فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب وقول الله تعالى

باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ، { قُرْآنًا عَرَبِيًّا} { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}
هذا (باب) بالتنوين (نزل القرآن بلسان قريش) أي بلغة معظمهم (والعرب) من عطف العام على الخاص.

{ قرآنًا} ولأبي ذر وقول الله تعالى: { قرآنًا عربيًّا} { بلسان عربي مبين} ) قال القاضي أبو بكر الباقلاني: لم تقم دلالة قاطعة على نزول القرآن جميعه بلسان قريش بل ظاهر قوله تعالى: { إنا جعلناه قرآنًا عربيًّا} [الزخرف: 3] أنه نزل بجميع ألسنة العرب لأن اسم العرب يتناول الجميع تناولًا واحدًا، وقال أبو شامة أي ابتداء نزوله بلغة قريش ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم.


[ قــ :4719 ... غــ : 4984 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: فَأَمَرَ عُثْمَانُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ يَنْسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ،.

     وَقَالَ  لَهُمْ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا) ولغير أبي ذر حدّثنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (وأخبرني) بالإفراد والواو للعطف على مقدّر
ذكره في الباب اللاحق ولأبي ذر: فأخبرني (أنس بن مالك قال: فأمر عثمان) -رضي الله عنه- (زيد بن ثابت) كاتب الوحي وقدوة الفرضيين (وسعيد بن العاص) بن أحيحة الأموي (وعبد الله بن الزبير) بن العوّام (وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها) أي الآيات أو السور أو الصحف المحضرة من بيت حفصة ولأبي ذر عن الكشميهني أن ينسخوا ما (في المصاحف) أي ينقلوا الذي فيها إلى مصاحف أخرى والأول هو الأولى لأنه كان في مصحف لا مصاحف (وقال لهم) عثمان (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في) لغة (عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن أنزل بلسانهم) أي معظمه (ففعلوا) ما أمرهم به عثمان.

وهذا الحديث مرّ في باب نزول القرآن بلسان قريش في المناقب.




[ قــ :470 ... غــ : 4985 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ،.

     وَقَالَ  مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: «أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا»؟ فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ،.
وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا همام) بفتح الهاء والميم المشددة ابن يحيى بن دينار العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر الذال المعجمة قال: ( حدّثنا عطاء) أي ابن أبي رباح ( وقال) وفي نسخة ح وقال: ( مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان سقط لغير أبي ذر ابن سعيد ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح المذكور ( قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا ( صفوان بن يعلى بن أمية أن) أباه ( يعلى كان يقول: ليتني أرى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين ينزل) بضم أوله وفتح ثالثه ( عليه الوحي) رفع مفعول ناب عن الفاعل ولأبي ذر بفتح أوله وكسر ثالثه ( فلما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين المهملة وقد تكسر وتشدد الراء موضع قريب من مكة أحد مواقيت الإحرام ( وعليه ثوب قد أظلّ عليه) بفتح الهمزة والظاء المعجمة ( ومعه ناس) ولأبي ذر عن الحموي ومعه الناس ( من أصحابه إذ جاءه رجل) .
قال في المقدمة حكى ابن فتحون في الذيل أن اسمه عطاء بن منبه وعزاه لتفسير الطرسوسي وفيه نظر، وقال: إن صح فهو أخو يعلى بن منبه، وفي الشفاء للقاضي عياض ما يُشعِر أن اسمه عمرو بن سواد والصواب أنه
يعلى بن أمية راوي الحديث كما أخرجه الطحاوي من حديث شعبة عن قتادة عن عطاء أن رجلًا يقال له يعلى بن أمية أحرم وعليه جبة ( متضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين متلطخ ( بطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم) أي بعمرة كما في الحج ( في جبة بعد ما تضمخ) تلطخ ( بطيب؟ فنظر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساعة فجاء له الوحي فأشار عمر إلى يعلى أن) ولأبي ذر عن الحموي أي ( تعال فجاه يعلى فأدخل رأسه) ليرى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال نزول الوحي ( فإذا هو) عليه الصلاة والسلام ( محمرّ الوجه يغط) بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة يتردد صوت نفسه من شدة ثقل الوحي ( كذلك ساعة ثم سرّي) بضم السن المهملة وتشديد الراء المكسورة أي كشف ( عنه) ما كان يجده من شدة الثقل الوحي ( فقال) :
( أين الذي يسألني عن العُمرة آنفًا فالتمس الرجل) بضم التاء مبنيًا للمفعول ( فجيء به إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) له: ( أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات) هل قوله ثلاث مرات من جملة مقوله عليه الصلاة والسلام فيكون نصًّا في تكرار الغسل ثلاثًا أو العامل فيه قال: أي قال له عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات اغسله فلا يكون نصًّا على التثليث.

وسبق مزيد لذلك في الحج.

( وأما الجبة فانزعها) عنك ( ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجّك) من الطواف والسعي والحلق والاحتراز عن محظورات الإحرام.

وهذا الحديث صورته صورة المرسل لأن صفوان بن يعلى ما حضر ذلك وقد ساقه في كتاب العمرة من الحج بالإسناد المذكور هنا عن أبي نعيم فقال فيه عن صفوان بن يعلى عن أبيه فوضح أنه ساقه هنا على لفظ رواية ابن جريج.

قيل: وجه دخول هذا الحديث هنا التنبيه على أن الوحي بالقرآن والسُّنَّة على صفة واحدة ولسان واحد.