فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا

باب نِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَهَلْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 6]
( باب نسيان القرآن) لعدم تعاهده ( وهل يقول) الرجل ( نسيت آية كذا وكذا) نعم لا يمتنع
ذلك إن كان نسيانه عن أمر ديني كالجهاد ( وقول الله تعالى) مخاطبًا لنبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( { سنقرئك فلا تنسى} ) أي سنعلمك القرآن حتى لا تنساه ( { إلاّ ما شاء الله} ) [الأعلى: 6] أن ينسخه وهذا بشارة من الله لنبيّه أن يحفظ عليه الوحي حتى لا يتفلت منه شيء إلا ما شاء الله أن ينسخه فيذهب به عن حفظه برفع حكمه وتلاوته وسأل ابن كيسان النحوي جنيدًا عنه فقال: فلا تنسى العمل به فقال مثلك يصدّر، وقيل قوله فلا تنسى على النهي والألف مزيدة للفاصلة كقوله: السبيلا فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته.
واختلف في نسيان القرآن فصرح النووي في الروضة بأن نسيانه أو شيء منه كبيرة لحديث أبي داود عرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أرَ ذنبًا أعظم من سورة أو آية أُوتيها رجل ثم نسيها.

وأخرج أبو داود من طريق أبي العالية موقوفًا كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه واحتج الروياني لذلك بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره.


[ قــ :4768 ... غــ : 5037 ]
- حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا».

وبه قال: ( حدّثنا ربيع بن يحيى) أبو الفضل الأشناني البصري قال: ( حدّثنا زائدة) بن قدامة قال: ( حدّثنا هشام عن) أبيه ( عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: سمع النبي) ولأبي الوقت رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا) اسمه عبد الله بن يزيد الأنصاري أي سمع صوت رجل حال كونه ( يقرأ في المسجد قال) عليه الصلاة والسلام:
( يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على تعيين الآيات المذكورة.
اهـ.

ويجوز النسيان عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما ليس طريقه البلاع والتعليم وهذا الحديث من أفراده.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ.

     وَقَالَ : أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا.
تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبيد بن ميمون) قال: ( حدّثنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق ( عن هشام) هو ابن عروة يعني عن أبيه عن عائشة بالمتن المذكور ( وقال) زيادة عليه ( أسقطتهنّ من سورة كذا) أي بالنسيان ( تابعه) أي تابع محمد بن عبيد ( علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة ( وعبدة) بن سليمان بواو العطف على السابق وللكشميهني عن عبدة قال الحافظ ابن حجر وهو غلط لأن عبدة رفيق علي بن مسهر لا شيخه ( عن هشام) أي ابن عروة.




[ قــ :4769 ... غــ : 5038 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا».

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي الوقت حدّثني ( أحمد بن أبي رجاء) عبد الله بن أيوب زاد أبو ذر هو أبو الوليد الهروي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا) هو عبد الله بن يزيد ( يقرأ في سورة بالليل) بتنوين سورة وبالليل بالموحدة أوله ظرف ( فقال) عليه السلام:
( يرحمه الله لقد) ولأبي عساكر وأبي الوقت قد ( أذكرني آية كذا وكذا كنت أنسيتها) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( من سورة كذا وكذا) وفي اليونينية أذكرني الله آية كذا بإثبات الجلالة بعد أذكرني ألحقها بالحمرة.
قال في الفتح وهي مفسرة لقوله في الرواية الأولى أسقطتها فكأنه قال أسقطتها نسيانًا لا عمدًا.




[ قــ :4770 ... غــ : 5039 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) بن أبي مسعود -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( بئس ما لأحدهم) بئس كلمة ذم وما نكرة موصوفة والمخصوص بالذم ( يقول نسيت آية كيت وكيت) كلمة يعبر بها عن الحديث الطويل ومثلها ذيت وذيت قال ثعلب كيت للأفعال وذيت للأسماء ( بل هو نسي) بتشديد السين ورواه بعض رواة مسلم مخففًا وسبق قريبًا معنى المشدّد وليس النسيان من فعل الناسي بل من فعل الله يحدثه عند إهمال تكريره ومراعاته وأما المخفف فمعناه أن الرجل تركه غير ملتفت إليه فهو كقوله تعالى: { نسوا الله فنسيهم} [التوبة: 67] أي تركهم في العذاب أو تركهم من الرحمة.