فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طلب الولد

باب طَلَبِ الْوَلَدِ
( باب طلب) الرجل ( الولد) بالاستكثار من الجماع لقصد ذلك لا الاقتصار على اللذة.


[ قــ :4967 ... غــ : 5245 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا يُعْجِلُكَ»؟.

قُلْتُ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ قَالَ: «فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا»؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا قَالَ: «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ».
قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا.
أَيْ عِشَاءً.
لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ».
وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ قَالَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَيْسَ الْكَيْسَ يَا جَابِرُ يَعْنِي الْوَلَدَ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( عن هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير الواسطي البلخي الأصل ( عن سيار) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية وبعد الألف راء ابن وردان أبي الحكم العنزي الواسطي ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن جابر) رضي الله عنه أنه ( قال: كنت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة) هي غزوة تبوك ( فلما قفلنا) رجعنا ( تعجلت على بعير) لي ( قطوف) أي بطيء ( فلحقني راكب من خلفي) زاد في الباب اللاحق فنخس بعيري بعنزة كانت معه فسار بعيري كأحسن ما أنت راءٍ من الإبل ( فالتفت فإذا أنا برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لي:
( ما يعجلك) ؟ أي ما سبب إسراعك ( قلت: إني حديث عهد بعرس) أي قريب بناء بامرأة ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فبكرًا تزوجت) بنصب فبكرًا بتزوجت ( أم) تزوجت ( ثيبًا؟ قلت: بل) تزوّجت ( ثيبًا) وفي بعض الأصول، قلت: لا بل ثيبًا بزيادة لا وعليه شرح في المصابيح ثم قال: فإن قلت: قول جابر لا بل ثيبًا ما وجهه ولم يتقدم له شيء يضرب عنه؟ وأجاب بأن معناه لِمَ لا تزوجت بكرًا وأضرب عنه وزاد لا توكيدًا لتقرير ما قبلها من النفي فقال لا بل ثيبًا انتهى.

( قال) عليه الصلاة والسلام ( فهلا) تزوجت ( جارية) بكرًا ( تلاعبها وتلاعبك.
قال)
جابر: ( فلما قدمنا ذهبنا لندخل) المدينة ( فقال) عليه الصلاة والسلام ( أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا أي عشاءً)
وهذا محمول على بلوغ خبرهم بالوصول فاستعدوا ليجمع بينه وبين النهي عن الطرق ليلًا.
( لكي تمتشط الشعثة) بالمثلثة المنتشرة الشعر المغبرة الرأس ( وتستحدّ المغيبة) بضم الميم وكسر المعجمة أي تستعمل الحديدة وهي الموسى في إزالة الشعر المشروع إزالته من غاب عنها زوجها.

( قال) أي هشيم كما قاله الإسماعيلي ( وحدّثني) بالإفراد ( الثقة) قال الكرماني: لم يصرح باسمه لأنه لعله نسيه وليس الجهل باسمه قادحًا لتصريحه بكونه ثقة ( أنه قال في هذا الحديث.
الكيس الكيس)
بالتكرار مرتين والنصب على الإغراء أي فعليك بالجماع أو التحذير أي إياك والعجز عن الجماع ( يا جابر) قال البخاري: ( يعني) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله الكيس ( الولد) فالمراد الحث على ابتغاء الولد يقال: أكيس الرجل إذا ولد له أولاد أكياس.
وقال ابن الأعرابي: الكيس العقل كأنه جعل طلب الولد عقلًا، وفي رواية محمد بن إسحاق عند ابن خزيمة في صحيحه: فإذا قدمت فاعمل عملًا كيسًا وفيه قال جابر: فدخلنا حين أمسينا فقلت للمرأة: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرني أن أعمل عملًا كيسًا.
قالت: سمعًا وطاعة فدونك، قال: فبت معها حتى أصبحت.




[ قــ :4968 ... غــ : 546 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا دَخَلْتَ لَيْلًا فَلاَ تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ».
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَعَلَيْكَ بِالْكَيْسِ الْكَيْسِ».
تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْكَيْسِ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن الوليد) بن عبد الحميد الملقب بحمدان قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سيار) أبي الحكم العنزي ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) له لما قفل من تبوك:
( إذا دخلت) المدينة ( ليلًا فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة) التي غاب عنها زوجها ( وتمتشط الشعثة) .

واستنبط منه كراهة مباشرة المرأة في الحالة التي تكون فيها غير متنظفة لئلا يطلع منها على ما يكون سببًا لنفرته منها.

( قال) جابر: ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فعليك بالكيس الكيس) أي اطلب الولد.
وفي كتاب معاشرة الأهلين لأبي عمرو النوقاني عن محارب رفعه فقال: اطلبوا الولد والتمسوه فإنهم ثمرات القلوب وقرّة الأعين وإياكم والعاقر.
قال في الفتح: وهو مرسل قوي الإسناد.
( تابعه) أي تابع الشعبي ( عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر العمري فيما سبق موصولًا في أوائل البيوع.
( عن وهب) هو ابن كيسان ( عن جابر) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكيس) قال الحافظ ابن حجر: والمتابع في الحقيقة هو وهب لكنه نسب ذلك إلى عبيد الله لتفرده بذلك عن وهب.