فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب} [المسد: 2]

باب قَوْلِهِ: { وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}
( باب قوله) : { وتب} ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله عز وجل: ( { وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب} ) [المسد: 3] ما الأولى نافية أو استفهام إنكار وعلى الثاني تكون منصوبة المحل بما بعدها أي أي شيء أغنى المال وقدمت لأن لها صدر الكلام والثانية بمعنى الذي فالعائد محذوف أو مصدرية أي وكسبه.


[ قــ :4708 ... غــ : 4972 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَنَادَى: «يَا صَبَاحَاهْ».
فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي»؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ».
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} إِلَى آخِرِهَا.
قَوْلِهِ: { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سلام) السلمي مولاهم البيكندي قال: ( أخبرنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين الضرير قال: ( حدّثنا الأعمش) سليمان ( عن عمرو بن مرة) الجملي بفتح الجيم والميم ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى البطحاء) مسيل وادي مكة ( فصعد إلى الجبل) يعني الصفا ورقي عليه ( فنادى) :
( يا صباحاه.
فاجتمعت إليه قريش فقال: أرأيتم)
أي أخبروني ( إن حدّثتكم أن العدوّ مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني) ؟ ولأبي ذر: تصدقونني ( قالوا: نعم.
قال: فإني نذير)
منذر ( لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه ( فقال أبو لهب) عليه اللعنة: ( ألهذا جمعتنا) ؟ بهمزة الاستفهام الإنكاري ( تبًّا لك) أي ألزمك الله تبًّا وزاد في سورة الشعراء سائر اليوم أي بقيته ( فأنزل الله عز وجل: { تبت يدا أبي لهب} إلى آخرها) أي خسرت جملته وعادة العرب أن تعبر ببعض الشيء عن كله.

( قوله: { سيصلى} ) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: سيصلى ( { نارًا ذات لهب} ) أبي تلهب وتوقد.