فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)

باب { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسِبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}
( باب) قوله عز وجل: ( { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} ) لحسن منظرهم كما يأتي ( { وإن يقولوا تسمع لقولهم} ) لفصاحتهم ( { كأنهم خُشب مسنّدة} ) جملة مستأنفة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره كأنهم أو في محل نصب على الحال من الضمير في قولهم أي تسمع لما يقولونه مشبهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحًا خالية عن العلم والنظر ( { يحسبون كل صيحة} ) تصاح واقعة ( { عليهم} ) لما في قلوبهم من الرعب وعليهم هو المفعول الثاني للحسبان
وقوله: ( { هم العدوّ} ) جملة مستأنفة أخبر الله عنهم بذلك ( { فاحذرهم} ) فلا تأمنهم على سرك لأنهم عيون لأعدائك ينقلون إليهم أسرارك ( { فاتلهم الله} ) أهلكهم ( { أنّى يؤفكون} ) [المنافقون: 4] أي كيف يصرفون عن الإيمان بعد قيام البرهان وسقط لأبي ذر قوله: كأنهم الخ وقال الآية بعد قوله لقولهم وسقط لغيره لفظ باب.


[ قــ :4638 ... غــ : 4903 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لأَصْحَابِهِ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ،.

     وَقَالَ : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ قَالُوا كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ.
وَقَولُهُ: { خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ: كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ.

وبه قال: ( حدّثنا عمرو بن خالد) بفتح العين الحراني الجزري قال: ( حدّثنا زهير بن معاوية) الجعفي الكوفي قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) عمرو السبيعي ( قال: سمعت زيد بن أرقم) -رضي الله عنه- ( قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر) غزوة تبوك أو بني المصطلق ( أصاب الناس فيه شدّة) من قلة الزاد وغيره.
قال ابن حجر: وهو يؤيد أنها غزوة تبوك ( فقال عبد الله بن أُبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله) كذا في قراءة عبد الله وهو مخالف لرسم المصحف ويحتمل أن يكون من تفسير عبد الله ( وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) وأخرج الحاكم في الإكليل من طريق أبي الأسود عن عروة أن هذا القول وقع من عبد الله بن أبي بعد أن قفلوا من الغزو.
قال زيد: ( فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته فأرسل إلى عبد الله بن أُبيّ فسأله) عن ذلك ( فاجتهد يمينه) في اليونينية فاجتهد يمينه بسكون الدال أي بذل وسعه وبالغ فيها أنه ( ما فعل) أي ما قال ذلك ( قالوا) يعني الأنصار ( كذب زيد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بتخفيف المعجمة ورسول نصب على المفعولية ( فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في { إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليستغفر لهم) مما قالوا ( فلوّوا رؤوسهم) عطفوها إعراضًا واستكبارًا عن استغفار الرسول عليه الصلاة والسلام لهم وقوله: ( { خشب} ) بإسكان الشين وضمها ( { مسندة} قال: كانوا رجالًا أجمل شيء) .

قال الحافظ ابن حجر: وهذا وقع في نفس الحديث وليس مدرجًا فقد أخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن عمرو بن خالد شيخ المؤلّف فيه بهذه الزيادة، وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن زهير.