فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من قال: لا نكاح إلا بولي

باب مَنْ قَالَ: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ، وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ.
.

     وَقَالَ : { وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} .

     وَقَالَ : { وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}
( باب من قال: لا نكاح إلا بولي لقول الله تعالى: { فلا تعضلوهن} ) [البقرة: 232] أي لا تحبسوهن.
وقال إمامنا الشافعي: إن هذه الآية أصرح دليل على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى، وعبارته في المعرفة للبيهقي إنما يؤمر بأن لا يعضل من له سبب إلى العضل بأن يكون يتم به له نكاحها من الأولياء.
قال: وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقًّا وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف انتهى.

وقال البخاري: ( فدخل فيه) في النهي عن العضل ( الثيب وكذلك البكر) لعموم لفظ النساء
( وقال) تعالى مخاطبًا للرجال: ( { ولا تنكحوا} ) أي أيها الأولياء مولياتكم ( { المشركين حتى يؤمنوا} ) [البقرة: 221] ( وقال) عز وجل: ( { وأنكحوا الأيامى} ) جمع أيم ( { منكم} ) ولم يخاطب النساء فلا تعقد امرأة نكاحًا لنفسها ولا لغيرها بولاية إذ لا يليق بمحاسن العادات دخولها فيه لما قصد منها من الحياء وعدم ذكره أصلًا، وفي حديث ابن ماجة المرفوع لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها.
وأخرجه الدارقطني بإسناد على شرط الشيخين، واستنبط المؤلّف الحكم من الآيات والأحاديث الآتية لكون الحديث الوارد بلفظ الترجمة ليس على شرطه، وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم من حديث أبي موسى، فلو وطئ في نكاح بلا ولي بأن زوّجت نفسها ولم يحكم حاكم بصحته ولا ببطلانه لزمه مهر المثل دون المسمى لفساد النكاح، ولحديث الترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثًا فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها الحديث ويسقط عنه الحدّ لشبهة اختلاف العلماء في صحته نعم يعزر معتقد تحريمه لارتكابه محرّمًا ولا حدّ فيه ولا كفّارة، وقال أبو حنيفة: لو زوجت نفسها وهي حرة عاقلة بالغة أو وكّلت غيرها أو توكّلت به جاز بلا ولي وكان أبو يوسف أوّلًا يقول: لا ينعقد إلا بولي إذا كان لها ولي ثم رجع وقال: إن كان الزوج كفؤًا لها جاز وإلا فلا.

ثم رجع وقال: جاز سواء كان الزوج كفؤًا لها أو لم يكن.
وعند محمد ينعقد موقوفًا على إجازة الولي سواء كان الزوج كفوءًا لها أو لم يكن، ويروى رجوعه إلى قولهما.
واستدلّ لذلك بقوله تعالى: { فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن} [البقرة: 234] وقوله: { فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} [البقرة: 132] وفوله: { حتى تنكح زوجًا غيره} [البقرة: 230] فهذه الآيات تصرّح بأن النكاح ينعقد بعبارة النساء لأن النكاح المذكور منسوب إلى المرأة من قوله: أن ينكحن، وحتى تنكح.
وهذا صريح بأن النكاح صادر منها، وكذا قوله: فيما فعلن، وأن يتراجعا صرّح بأنها هي التي تفعل وهي التي ترجع، ومن قال لا ينعقد بعبارة النساء فقد رد النص، وقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الأيم أحق بنفسها من وليها" متفق على صحته، واستدلالهم بالنهي عن العضل لا يستقيم لأنه نهي عن المنع عن مباشرتها العقد، فليس له أن يمنعها المباشرة بعد ما نهي عنه، وقد قال البخاري: لم يصح في باب النكاح حديث دل على اشتراط الولي في جوازه ولئن سلم يكون محمولًا على الأمة والصغيرة انتهى.


[ قــ :4851 ... غــ : 5127 ]
- قَالَ: يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا.
وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ
ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالي بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ وَدُعِيَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ.
فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) بن يحيى بن سعيد بن مسلم بن عبيد بن مسلم شيخ المؤلّف قال: ( حدّثنا ابن وهب) عبد الله ( عن يونس) بن يزيد الأيلي فيما أخرجه الدارقطني من طريق أصبغ وأبو نعيم في مستخرجه من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب والإسماعيلي والجوزقي من طريق عثمان بن صالح عن ابن وهب.

قال المؤلّف: ( حدّثنا) ولأبي ذر وحدّثنا ( أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري قال: ( حدّثنا عنبسة) بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الموحدة والسين المهملة ابن خالد ابن أخي يونس واللفظ المسوق له قال: ( حدّثنا يونس) الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرته أن النكاح في) زمن ( الجاهلية كان على أربعة أنحاء) بالحاء المهملة أي أنواع ( فنكاح منها) وهو الأول ( نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته) كابنة أخيه ( أو ابنته) للتنويع لا للشك وثبت وليته لأبي ذر عن الكشميهني ( فيصدقها) بضم الياء وسكون الصاد أي يعين صداقها ويسمى مقداره ( ثم ينكحها) أي يعقد عليها.

( ونكاح آخر) وهو الثاني ( كان الرجل يقول: لامرأته إذا طهرت) بفتح الطاء المهملة وضم الهاء ( من طمثها) بفتح الطاء المهملة وسكون الميم بعدها مثلثة أي حيضها ليسرع علوقها ( أرسلي إلى فلان) رجل من أشرافهم ( فاستبضعي) أي اطلبي ( منه) المباضعة وهي الجماع لتحملي منه ( ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها) جامعها ( زوجها إذا أحب وإنما يفعل) الزوج ( ذلك) الاستبضاع ( رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع) .

( ونكاح آخر) وهو الثالث ( يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها) يطؤها ( فإذا حملت ووضعت ومرّ ليالي) ولغير أبي ذر ومرّ عليها ليالي ( بعد أن تضع حملها أرسلت
إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم)
بلفظ الجمع ولأبي ذر عن الكشميهني عرفت تخاطب الواحد ( الذي كان من أمركم وقد ولدت) بتاء المتكلمة ( فهو ابنك يا فلان تسمي مَن أحبّت باسمه فيلحق به) بفتح الياء والحاء أي بالرجل الذي تسميه ( ولدها) رفع بيلحق ( لا يستطيع أن يمتنع به) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني منه ( الرجل) الذي تسميه.

( ونكاح الرابع) بالإضافة أي ونكاح النوع الرابع وهو من إضافة الشيء لنفسه على رأي الكوفيين ( يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة) يطؤونها ( لا تمتنع ممن) ولأبي ذر لا تمنع من ( جاءها) من وطئها ( وهن البغايا) جمع بغي وهي الزانية ( كن ينصبن) بكسر الصاد ( على أبوابهن رايات تكون علمًا) بفتح اللام علامة ( فمن) ولأبي ذر عن الكشميهني لمن ( أرادهن دخل عليهن) فيطؤهن ( فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا) بضم الجيم وكسر الميم ( لها) أي جمعوا لها الناس ( ودعوا لها القافة) بالقاف وتخفيف الفاء الذين يلحقون الولد بالوالد بالآثار الخفية ( ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط) بفوقية بعدها ألف فطاء مهملة أي التصق ( به) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: فالتاطته ألحقته به ( ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالحق هدم نكاح) أهل ( الجاهلية كله) ما ذكرته وغيره ( إلا نكاح الناس اليوم) وهو أن يخطب إلى الولي ويزوّجه كما سبق.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في النكاح.




[ قــ :485 ... غــ : 518 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ: هَذَا فِي الْيَتِيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِي مَالِهِ، وَهْوَ أَوْلَى بِهَا فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلاَ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِي مَالِهَا.

وبه قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن موسى المشهور بخت أو ابن جعفر البخاري البيكندي قال: (حدّثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) -رضي الله عنها- في تفسير قوله تعالى: { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} ) [النساء: 17] (قالت: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل) وفي تفسير النساء هو وليها ووارثها (لعلها أن تكون شريكته في ماله وهو أولى بها فيرغب) عن (أن) ولأبي ذر عنها أن (ينكحها) بفتح الياء أي يتزوج بها (فيعضلها) بضم الضاد المعجمة أي بمنعها أن تتزوج غيره (لمالها ولا ينكحها غيره) بضم الياء (كراهية) نصب على التعليل مضاف إلى المصدر وهو قوله: (أن يشركه أحد) ممن يتزوجها (في مالها) زاد في سورة النساء: فنزلت هذه الآية.




[ قــ :4853 ... غــ : 519 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي
سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ.
فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا.
قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( سالم أن) أباه ( ابن عمر أخبره أن) أباه ( عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( حين تأيمت حفصة بنت عمر من ابن حذافة) خنيس ( السهمي وكان من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أهل بدر توفي بالمدينة) من جراح نالته في سبيل الله ( فقال عمر: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه) تزويج حفصة ( فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة فقال: سأنظر في أمري) أتفكّر فيه ( فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا.
قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت وإن شئت أنكحتك حفصة)
الحديث وتقدم بتمامه قريبًا، والمراد منه هنا قوله: إن شئت أنكحتك حفصة.




[ قــ :4854 ... غــ : 5130 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ.

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن أبي عمرو) حفص النيسابوري قاضيها ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( أبي) حفص بن عبد الله بن راشد ( قال: حدّثني) بالتوحيد أيضًا ( إبراهيم) بن طهمان ( عن يونس) بن عبيد البصري ( عن الحسن) البصري أنه ( قال) في تفسير قوله تعالى: ( { فلا تعضلوهن} ) [البقرة: 13] ( قال: حدّثني) بالإفراد ( معقل بن يسار) بالسين المهملة المخففة المزني ( أنها نزلت فيه قال: زوجت أختًا لي) اسمها جميل بضم الجيم وفتح الميم بنت يسار بن عبد الله المزني وقيل اسمها ليلى قاله المنذري تبعًا للسهيلي في مبهمات القرآن.
وعند ابن إسحاق فاطمة فيكون لها اسمان ولقب أو لقبان واسم ( من رجل) اسمه أبو البدّاح بفتح الموحدة والدال المهملة المشددة وبعد الألف حاء مهملة ابن عاصم بن عديّ القضاعي حليف الأنصار كما في أحكام القرآن لإسماعيل القاضي، واستشكله الذهبي بأن أبا البدّاح تابعي على الصواب، قال في الفتح: فيحتمل أن يكون آخر، فقد جزم بعض المتأخرين بأنه البدّاح بن عاصم ( فطلقها حتى إذا انقضت عدتها) منه ( جاء يخطبها) من أخيها ( فقلت له زوجتكـ) ـها ( وفرشتك) لأبي ذر وأفرشتك أي
جعلتها لك فراشًا ( وأكرمتك) بذلك ( فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليك أبدًا.
وكان رجلًا لا بأس به)
أي جيدًا ( وكانت المرأة) جميل ( تريد أن ترجع إليه فأنزل الله) تعالى: ( هذه الآية: { فلا تعضلوهن} ) الآية.
وهو ظاهر أن العضل يتعلق بالأولياء ( فقلت: الآن أفعل يا رسول الله قال: فزوّجها إياه) بعقد جديد.
وفي رواية الثعلبي فإني أؤمن بالله فأنكحتها إياه وكفّر عن يمينه.

وهذا الحديث من أقوى الأدلة وأصرحها على اعتبار الولي وإلاّ لما كان لعضله معنى ولأنها لو كان لها أن تزوّج نفسها لم تحتج إلى أخيها، ومن كان أمره إليه لا يقال إن غيره منعه منه قال ابن المنذر لا أعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك.