فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} [النساء: 23]

باب { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { وأن تجمعوا بين الأختين} ) في موضع رفع عطفًا على المحرمات.
أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين لما فيه من قطيعة الرحم وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير، وإليه أشار -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله: "إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن".
كما زاده ابن حبان وغيره سواء كانتا من الأبوين أو من أحدهما من النسب أو الرضاع وسواء النكاح وملك اليمين، ولو اشترى زوجته بأن كانت أمة فله أن يتزوج أختها وأربعًا سواها لأن ذلك الفراش قد انقطع، ولو اشترى أختين صح الشراء إجماعًا لأنه لا يتعين الوطء فلو وطئ إحداهما ولو في الدبر حرمت الأخرى للجمع المنهي عنه ( { إلا ما قد سلف} ) [النساء: 23] من الجمع بينهما فمعفوّ عنه.


[ قــ :4835 ... غــ : 5107 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ:.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «وَتُحِبِّينَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِي».
.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ
أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ.
قَالَ: ( بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ) .
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ.
فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( أن عروة بن الزبير) بن العوّام ( أخبره أن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة) أم المؤمنين رملة ( قالت: قلت يا رسول الله انكح أختي) عزة ( بنت أبي سفيان قال) :
( وتحبين) ؟ ذلك استفهام سقطت منه الأداة ( قلت: نعم) أحب ذلك لأني ( لست لك بمخلية) بضم الميم وسكون المعجمة أي لست أجدك خاليًا من الزوجات غيري كما مرّ وسقط لك لغير أبي ذر ( وأحب من شاركني) بألف بعد المعجمة وسقطت واو وأحب لغير أبي ذر عن الكشميهني ولأبي ذر من شركني بغير ألف مع كسر الراء ( في خير) في رواية الباب السابق فيك أي في ذاتك ( أختي) خبر المبتدأ الذي هو أحب ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن ذلك) بكسر الكاف خطابًا بالمفرد مؤنث ( لا يحل لي) لما فيه من الجمع بين الأختين ( قلت: يا رسول الله فوالله إنّا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة قال) عليه الصلاة والسلام: ( بنت أم سلمة) قال النووي: هو سؤال استثبات ونفي إرادة غيرها.
وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون لإظهار جهة الإنكار عليها أو على من قال ذلك ( فقلت: نعم قال: فوالله لو لم تكن في حجري) بفتح الحاء وسكون الجيم أي ربيبتي ( ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة) اللام في لابنة هي الداخلة في خبر إن ولأبي ذر ابنة بإسقاطها أي إنها حرام لسببين لو فقد أحدهما لم يحتي إليه لوجود الآخر ( أرضعتني وأبا سلمة) والدها ( ثويبة فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن) وتعرضن كيضربن بسكون الموحدة ويجوز تشديد النون للتوكيد فتكسر الضاد حينئذ لالتقاء الساكنين وأصله تعرضنن بثلاث نونات: الأولى نون النسوة والأخريان نون التوكيد المشددة فحذفت النون الأولى فالتقى ساكنان فكسر الأول.

وهذا الحديث سبق غير مرة.