَةُ} طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ { فِي السَّاجِدِينَ} الْمُصَلِّينَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} كَأَنَّكُمْ { الرِّيعُ} : الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ وَجَمْعُهُ رِيعَةٌ، وَأَرْيَاعٌ وَاحِدُ الرِّيَعَةِ.
{ مَصَانِعَ} كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ.
{ فَرِهِينَ} مَرِحِينَ، فَارِهِينَ بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ فَارِهِينَ: حَاذِقِينَ.
{ تَعْثَوْا} أَشَدُّ الْفَسَادِ؛ عَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا { الْجِبِلَّةُ} الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ جُبُلًا وَجِبِلًا وَجُبْلًا يَعْنِي الْخَلْقَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.

([26] سورة الشعراء)
مكية إلا قوله: { والشعراء يتبعهم} إلى آخرها وهي مائتان وعشرون وست آيات.

(بسم الله الرحمن الرحيم) سقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذر.

(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({ تعبثون} ) من قوله: ({ أتبنون بكل ريع آية تعبثون} ) [الشعراء: 128] .
أي (تبنون) وقال الضحاك ومقاتل: هو الطريق.
قال ابن عباس كانوا يبنون بكل ريع عليًّا يعبثون فيه بمن يمر في الطريق إلى هود عليه السلام وقيل كانوا يبنون الأماكن المرتفعة ليعرف بذلك غناهم فنهوا عنه ونسبوا إلى العبث.

({ هضيم} ) في قوله: { في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم} [الشعراء: 148] (يتفتت إذا مسّ) بضم الميم وتشديد السين المهملة مبنيًا للمفعول وهذا قاله مجاهد أيضًا، وقال ابن عباس هو اللطيف وقال عكرمة اللين وقيل هضيم أي يهضم الطعام وكل هذا للطافته.

({ مسحرين} ) في قوله: { إنما أنت من المسحرين} [الشعراء: 153] أي (المسحورين) ولأبي ذر والأصيلي مسحورين الذين سحروا مرة بعد أخرى من المخلوقين.

(ليكة) بلام مفتوحة من غير ألف وصل قبلها ولا همزة بعدها غير منصرف اسم غير معرف بأل مضاف إليه أصحاب وبه قرأ نافع وابن كثير وابن عامر ولأبي ذر: والليكة بألف وصل وتشديد اللام (والأيكة) بألف وصل وسكون اللام وبعدها همزة مكسورة (جمع أيكة) ولأبي ذر جمع الأيكة (وهي جمع شجر) وكان شجرهم الدوم وهو المقل.
قال العيني: الصواب أن الليكة والأيكة جمع أيك وكيف يقال الأيكة جمع أيكة.

({ يوم الظلة} ) في قوله: { فأخذهم عذاب يوم الظلة} [الشعراء: 189] .
هو (إظلال العذاب إياهم) على نحو ما اقترحوا بأن سلط الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت أنهارهم فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا.
({ موزون} ) في سورة الحجر أي (معلوم) ولعل ذكره هنا من ناسخ فالله أعلم.

({ كالطود} ) أي (الجبل) ولأبي ذر والأصيلي كالجبل بزيادة الكاف.

(وقال غيره): غير مجاهد ({ لشرذمة} ) في قوله تعالى: { إن هؤلاء لشرذمة} [الشعراء: 54] .
(الشرذمة طائفة قليلة) والجملة معمول لقول مضمر أي قال: إن هؤلاء وهذا القول يجوز أن يكون حالًا أي أرسلهم قائلًا ذلك ويجوز أن يكون مفسرًا لأرسل وجمع الشرذمة شراذم فذكرهم بالاسم الدال على القلة ثم جعلهم قليلًا بالوصف ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلًا واختار السلامة الذي هو جمع القلة وإنما استقلهم وكانوا ستمائة وسبعين ألفًا بالإضافة إلى جنوده لأنه روي أنه خرج وكانت مقدّمته سبعمائة ألف.

({ في الساجدين} ) في قوله: { وتقلبك في الساجدين} [الشعراء: 219] .
أي (المصلين) وقال مقاتل مع المصلين في الجماعة أي نراك حين تقوم وحدك للصلاة ونراك إذا صليت مع الجماعة.
وقال مجاهد: نرى تقلب بصرك في المصلين فإنه كان يبصر من خلفه كما يبصر من أمامه، وعن ابن عباس تقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبيّ حتى أخرجتك في هذه الأمة.

(قال ابن عباس: ({ لعلكم تخلدون} ) في قوله: { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} [الشعراء: 129] أي (كأنكم) تخلدون في الدنيا وليس ذلك بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن قبلكم.
قال الواحدي: كل ما وقع في القرآن لعل فإنها للتعليل إلا هذه فإنها للتشبيه ويؤيده ما في حرف أبي كأنكم تخلدون، وعورض ما ذكره من الحصر بقوله: { لعلك باخع نفسك} [الشعراء: 3] لكن لم يعلم من نص على أن لعل تكون للتعليل.
(الريع) في قوله: { أتبنون بكل ريع} [الشعراء: 128] هو (الأيفاع) بفتح الهمزة وسكون التحتية وبعد الفاء ألف فعين مهملة أي المرتفع (من الأرض) قال ذو الرمة:
طراف الخوافي مشرف فوق ريعة ... بذي ليلة في ريشه يترقرق
(وجمعه) أي الريع (ريعة) بكسر الراء وفتح التحتية والعين المهملة كقردة (وأرياع) هو (واحد الريعة) بكسر الراء وفتح التحتية كالأول، ولأبي ذر والأصيلي واحده وفي نسخة واحدها ريعة بسكون التحتية وضبطه الحافظ ابن حجر بالسكون والأول بالفتح، وتبعه العيني وقال البرماوي كالكرماني وأما الأرياع فمفرده ريعة بالكسر والسكون.

({ مصانع} ) قال أبو عبيدة (كل بناء فهو مصنعة) وقال سفيان ما يتخذ فيه الماء، وقال مجاهد: قصور مشيدة وقيل هي الحصون.

({ فرهين} ) بالهاء قال أبو عبيدة أي (مرحين) ولأبي ذر فرحين بالحاء بدل الهاء في الأول وبالهاء أوجه.
(فارهين بمعناه) أي بمعنى فرهين من قولهم: فسّره زيد فهو فاره (ويقال فارهين) أي (حاذقين) وفارهين حال من الناحتين.

({ تعثوا} ) في قوله: ({ ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [الشعراء: 183] (هو أشد الفساد) وسقط لفظ هو لغير الأصيلي (وعاث يعيث عيثًا) يريد أن اللفظين بمعنى واحد لا أن تعثوا مشتق من عاث لأن يعثو معتل اللام ناقص وعاث معتل العين أجوف وثبت الواو في وعاث لأبي ذر.

({ الجبلة} ) في قوله: { والجبلة الأولين} [الشعراء: 184] هي (الخلق) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام (جبل) بضم الجيم وكسر الموحدة أي (خلق) وزنه ومعناه (ومنه) ومن هذا الباب قوله في سورة يس (جبلًا) بضم الجيم والموحدة (وجبلًا) بكسرهما (وجبلًا) بضم الجيم وسكون الموحدة مع التخفيف في الثلاث لغات (يعني) بها (الخلق قاله ابن عباس) وسقط قوله قاله ابن عباس لغير أبي ذر وبالضمتين قرأ ابن كثير والإخوان وبالضم والسكون أبو عمرو وابن عامر وقرأ نافع وعاصم بكسرهما مع تشديد اللام ولأبي ذر هنا ليكة بلام مفتوحة الأيكة وهي الغيضة وقد سبق تفسيرها بالشجر.