فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {والذي قال لوالديه: أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله، ويلك آمن إن وعد الله حق، فيقول: ما هذا إلا أساطير الأولين} [الأحقاف: 17]

باب { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ( { والذي قال لوالديه أُفٍّ لكما} ) أي التأفيف لكما وهي كلمة كراهية ( { أتعدانني أن أخرج} ) من قبري حيًّا ( { وقد خلت القرون من قبلي} ) فلم
يبعث أحد منهم ( { وهما يستغيثان الله} ) أي يسألان الله أن يغيثه بالتوفيق للإيمان أو يقولان الغياث بالله منك ( { ويلك} ) أي يقولان له ويلك ( { آمن} ) وصدّق بالبعث وويلك دعاء بالثبور ( { إن وعد الله} ) بالبعث ( { حق فيقول} ) لهما: ( { ما هذا إلا أساطير الأوّلين} ) [الأحقاف: 17] أباطيلهم التي كتبوها وسقط لغير أبي ذر لفظ باب وله من قوله وقد خلت القرون الخ وقال بعد قوله: { أن أخرج} إلى قوله { أساطير الأوّلين} .


[ قــ :4567 ... غــ : 4827 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، لِكَىْ يُبَايِعَ لَهُ، بَعْدَ أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا: فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} [الأحقاف: 17] فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِي.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدثنا أبو عوانة) الوضاح ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية ( عن يوسف بن ماهك) بفتح الهاء يصرف ولا يصرف ومعناه قمير مصغر القمر أنه ( قال: كان مروان) بن الحكم الأموي أميرًا ( على الحجاز استعمله معاوية) بن أبي سفيان عليه وعند النسائي أنه كان عاملًا على المدينة وعند الإسماعيلي فأراد معاوية أن يستخلف يزيد يعني ابنه فكتب إلى مروان بذلك فجمع مروان الناس ( فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه) وفي رواية الإسماعيلي وقال إن الله أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيًا حسنًا وأن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر عمر ( فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر) الصدّيق ( شيئًا) لم يبينه ولأبي يعلى وابن أبي حاتم فقال أي عبد الرحمن هرقلية إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا في أهل بيته وما جعلها معاوية إلا كرامة لولده ولابن المنذر أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم ( فقال) أي مروان لأعوانه ( خذوه) أي عبد الرحمن ( فدخل بيت) أخته ( عائشة) ملتجئًا بها ( فلم يقدروا عليه) أي امتنعوا أن يخرجوه من بيتها إعظامًا لها وعند أبي يعلى فنزل مروان عن المنبر حتى أتى باب عائشة فجعل يكلمها وتكلمه وسقط عليه من اليونينية وثبت فى الفرع وغيره ( فقال مروان: إن هذا) يعني عبد الرحمن ( الذي أنزل الله فيه { والذي قال لوالديه أُفٍّ لكما أتعدانني} فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا) آل أبي بكر ( شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري) عن قصة أهل الإفك.

وعند الإسماعيلي فقالت عائشة: كذبت والله ما نزلت فيه، وفي رواية له والله ما أنزلت إلا في فلان ابن فلان الفلاني، وفي رواية لو شئت أن أسمّيه لسميته، ولكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعن أبا مروان ومروان في صلبه، فالصحيح أن الآية نزلت في الكافر العاقّ، ومَن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن فقوله ضعيف لأن عبد الرحمن قد أسلم وحسن إسلامه وصار من خيار المسلمين، ونفي عائشة أصح إسنادًا ممن روى غيره وأولى بالقبول.