فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {ما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 7]

باب { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله: ( { ما أفاء الله على رسوله} ) [الحشر: 7] قال الزمخشري: لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنها بيان للأولى وسقط باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4621 ... غــ : 4885 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( غير مرة عن عمرو) هو ابن دينار ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن مالك بن أوس بن الحدثان) بفتح الحاء والدال المهملتين والمثلثة ( عن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كانت أموال بني النضير) الحاصلة منهم للمسلمين من غير مشقة ( مما أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما أعاده عليه بمعنى صيّره له أو ردّه عليه فإنه كان حقيقًا بأن يكون له لأنه تعالى خلق الإنسان لعبادته وخلق ما خلق لهم ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين ( مما لم يوجف المسلمون) بكسر الجيم مما لم يسرع المسلمون المسير ولم يقاتلوا ( عليه) الأعداء ( بخيل) بفرسان ( ولا ركاب) بكسر الراء بل يسار عليها إنما خرجوا إليهم من المدينة مشاة لم يركب إلا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونزل الأعداء من حصونهم من الرعب الواقع في قلوبهم من هيبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فكانت) أموالهم أي معظمها ( لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاصة) في حياته ومن ذكر معه في قوله: فَلِلَّهِ وللرسول ولذي القربى أي من بني هاشم وبني المطلب واليتامى وهم أطفال المسلمين الذين هلك آباؤهم وهم فقراء والمساكين وهم ذوو الحاجات من المسلمين وابن السبيل وهو المنقطع في سفره من المسلمين على ما كان يقسمه عليه الصلاة والسلام من أن لكلٍّ منهم خُمس الُخمس وله عليه الصلاة والسلام الباقي وهو أربعة أخماس وخُمس الخُمس فهي أحد وعشرون سهمًا يفعل فيها ما يشاء ( ينفق على أهله منها نفقة سنته) تطييبًا لقلوبهم وتشريعًا للأمة ولا يعارضه حديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لا يدّخر شيئًا لغد لأنه كان قبل السعة أو
لا يدّخر لنفسه بخصوصها ( ثم يجعل ما بقي) بعد ( في السلاح) ما يقاتل به الكفار كالسيف وغيره من آلات الحديد ( والكراع) بضم الكاف الخيل ( عدة) بضم العين يستعان بها ( في سبيل الله) وأما بعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيصرف ما كان له من خمُس الخُمس لمصالحنا كسدّ ثغور وقضاة وعلماء والأخماس الأربعة للمرتزقة وهم المرصدون للجهاد بتعيين الإمام لهم، وقال المالكية: لا يخمس الفيء بل هو موكول إلى اجتهاد الإمام، واستدلوا بهذا الحديث، واستدلّ الشافعية بآية: { ما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 7] الآية وهي وإن لم يكن فيها تخميس فإنه مذكور في آية الغنيمة فحمل المطلق على المقيد.

وهذا الحديث ذكره في الجهاد والخُمس والمغازي.