فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} [الحشر: 9] الآية "

باب قَوْلِهِ: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ
الْخَصَاصَةُ: الْفَاقَةُ.
{ الْمُفْلِحُونَ} : الْفَائِزُونَ بِالْخُلُودِ.
الْفَلاَحُ: الْبَقَاءُ.
حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ: عَجِّلْ.
.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ { حَاجَةً} : حَسَدًا.

هذا ( باب) بالتنوين ( قوله) تعالى: ( { ويؤثرون على أنفسهم} الآية) وسقط باب لغير أبي ذر.

( الخصاصة) في قوله تعالى: { ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9] .

( الفاقة) ولأبي ذر: فاقة وقيل حاجة إلى ما يؤثرون به.

( { المفلحون} ) هم ( الفائزون بالخلود) قاله الفراء.

( الفلاح) ولأبي ذر: والفلاح ( البقاء) قال لبيد:
نحلّ بلادًا كلها حل قبلنا ... ونرجو فلاحًا بعد عاد وحمير
( حي على الفلاح) أي ( عجل) أي أقبل مسرعًا، وقال ابن التين: لم يقله أحد من أهل اللغة إنما قالوا معناه هلم وأقبل.

( وقال الحسن) البصري وسقطت الواو لأبي ذر ( { حاجة} ) في قولى: { ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا} [الحشر: 9] أي ( حسدّا) وصله عبد الرزاق عنه.
وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4625 ... غــ : 4889 ]
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِي الْجَهْدُ.
فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ»؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ.
قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَيْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ.
فَفَعَلَتْ: ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( يعقوب بن إبراهيم بن كثير) الدورقي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا فضيل بن غزوان) بضم الفاء وفتح المعجمة مصغرًا وغزوان بغين مفتوحة فزاي ساكنة معجمتين قال: ( حدّثنا أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمان ( الأشجعي) بالمعجمة والجيم ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: أتى رجل) هو أبو هريرة كما وقع مفسرًا في رواية الطبري ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله أصابني الجهد) المشقّة
والجوع ( فأرسل) عليه الصلاة والسلام ( إلى نسائه) أمهات المؤمنين يطلب منهن ما يضيفه به ( فلم يجد عندهن شيئًا فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ألا) بتخفيف اللام للتحضيض ( رجل يضيف) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يضيفه بزيادة الضمير والتحتية مضمومة والضاد المعجمة مفتوحة بعدها تحتية مشددة فيهما ( هذه الليلة يرحمه الله) بصيغة المضارع، ولأبي ذر عن الكشميهني رحمه الله ( فقام رجل من الأنصار) هو أبو طلحة وتردد الخطيب هل هو زيد بن سهل المشهور أو صحابي آخر يكنى أبا طلحة وليس هو أبا المتوكل الناجي لأنه تابعي إجماعًا ( فقال: أنا يا رسول الله) أضيفه ( فذهب إلى أهله فقال لامرأته) أم سليم: هذا ( ضيف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تدّخريه) بتشديد الدال المهملة أي لا تمسكي عنه ( شيئًا) من الطعام ( قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية) بكسر الصاد جمع صبي أنس وإخوته ( قال: فإذا أراد الصبية العَشاء) بفتح العين ( فنوّميهم) حتى لا يأكلوا، وقول البرماوي كالكرماني وهذا القدر كان فاضلًا عن قدر ضرورتهم وإلا فنفقة الأطفال واجبة والضيافة سُنّة فيه نظر لأنها صرّحت بقولها: والله ما عندي إلا قوت الصبية فلعلها علمت صبرهم لقلة جوعهم وهيأت لهم ذلك ليأكلوه على عادة الصبيان للطلب من غير جوع يضر ( وتعالي) بفتح اللام وسكون الياء ( فأطفئي السراج) بهمزة قطع ( ونطوي بطوننا الليلة) أي نجمعها لأن الجوع يطوي جلد البطن ( ففعلت) زوجته ذلك ( ثم غدا الرجل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) عليه الصلاة والسلام: ( لقد عجب الله عز وجل أو ضحك) بالشك من الراوي أي رضي وقبل ( من فلان وفلانة) أبي طلحة وأم سليم أو غيرهما على الخلاف ( فأنزل الله عز وجل: { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} ) [الحشر: 9] .

وهذا الحديث ذكره في باب قول الله تعالى: { ويؤثرون على أنفسهم} من مناقب الأنصار.


[60] سورة الْمُمْتَحِنَةِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: { لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} : لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ.
فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ عَلَى الْحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا.
{ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} : أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِفِرَاقِ نِسَائِهِمْ.
كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ.

( [60] سورة الْمُمْتَحِنَةِ)
قال السهيلي بكسر الحاء المختبرة أضيف إليها الفعل مجازًا كلما سميت سورة براءة الفاضحة لكشفها عن عيوب المنافقين، ومن قال الممتحنة بفتح الحاء فإنه أضافها إلى المرأة التي نزلت فيها، والمشهور أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط امرأة عبد الرحمن بن عوف وهي مدنية وآيها ثلاث عشرة، ولأبي ذر: سورة الممتحنة: بسم الله الرحمن الرحيم.

( وقال مجاهد) : فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ( { لا تجعلنا فتنة} ) [الممتحنة: 5] أي ( لا تعذبنا بأيديهم.
فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا)
.
وزاد في رواية الفريابي: ولا بعذاب من عندك.

( { بعصم الكوافر} ) [الممتحنة: 10] جمع كافرة كضوارب في ضاربة قال مجاهد: ( أمر أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم الهمزة وكسر الميم مبنيًّا للمفعول ( بفراق نسائهم كن كوافر بمكة) لقطع إسلامهم بالنكاح.