فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب شهادة المرضعة

باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ
( باب) حكم ( شهادة المرضعة) وحدها بالرضاعة.


[ قــ :4832 ... غــ : 5104 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ لَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ لِي: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وَهْيَ كَاذِبَةٌ.
فَأَعْرَضَ فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ.

قُلْتُ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ قَالَ: «كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا، دَعْهَا عَنْكَ».
وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى يَحْكِي أَيُّوبَ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) المعروف بأمه علية قال: ( أخبرنا أيوب) السختياني ( عن عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم وفتح اللام وسكون التحتية أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عبيد بن أبي مريم) المكي ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وليس له في الصحيح سوى هذا الحديث ( عن عقبة بن الحارث) القرشي المكي الصحابي ( قال) عبد الله بن أبي مليكة ( وقد سمعته) أي هذا الحديث ( من عقبة) بن الحارث.
قال الحافظ ابن حجر: والعمدة فيه على سماع ابن أبي مليكة من عقبة نفسه ( لكني لحديث عبيد أحفظ قال) عقبة بن الحارث: ( تزوجت امرأة) هي أم يحيى بنت أبي إهاب ( فجاءتنا امرأة سوداء) أي تسم ( فقالت) لنا: قد ( أرضعتكما) قال عقبة ( فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت) : يا رسول الله ( تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنا امرأة) وفي بعض الطرق أمة ( سوداء فقالت لي: إني قد) ولأبي ذر لقد ( أرضعتكما وهي كاذبة) في قولها ( فأعرض عنه) من باب الالتفات ولأبي ذر عن الكشميهني عني ( فأتيته من قبل وجهه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة وجهه ( قلت: إنها كاذبة.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( كيف) تصنع ( بها) أي بالتي تزوجتها أو أي فعل تفعل بها ( وقد زعمت) أي المرأة السوداء ( أنها قد أرضعتكما دعها) اتركها ( عنك) أي على سبيل الاحتياط والورع لا الحكم بثبوت الرضاع وفساد النكاح بمجرد قول المرضعة إذ لم يجر بحضرته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترافع وإداء شهادة بل كان ذلك مجرد إخبار واستفتاء ثم لو شهدت المرضعة عند حاكم قبلت، ولو قالت: أرضعته لأنها لم تجر بشهادتها نفعًا ولم تدفع بها ضررًا بخلاف شهادتها بولادتها لجرها نفع النفقة والإرث وغيرهما ولا نظر إلى ما
يتعلق بشهادتها من ثبوت الحرمة وحل الخلوة فإن الشهادة لا ترد بمثل ذلك بدليل قبول شهادة الطلاق، وإن استفيد بها حل المناكحة وليس المراد قبول شهادتها وحدها بل لا تقبل عند الشافعي إلا مع ثلاث نسوة أخرى وأن لا تكون طالبة أجرة على الرضاع فإن طلبتها فلا تقبل لاتهامها بذلك واستدلّ به الشافعية على أنه لو شهدت واحدة أو أكثر ولم يتم النصاب بالرضاع فالورع للرجل أن يجتنبها بأن لا ينكحها إن لم ينكحها ويطلقها إن نكحها لتحلّ لغيره ويكره له المقام معها وتقبل في الرضاع شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بلا تقدّم دعوى، وإن احتمل كون الزوجة مدّعية لأن الرضاع تقبل فيه شهادة الحسبة.

قال علي بن عبد الله المديني: ( وأشار إسماعيل) ابن علية ( بأصبعيه السبابة والوسطى يحكي) إشارة ( أيوب) السختياني حيث يحكي فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث أشار بيده وقال بلسانه: دعها عنك فحكى ذلك كل راوٍ لمن دونه.

وسبق الحديث في كتاب العلم في باب الرحلة وفي باب شهادة: الإماء والعبيد في كتاب الشهادات.