فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب

باب الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ
( باب) ذم ( المتشبع بما لم ينل) يتكثر بذلك ويتزين بالباطل ( وما ينهى) بضم الياء وفتح الهاء ( من افتخار الضرة) بادعائها الحظوة عند زوجها أكثر مما لها عنده تريد بذلك غيظها.


[ قــ :4941 ... غــ : 5219 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ح.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم ( عن هشام) هو ابن عروة ( عن فاطمة) بنت المنذر بن الزبير ( عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال المؤلّف:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ».

( وحدّثني) بالإفراد ( محمد بن المثنى) العنزي الحافظ وسقط واو وحدّثني لغير أبي ذر قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن هشام) هو ابن عروة بن الزبير قال: ( حدّثتني) بالتاء والإفراد ( فاطمة) بنت المنذر ( عن أسماء) بنت أبي بكر ( أن امرأة) في أسماء نفسها ( وقالت: يا رسول الله إن لي ضرة) هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ( فهل عليّ جناح) إثم ( إن تشبعت من زوجي) الزبير بن العوّام كذا سمى المرأة وضرتها في المقدمة لكنه قال في الفتح: لم أقف على تعيين هذه المرأة ولا على تعيين زوجها ( غير الذي يعطيني) ولمسلم من حديث عائشة أن امرأة قالت: يا رسول الله أقول وإن زوجي أعطاني ما لم يعطني ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : وسقط قوله فقال رسول الله: إلى آخره لأبي ذر.

( المتشبع) المتكثر ( بما لم يعط) يتجمل بذلك كالذي يرى أنه ثمبعان وليس كذلك ( كلابس ثوبي زور) .
قال السفاقسي: هو أن يلبس ثوبي وديعة أو عارية يظن الناس أنهما له ولباسهما لا يدوم فيفتضح بكذبه وأراد بذلك تنفير المرأة عما ذكرت خوفًا من الفساد بين زوجها وضرتها فتورث بينهما البغضاء، وقال الخطابي: هذا يتأول على وجهين: أحدهما أن الثوب مثل المتشبع بما
لم يعط كصاحب زور وكذب كما يقال: للرجل إذا وصف بالبراءة عن العيوب أنه طاهر الثوب والمراد طهارة نفسه، والثاني: أن يراد به نفس الثوب قالوا: كان في الحي رجل له هيئة حسنة إذا احتاجوا إلى شهادة الزور شهد لهم فيقبل لهيئته وحسن ثوبيه، وقيل: هو أن يلبس قميصًا يصل بكمه كما آخر يرى أنه لابس قميصين أو هو المرائي يلبس ثياب الزهاد ليظن أنه زاهد وليس به، وفي الفائق للزمخشري المتشبع المتشبه بالشبعان وليس به واستعير للمتحلي بفضيلة لم يرزقها وشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور، وهو الذي يزوّر على الناس بأن يتزيا بزي أهل الصلاح رياء وأضاف الثوبين إليه لأنهما كانا ملبوسين لأجله وهو المسوغ للإضافة وأراد بالتشبيه أن المتحلي بما ليس فيه كمن لبس ثوبي الزور ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر، وقال الكرماني: معناه المظهر للشبع وهو جائع كالمزور الكاذب المتلبس بالباطل وشبه الشبع بلبس الثوب بجامع أنهما يغشيان الشخص تشبيهًا حقيقيًّا أو تخييليًّا كذا قرّره السكاكي في قوله تعالى: { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} [النحل: 112] .

فإن قلت: ما فائدة التثنية؟ قلت: المبالغة إشعارًا بالاتزار والارتداء يعني هو زور من رأسه إلى قدمه أو الإعلام بأن في المتشبع حالتين مكروهتين فقدان ما تشبع به وإظهار الباطل.