فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {لتركبن طبقا عن طبق} [الانشقاق: 19]

باب { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({ لتركبنّ طبقًا عن طبق} ) [الانشقاق: 19] أصله لتركبونن فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال والواو لالتقاء الساكنين وفتح الباء ابن كثير وحمزة والكسائي خطابًا للواحد والباقون بضمها خطابًا للجمع وسقط لفظ باب وما بعده لغير أبي ذر.


[ قــ :4674 ... غــ : 4940 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} : حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني (سعيد بن النضر) بسكون الضاد المعجمة البغدادي قال: (أخبرنا هشيم) بضم الهاء مصغرًا ابن بشير قال: (أخبرنا أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (جعفر بن إياس) بكسر الهمزة وتخفيف الياء ابن أبي وحشية (عن مجاهد) المفسر أنه (قال: قال ابن عباس) في قوله تعالى: ({ لتركبن} ) بضم الموحدة وفي اليونينية بفتحها ({ طبقًا عن طبق} ) أي (حالًا بعد حال.
قال: هذا نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يعني يكون ذلك الظفر والغلبة على المشركين حتى يختم لك بجميل العاقبة فلا يحزنك تكذيبهم وتماديهم في كفرهم، وقيل سماء بعد سماء كما وقع في الإسراء، والمعنى على الجمع لترك بن أيها الناس حالًا بعد حال وأمرًا بعد أمر وذلك في موقف القيامة أو الشدائد والأهوال الموت ثم البعث ثم العرض أو حال الإنسان حالًا بعد حال رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم كهل ثم شيخ.


[85] سورة الْبُرُوجِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: { الأُخْدُودِ} : شَقٌّ فِي الأَرْضِ.
{ فَتَنُوا} : عَذَّبُوا.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: الوَدُودُ: الحَبِيبُ: المَجِيدُ الكَرِيمُ.


([85] سورة البروج)
مكية وآيها اثنتان وعشرون وسقط لغير أبي ذر سورة.

(قال) ولأبي ذر وقال (مجاهد) فيما رواه عبد بن حميد في قوله: ({ الأخدود} ) [البروج: 4] هو (شق في الأرض) وقال غيره المستطيل في الأرض.
وروى مسلم عن صهيب أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إليَّ غلامًا أعلّمه السحر فبعث إليه غلامًا يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال له: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجرًا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أي بنيّ أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل عليّ، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما ها هنا لك أجمع إن أنت شفيتني.
قال: إني لا أشفي أحدًا إنما يشفي الله عز وجل فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فقال: ربي.
قال: ولك رب غيري؟ قال: الله ربي وربك فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بنيّ قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل.
قال: إني لا أشفي أحدًا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقّه به حتى وقع شقّاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم به ذروته فإن رجع عن دينه وإلاّ فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلاّ فاقذفوه فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به.
قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهمًا من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله ربّ هذا الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد فصلبه على جذع ثم أخذ سهمًا من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: بسم الله
ربّ هذا الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه موضع السهم فمات.
فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذره قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدّت وأضرم النيران وقال: مَن لم يرجع عن دينه فاقحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق.

({ فتنوا} ) [البروج: 10] أي (عذبوا) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

(وقال ابن عباس الودود) هو (الحبيب) المتودد إلى أوليائه بالكرامة (المجيد) أي (الكريم) وقول ابن عباس هذا ساقط في الفرع كأصله ثابت في رواية النسفيّ وحده.


[86] سورة الطَّارِقِ
هُوَ النَّجْمُ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ.
{ النَّجْمُ الثَّاقِبُ} : المُضِيءُ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ { ذَاتِ الرَّجْعِ} سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ { ذَاتِ الصَّدْعِ} الأرض تَتصدَّعُ بِالنَّباتِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: { لَقَوْلٌ فَصْلٌ} : لَحَقٌّ.
{ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} : إِلاَّ عَلَيهَا حَافِظٌ.

([86] سورة الطَّارِقِ)
ثبت لفظ سورة لأبي ذر وهي مكية وآيها سبع عشرة.

(هو) أي الطارق (النجم وما أتاك ليلًا فهو طارق) ولا يسمى ذلك بالنهار فسمي به النجم لظهوره ليلًا ({ النجم الثاقب} ) هو (المضيء) وهذا كله ثابت للنسفي وحده ساقط في الفرع كأصله.

(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي ({ ذات الرجع} ) [الطارق: 11] هي (سحاب يرجع المطر) ولأبي ذر ترجع بالفوقية بدل التحتية وعلى هذا يجوز أن يراد بالسماء السحاب).

({ ذات} ) ولأبي ذر وذات ({ الصدع} ) [الطارق: 12] .
هي (الأرض تتصدع بالنبات) والعيون.

(وقال ابن عباس: { لقول فصل} ) [الطارق: 13] أي (لحق) وجدّ يفصل بين الحق والباطل.

({ لما عليها حافظ} ) [الطارق: 4] أي (إلا عليها حافظ) وهذا التفسير على تشديد ميم لما وهي قراءة عاصم وابن عامر وحمزة وإن نافية وثبت قوله وقال ابن عباس إلى آخره للنسفي وحده وسقط من الفرع كأصله.


[87] سورة { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ { قّدَّرَ فَهَدَى} : قَدَّرَ لِلإِنسَانِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ.
{ وَهَدَى الأَنْعَامَ} : لِمَراتِعَها.

([87] سورة { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} )
ثبت سورة الأعلى لأبي ذر وهي مكية وآيها تسع عشرة.

ومعنى ({ سبح اسم ربك} ) أي نزّه ربك (الأعلى) عما يصفه الملحدون فالاسم صلة وبه يحتج من جعل الاسم والمسمى واحدًا لأن أحدًا لا يقول سبحان اسم الله بل سبحان الله وقال قوم: أي نزّه تسمية ربك بأن تذكره وأنت له معظِّم ولذكره محترم فجعلوا الاسم بمعنى التسمية فكما أنه يجب تنزيه ذاته وصفاته عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن سوء الأدب.

وقد سبق في أول هذا المجموع مزيد لذلك والله الموفق.

(وقال مجاهد) في قوله ({ قدّر فهدى} ) [الأعلى: 3] أي (قدّر للإنسان الشقاء والسعادة) ({ وهدى الأنعام} لمراتعها) وصله الطبري وثبت للنسفي وحده.




[ قــ :4675 ... غــ : 4941 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلاَلٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلاَئِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَاءَ فَمَا جَاءَ، حَتَّى قَرَأْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا.

وبه قال: (حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان (قال أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة (عن شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء) بن عازب -رضي الله عنه- أنه (قال: أول مَن قدم علينا من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة من المهاجرين (مصعب بن عمير) بضم العين مصغرًا وضم ميم مصعب (وابن أم مكتوم) عمرو بن قيس العامر (فجعلا يقرئاننا القرآن) أي ما نزل منه (ثم جاء) المدينة أيضًا (عمار) يعني ابن ياسر (وبلال) المؤذن (وسعد) يعني ابن أبي وقاص (ثم جاء) أيضًا (عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (في) جملة (عشرين) من الصحابة ذكر منهم ابن إسحاق زيد بن الخطاب وسعيد بن زيد بن عمرو وعمرًا وعبد الله ابني سراقة وخنيس بن حذافة وواقد بن عبد الله وخولي بن أبي خولي وأخاه هلالًا وعياش بن أبي ربيعة وخالدًا وإياسًا وعامرًا وعاقلًا بني البكير وهم الثلاثة عشر فلعل الباقي كانوا أتباعًا لهم (ثم جاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به) أي كفرحهم به فهو نصب بنزع الخافض (حتى رأيت الولائد) جمع وليدة الصبية والأمة (والصبيان يقولون: هذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد جاء) حذفت التصلية لأبي ذر قال: لأن الصلاة عليه إنما كان ابتداء مشروعيتها
في السنة الخامسة من الهجرة، والظاهر أنه يشير إلى آية الأمر بها وهذا غير متجه لأنه قد ورد في حديث الإسراء ذكر الصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والإسراء كان بمكة فلا وجه للإنكار قال البراء: (فما جاء) عليه الصلاة والسلام المدينة (حتى قرأت: {سبح اسم ربك الأعلى} في سورة مثلها) وزاد في الهجرة من المفصل وثبت لفظ مثلها لأبي ذر.


[88] سورة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}: النَّصَارَى.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ {عَيْنٍ آنِيَةٍ}: بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا.
{حَمِيمٍ آنٍ}: بَلَغَ إِنَاهُ.
{لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً}: شَتْمًا.
الضَّرِيعُ: نَبْتٌ يُقَالَ لَهُ: الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ وَهْوَ سَمٌّ {بِمُسَيْطِرٍ}: بِمُسَلَّطٍ وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ {إِيَابَهُمْ}: مَرْجِعَهُمْ.

([88] سورة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ})
مكية وآيها ست وعشرون ولأبي ذر سورة هل أتاك بسم الله الرحمن الرحيم وسقط له حديث الغاشية ولغيره البسملة.

(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ({عاملة ناصبة) [الغاشية: 3] (النصارى) وزاد ابن أبي حاتم واليهود والثعلبي والرهبان يعني أنهم عملوا ونصبوا في الدين على غير دين الإسلام فلا يقبل منهم وقيل عاملة ناصبة في النار كجر السلاسل وخوضها في النار خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها.

(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي ({عين آنية}) [الغاشية: 5] بلغ (إناها) بكسر الهمزة بعد النون ألف غير مهموز وقتها في الحر فلو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت وقال أبو ذر إناها حينها.
(وحان شربها: {حميم آن} بلغ إناه) أي حان ({لا تسمع فيها}) أي الجنة ({لاغية}) [الغاشية: 11] .
أي (شتمًا) ولا غيره من الباطن.

(الضريع) ولأبي ذر ويقال الضريع (نبت) له شوك (يقال له الشبرق) بكسر المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة (تسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم) لا تقر به دابة لخبثه.

({بمسيطر}) [الغاشية: ] أي (بمسلط) فتقتلهم وتكرههم على الإيمان وهذا منسوخ بآية القتال.
(ويقرأ) مصيطر (بالصاد والسين) وهذه قراءة هشام وهي على الأصل.

(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن المنذر في قوله ({إيابهم}) [الغاشية: 5] أي (مرجعهم) بعد الموت.


[89] سورة وَالْفَجْرِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْوَتْرُ: اللَّهُ.
{إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}: الْقَدِيمَةِ.
وَالْعِمَادُ: أَهْلُ عَمُودٍ لاَ يُقِيمُونَ.
{سَوْطَ عَذَابٍ}: الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ.
{أَكْلًا لَمًّا}: السَّفُّ وَ {جَمًّا}: الْكَثِيرُ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ.
السَّمَاءُ شَفْعٌ.
{وَالْوَتْرُ}: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ {سَوْطَ عَذَابٍ}: كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ.
{لَبِالْمِرْصَادِ}: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.
{تَحَاضُّونَ}: تُحَافِظُونَ.
وَيَحُضُّونَ: يَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ.
{الْمُطْمَئِنَّةُ}: الْمُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ.
.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ.
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ}: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللَّهِ وَاطْمَأَنَّ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا وَأَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.
.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ.
{جَابُوا}: نَقَبُوا، مِنْ جِيبَ الْقَمِيصُ قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ.
يَجُوبُ الْفَلاَةَ: يَقْطَعُهَا.
{لَمًّا}: لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ، أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ.

([89] سورة وَالْفَجْرِ)
مكية وآيها تسع وعشرون وثبت سورة لأبي ذر.

(قال مجاهد الوتر: الله) لانفراده بالألوهية وحذف ما بعد مجاهد لأبي ذر.

({إرم ذات العماد}) [الفجر: 7] أي (القديمة) يعني عادًا الأولى ولأبي ذر يعني القديمة وفي اليونينية إرم ذات بكسر الهمز وسكون الراء وفتح الميم ورويت عن الضحاك لكن بفتح الهمزة وأصله إرم على وزن فعل كفخذ فخفف (والعماد) رفع مبتدأ خبره (أهل عمود) أي خيام (لا يقيمون) في بلد وكانوا سيّارة ينتجعون الغيث وينتقلون إلى الكلأ حيث كان، وعن ابن عباس إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم واختار الأول ابن جرير وردّ الثاني.
قال ابن كثير: فأصاب وحينئذٍ فالضمير يعود على القبيلة قال: وأما ما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية من ذكر مدينة يقال لها إرم ذات العماد مبنية بلبن الذهب والفضة وأن حصباءها لآلئ وجواهر وترابها بنادق المسك إلى غير ذلك من الأوصاف وأنها تنتقل فتارة تكون بالشام وتارة باليمن وأخرى بغيرهما من الأرض فمن خرافات الإسرائيليين وليس لذلك حقيقة.

وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق وهب بن منبه عن عبد الله بن أبي قلابة في هذه القصة أيضًا وذكر عجائبها فقال في افتح فيها ألفاظ منكرة وراويها عبد الله بن أبي قلابة لا يعرف.
وفي إسناده ابن لهيعة ومثله ما يخبر به كثير من الكذبة المتحيلين من وجود مطالب تحت الأرض بها قناطير الذهب والفضة والجواهر واليواقيت واللآلئ والإكسير، لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها فيحتالون على أموال ضعفة العقول والسفهاء فيأكلونها بحجة صرفها في بخورات ونحوها من الهذيانات وتراهم ينفقون على حفرها الأموال الجزيلة ويبلغون في العمق غاية ولا
يظهر لهم إلا التراب والحجر الكدان فيفتقر الرجل منهم وهو مع ذلك لا يزداد إلا طلبًا حتى يموت.

({سوط عذاب}) [الفجر: 13] (الذي) ولأبي ذر الذين (عذبوا به) وعن قتادة مما رواه ابن أبي حاتم كل شيء عذب به فهو سوط عذاب.

({أكلًا لمَّا}) [الفجر: 19] (السفّ) من سففت إلى أسفه سفًّا.

(وجما الكثير) أي يحبون جمع المال وسقط واو جمًّا لأبي ذر.

(وقال مجاهد) في قوله تعالى: {والشفع والوتر} [الفجر: 3] (كل شيء خلقه) تعالى (فهو شفع السماء شفع) أي للأرض كالذكر والأنثى ({والوتر}) بفتح الواو وتكسر هو (الله تبارك وتعالى) وسبق.

(وقال غيره) غير مجاهد ({سوط عذاب} كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب يدخل فيه السوط) قاله الفراء.

({لبالمرصاد}) [الفجر: 14] (إليه المصير) وقال ابن عباس بحيث يسمع ويرى وقيل يرصد أعمال بني آدم لا يفوته شيء منها.

({تحاضون}) بفتح التاء والحاء فألف وبها قرأ الكوفيون أي (تحافظون وتحضون) بغير ألف (تأمرون بإطعامه) المساكين.

({المطمئنة}) [الفجر: 7] هي (المصدقة بالثواب) وهي الثابتة على الإيمان (وقال الحسن) البصري فيما وصله ابن أبي حاتم ({يا أيها النفس المطمئنة}) [الفجر: 7] إذا أراد الله عز وجل (قبضها اطمأنت إلى الله واطمأن الله إليها) إسناد الاطمئنان إلى الله مجاز يراد به لازمه وغايته من نحو إيصال الخير وفيه المشاكلة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي واطمأن إليه بتذكير الضمير أي إلى الشخص (ورضيت عن الله ورضي الله عنها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عنه (فأمر) بالفاء ولأبي ذر وأمر (بقبض روحها وأدخلها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أيضًا وأدخله (الله الجنة وجعله من عباده الصالحين) وقال عطاء النفس المطمئنة هي العارفة بالله التي لا تصبر عن الله طرفة عين.

(وقال غيره) غير الحسن ({جابوا}) أي (نقبوا) بالتخفيف أي نقبوا الصخر وأصل الجيب القطع مأخوذ (من جيب القميص) أي (قطع له جيب) وكذلك قولهم فلان (يجوب الفلاة) أي (يقطعها) وجيب بفتح الجيم وجر الموحدة بمن والقميص خفض وبكسر الجيم ونصب الموحدة والقميص رفع وسقط لفظ من لأبي ذر.

({لمًّا}) في قوله تعالى: ({ويأكلون التراث أكلًا لمًّا} (لممته أجمع أتيت على آخره) قاله أبو عبيدة وسبق معناه وسقط لأبي ذر.


[90] سورة {لاَ أُقْسِمُ}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ {بِهَذَا الْبَلَدِ}: مَكَّةَ، لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ.
{وَوَالِدٍ}: آدَمَ {وَمَا وَلَدَ}.
{لُبَدًا}: كَثِيرًا.
وَالنَّجْدَيْنِ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ.
{مَسْغَبَةٍ}: مَجَاعَةٍ.
{مَتْرَبَةٍ}: السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ.
يُقَالُ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}: فَلَمْ يَقْتَحِمِ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ}.
{فِي كَبَدٍ}: شِدَّةٍ.

([90] سورة {لاَ أُقْسِمُ})
مكية وآيها عشرون ولأبي ذر سورة: لا أقسم.

(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({بهذا البلد}: مكة) ولأبي ذر {وأنت حل بهذا البلد} [البلد: ] مكة (ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم) أي أنت على الخصوص تستحله دون غيرك لجلالة شأنك كما جاء لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وأنت على هذا من باب التقديم للاختصاص نحو أنا عرفت وقال الواحدي إن الله تعالى لما ذكر القسم بمكة دل ذلك على عظم قدرها مع كونها حرامًا فوعد نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يحلها له يقاتل فيها وأن يفتحها على يده ويكون فيها حلاًّ والجملة اعتراض بين المقسم به وما عطف عليه.

({ووالد} آدم {وما ولد}) [البلد: 3] أي من الأنبياء والصالحين من ذريته لأن الكافر وإن كان من ذريته لكن لا حرمة له حتى يقسم به أو المراد بوالد إبراهيم وبما ولد محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما بمعنى من قال في الأنوار وإيثار ما على من لمعنى التعجب كما في قوله تعالى: ({والله أعلم بما وضعت} [آل عمران: 36] .

({لبدًا}) [البلد: 6] بضم اللام وفتح الموحدة لأبي ذر جمع لبدة كغرفة وغرف وهي قراءة العامة ولغير أبي ذر لبدًا بكسر اللام أي (كثيرًا) من تلبد الشيء إذا اجتمع.

(والنجدين) هما (الخير والشر) قال الزجاج النجدان الطريقان الواضحان والنجد المرتفع من الأرض والمعنى ألم نبين له طريقي الخير والشر وقال ابن عباس النجدين الثديين وهما مما يقسم به العرب تقول أما ونجديها ما فعلت تريد ثديي المرأة لأنهما كالنجدين للبطن.

({مسغبة}) [البلد: 14] أي (مجاعة) والسغب الجوع.

({متربة}) ولأبي ذر برفع الثلاثة أي (الساقط في التراب) ليس له بيت لفقره.

(يقال {فلا اقتحم العقبة}) [البلد: 11، 14] (فلم يقتحم العقبة) فلم يجاوزها (في الدنيا) ليأمن (ثم فسر العقبة فقال: {وما أدراك}) أي أعلمك ({ما العقبة}) التي يقتحمها وبين سبب جوازها بقوله ({فك رقبة}) برفع الكاف على إضمار مبتدأ أي هو فك وخفض رقبة بالإضافة من
الرق بإعاقتها ({أو إطعام}) بهمزة مكسورة وألف بعد العين ورفع ميم إطعام منوّنًا وقراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي فك بفتح الكاف فعلًا ماضيًا رقبة نصب أطعم فعلًا ماضيًا أيضًا ({في يوم ذي مسغبة}) [البلد: 11، 14] مجاعة وهذا تنبيه على أن النفس لا توافق صاحبها في الإنفاق لوجه الله تعالى البتة فلا بد من التكلف وحمل المشقّة على النفس والذي يوافق النفس الافتخار والمراواة فكأنه تعالى ذكر هذا المثل بإزاء ما قال أهلكت مالًا لبدًا والمراد بيان الإنفاق المفيد وإن ذلك الإنفاق مضرّ قاله صاحب الفرائد فيما حكاه في فتوح الغيب.

({في كبد}) [البلد: 4] أي (شدة) أي شدة خلق وقال ابن عباس في نصب وقيل شدة مكايد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة وهذا ثابت للنسفي وحده.


[91] سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ {ضُحَاهَا}: ضَوْؤُهَا.
{إِذَا تَلاَهَا}: تَبِعَهَا.
{وَطَحَاهَا}: دَحَاهَا.
{دَسَّاهَا}: أَغْوَاهَا.
{فَأَلْهَمَهَا}: عَرَّفَهَا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَة.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: {بِطَغْوَاهَا}: بِمَعَاصِيهَا.
{وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}: عُقْبَى أَحَدٍ.

([91] سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا})
مكية وآيها خمس عشرة.

(بسم الله الرحمن الرحيم) ثبت لفظ سورة والبسملة لأبي ذر.

(وقال مجاهد: {ضحاها}) أي (ضوءها: {إذا تلاها}) أي (تبعها) طالعًا عند غروبها ({وطحاها}) أي (دحاها).

({دساها}) أي (أغواها) وأصله دسسها فكثر الأمثال فأبدل من ثالثها حرف علة.

({فألهمها}) أي (عرّفها الشقاء والسعادة) وهذا كله ثابت للنسفي ساقط من الفرع كأصله.

(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({بطغواها}) أي (بمعاصيها).

({ولا يخاف عقباها}) أي (عقبى أحد).




[ قــ :4676 ... غــ : 494 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «{ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ».
مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ.
وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ».
ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ.

     وَقَالَ : «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ»؟.

     وَقَالَ  أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( أنه أخبره عبد الله بن زمعة) بفتح الزاي وسكون الميم وفتحها وبالعين المهملة وأمه قريبة أخت أم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنهما- ( أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب) فخطب وذكر ما قصده من الموعظة أو غيرها ( وذكر الناقة) المذكورة في هذه السورة وهي ناقة صالح ( و) ذكر ( الذي عقر) ها وهو قدار بن سالف وهو أحيمر ثمود الذي قال الله تعالى فيه فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( { إذ انبعث أشقاها} انبعث) قام ( لها رجل عزيز) شديد قوي ( عارم) بعين وراء مهملتين جبار صعب مفسد خبيث ( منيع) قوي ذو منعة ( في رهطه) قومه ( مثل أبي زمعة) جد عبد الله بن زمعة المذكور في عزته ومنعته في قومه ومات كافرًا بمكة ( وذكر) عليه الصلاة والسلام في خطبته ( النساء) أي ما يتعلق جهن استطرادًا فذكر ما يقع من أزواجهن ( فقال: يعمد) بكسر الميم أي يقصد ( أحدكم يجلد) ولأبي ذر فيجلد ( امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه) أي يجامعها ( ثم وعظهم) عليه الصلاة والسلام ( في ضحكهم) .
ولأبي ذر عن الكشميهني في ضحك ( من الضرطة وقال: لم يضحك أحدكم مما يفعل) وكانوا في الجاهلية إذا وقع ذلك من أحد منهم في مجلس يضحكون فنهاهم عن ذلك.

( وقال أبو معاوية) محمد بن خازم مما وصله إسحاق بن راهويه في مسنده ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عبد الله بن زمعة) أنه قال ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مثل أبي زمعة عم الزيير بن العوّام) أي عمه مجازًا لأنه الأسود بن المطلب بن أسد والعوام بن خويلد بن أسد فنزل ابن العم منزلة الأخ فأطلق عليه عما بهذا الاعتبار كذا جزم الدمياطي باسم أبي زمعة هنا وهو المعتمد قاله في فتح الباري.


[9] سورة { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ { بِالْحُسْنَى} : بِالْخَلَفِ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ { تَرَدَّى} : مَاتَ.
{ وَتَلَظَّى} : تَوَهَّجُ.
وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: تَتَلَظَّى.

( [9] سورة { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} )
مكية وآيها إحدى وعشرون.

( بسم الله الرحمن الرحيم) ثبت سورة والبسملة لأبي ذر.

( وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم ( { بالحسنى} ) ولأبي ذر { وكذب بالحسنى} ( بالخلف) أي لم يوقن أن الله سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته ( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ( { تردى} ) أي ( مات) وقيل تردى في حفرة القبر وقيل في قعر جهنم ( { وتلظى} ) أي ( توهج)
وتتوقد ( وقرأ عبيد بن عمير) بضم عينهما مصغرين فيما وصله سعيد بن منصور ( تتلظى) بتاءين على الأصل.