فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة

باب لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم) له بنسب أو رضاع أو مصاهرة فيحل لقوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن} [النور: 31] الآية ولأن المحرمية معنى يمنع المناكحة أبدًا فكانا كالرجلين والمرأتين ولا فرق في المحرم بين الكافر وغيره إلا إن كان الكافر من قوم يعتقدون حلّ المحارم كالمجوس امتنع خلوته ( و) كذا لا يجوز ( الدخول على) المرأة ( المغيبة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وبعد التحتية الساكنة موحدة التي غاب عنها زوجها لسفر أو غيره ويجوز في الدخول الخفض عطفًا على بامرأة.


[ قــ :4954 ... غــ : 5232 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني قال: ( حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام ( عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري ( عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني المصري ( عن عقبة بن عامر) الجهني -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إياكم والدخول) بالنصب على التحذير، وقال البرماوي في شرح العمدة: الدخول منصوب عطفًا على إيا المغرى بها والعامل في إيا محذوف أي باعدوا أنفسكم ثم حذف المضاف فقيل إياكم وعطف عليه الدخول، وفي رواية ابن وهب عند أبي نعيم: لا تدخلوا ( على النساء) ومنع الدخول مستلزم لمنع الخلوة وعند الترمذي لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ( فقال رجل من الأنصار) : قال ابن حجر: لم أقف على اسمه ( يا رسول الله أفرأيت الحمو) أي أخبرني عن حكم دخول الحمو على المرأة ( قال) عليه الصلاة والسلام مجيبًا له: ( الحمو الموت) أي لقاؤه مثل لقاء الموت إذ الخلوة به تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية أو النفس إن وجب الرجم أو هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة على المرأة على طلاقها.
والحمو قال النووي: المراد به هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه لأنهم محارم للزوجة ويجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ ونحوهما ممن يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وقد جرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي فالشر به أكثر من الأجنبي، والفتنة به أمكن من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي انتهى.

والحمو بفتح الحاء المهملة وسكون الميم بعدها واو فيهما ولأبي ذر الحم بضم الميم وإسقاط الواو فيهما بوزن أخ.
وقال القرطبي: إن الذي في الحديث الحمؤ بالهمزة.
وقال الخطابي: وزنه
وزن دلو بغير همز وهو الذي اقتصر عليه ابن الأثير وأبو عبيد قال الحافظ أبو الفضلَ بن حجر: والذي ثبت لنا في رواية البخاري حمو كدلو.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الاستئذان والترمذي في النكاح والنسائي في عِشرة النساء.




[ قــ :4955 ... غــ : 533 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو) هو ابن دينار ( عن أبي معبد) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة مولى ابن عباس ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا يخلون رجل بامرأة) فإن الشيطان ثالثهما ( إلا مع ذي محرم) لها فيجوز لانتفاء المحذور وحينئذٍ ( فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجّة واكتتبت في غزوة كذا وكذا) أي كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزاة ولم أقف على تعيين هذه الغزوة ولا على اسم الرجل ولا زوجته ( قال) عليه الصلاة والسلام ( ارجع فحج مع امرأتك) وظاهره الوجوب وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه الخروج وفيه كما قال النووي: تقديم الأهم من الأمور المتعارضة فإنه لما عرض له الغزو والحج رجح الحج لأن امرأته لا يقوم غيره مقامه في السفر معها بخلاف الغزو.

ومطابقة الترجمة لما ساقه من الحديثين صريحة في أحد الأمرين المترجم لهما، وأما الثاني فبطريق الاستنباط.
وفي حديث جابر المروي عند الترمذي مرفوعًا: "لا تدخلوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".
وفي حديث ابن عمر مرفوعًا "لا يدخل رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان" رواه مسلم.
والحديث الثاني من حديثي الباب سبق في حج النساء من كتاب الحج مطوّلًا.