فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق

باب مَنْ طَلَّقَ وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاَقِ؟
( باب من طلّق) امرأته جاز له ذلك لأن الله تعالى شرع الطلاق كما شرع النكاح، وقال تعالى: { الطلاق مرتان} [البقرة: 229] و { يا أيها النبي إذا طلّقتم النساء} [الطلاق: 1] وأما حديث "ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق" المروي في سنن أبي داود بإسناد صحيح وصححه الحاكم، وفي لفظ "إن أبغض المباحات عند الله الطلاق" فمحمول على ما إذا وقع عن غير سبب مع كونه أعلّ بالإرسال بل قال الشيخ كمال الدين بن الهمام: إنه نص على إباحته وكونه مبغوضًا وهو لا يستلزم ترتب لازمه المكروه الشرعي إلا لو كان مكروهًا بالمعنى الاصطلاحي ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلا لو لم يصفه بالإباحة لكنه وصفه بها لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى، ولم يرتب عليه ما رتب على المكروه ودليل نفي الكراهة قوله تعالى: { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن} [البقرة: 236] وطلاقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حفصة ( وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق) ؟ الأولى ترك ذلك إلا إن احتيج إليه.


[ قــ :4975 ... غــ : 5254 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ( قال: سألت الزهري) محمد بن مسلم ( أي أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استعاذت منه؟ قال) مجيبًا عن ذلك ( أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن ابنة الجون) بفتح الجيم وبعد الواو الساكنة نون أميمة بنت النعمان بن شراحيل على الصحيح وقيل أسماء ( لما أدخلت) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة ( على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودنا) أي قرب ( منها) بعد أن تزوجها ( قالت) لما كتبه الله عليها من الشقاء ( أعوذ بالله منك فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لها) :
( لقد عذت بعظيم) وهو الله تعالى ( الحقي بأهلك) بفتح الحاء وكسر الهمزة وقيل بالعكس كناية عن الطلاق يشترط فيها النية بالإجماع، والمعنى الحقي بأهلك لأني طلّقتك سواء كان لها أهل أم لا؟
وهذا الحديث أخرجه النسائي في النكاح وابن ماجة.

( قال أبو عبد الله) أي المؤلّف وسقط قال أبو عبد الله لأبي ذر: ( رواه) أي الحديث المذكور ( حجاج بن أبي منيع) بفتح الميم وكسر النون وبعد التحتية الساكنة عين مهملة ونسبه لجدّه واسم أبيه يوسف الوصافي بفتح الواو والصاد المهملة المشدّدة فيما وصله يعقوب بن سفيان في تاريخه ( عن جده) أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( أن عروة) بن الزبير ( أخبره أن عائشة) -رضي الله عنها- ( قالت) فذكره ووصله الذهلي في الزهريات، ورواه ابن أبي ذئب أيضًا بنحوه وزاد في آخره قال الزهري: جعلها تطليقة أخرجه البيهقي.




[ قــ :4976 ... غــ : 555 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اجْلِسُوا هَا هُنَا»، وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ.
فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «هَبِي نَفْسَكِ لِي»، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ: «قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ»، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا».
[الحديث 555 - طرفه في: 557] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن غسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري وحنظلة هو غسيل الملائكة لما استشهد
بأُحُد وهو جُنُب ( عن حمزة بن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح السين المهملة ( عن) أبيه ( أبي أسيد) مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المسجد أو من منزله ( حتى انطلقنا إلى حائط) بستان عليه جدار ( يقال له الشوط) بفتح الشين المعجمة وبعد الواو الساكنة طاء مهملة ( حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا) ولأبي ذر جلسنا ( بينهما) بإسقاط الفاء ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اجلسوا ها هنا، ودخل) إلى الحائط ( وقد أُتي بالجونية) بضم الهمزة وفتح الجيم فيهما نسبة لقبيلة من الأزد فيما قاله ابن الأثير، وقال الرشاطيّ: الجون في كندة والأزد فالذي في كندة الجون هو معاوية بن حجر آكل المرار ثم قال: ومنهم أسماء بنت النعمان بن الأسود بن الحارث ابن شراحيل بن كندة تزوّج بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتعوّذت منه فطلّقها.
وقال ابن حبيب: الجونية امرأة من كندة وليست بأسماء والذي في الأزد الجون بن عوف بن مالك.
وقال الكرماني: وقيل اسم الجونية أمامة ( فأنزلت) بضم الهمزة ( في بيت في نخل) بالتنوين فيهما وسقط لفظ في لأبي ذر ( في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل) بإضافة بيت لأميمة كذا في الفرع وأصله وغيرهما مما رأيته في الأصول.
وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني كالكرماني بالتنوين في الكل: وأميمة بالرفع إما بدلًا من الجونية وإما عطف بيان، وزاد في الفتح فقال: وظن بعض الشراح أنه بالإضافة فقال: في الكلام على الرواية التي بعدها تزوّج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أميمة بنت شراحيل لعل التي نزلت في بيتها بنت أخيها وهو مردود فإن مخرج الطريقين واحد، وإنما جاء الوهم من إعادة لفظ في بيت.
وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه فقال في بيت في النخل في بيت أميمة إلى آخره انتهى.
فليتأمل.

وعند ابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: ألا أزوّجك أجمل أيم في العرب فتزوّجها وبعث معه أبا أسيد الساعدي قال أبو أسيد: فأنزلتها في بني ساعدة فدخل عليها نساء الحي فرحين بها وخرجن فذكرن من جمالها.

( ومعها دايتها حاضنة لها) بالرفع ولأبي ذر بالنصب.
قال في الفتح كالكواكب: الداية الظئر المرضع وهي معربة، وقال العيني: ليس كما قالا وإنما الداية المرأة التي تولِّد الأولاد وهي القابلة وهو لفظ معرّب ولم يعرف اسمها الحافظ ابن حجر ( فلما دخل عليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لها: ( هبي نفسك لي) أمر للمؤنث وأصله أوهبي حذفت الواو تبعًا لمضارعه واستغني عن الهمزة فصار هبي بوزن علي، قال لها ذلك تطييبًا لقلبها واستمالة لها، وإلا فقد كان له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يزوّج من نفسه بغير إذن المرأة وبغير إذن وليّها وكان مجرد إرساله إليها وإحضارها ورغبته فيها كافيًا في ذلك ( قالت) لسوء حظها وشقائها وعدم معرفتها بجلالة قدره الرفيع ( وهل تهب الملكة) بكسر اللام ( نفسها للسوقة) ؟ بضم السين المهملة لواحد من الرعية.
وقال في القاموس: السوقة الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ولأبي ذر: لسوقة ( قال: فأهوى بيده) الشريفة أي أمالها ( يضع يده عليها لتسكن
فقالت: أعوذ بالله منك.
فقال)
ولأبي ذر قال: ( قد عذت بمعاذ) بفتح الميم أي بالذي يستعاذ به قال أبو أسيد ( ثم خرج علينا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال: يا أبا أسيد اكسها) بضم السين ثوبين ( رازقيين) براء ثم زاي فقاف مكسورتين بالتثنية صفة موصوف محذوف للعلم به، والرازقية ثياب من كتاب بيض طوال.
قال السفاقسي: أي متعها بذلك إما وجوبًا وإما تفضلًا.
وسيأتي إن شاء الله تعالى بعون الله حكم المتعة.
( وألحقها بأهلها) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الحاء وسكون القاف أي ردّها إليهم لأنه هو الذي كان أحضرها.
وعند ابن سعد قال أبو أسيد: فأمرني فرددتها إلى قومها، وفي أخرى له فلما وصلت بها تصايحوا وقالوا: إنك لغير مباركة فما دهاك؟ قالت: خدعت.
قال: وحدّثني هشام بن محمد بن أبي خيثمة زهير بن معاوية: أنها ماتت كمدًا.




[ قــ :4976 ... غــ : 556 - 557 ]
- وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي أُسَيْدٍ قَالاَ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ.
[الحديث 556 - طرفه في: 5637] .

( وقال الحسين) بضم الحاء ( ابن الوليد النيسابوري) الفقيه لم يدركه البخاري ( عن عبد الرحمن) بن غسيل ( عن عباس بن سهل عن أبيه) سهل بن سعد ( وأبي أسيد) كلاهما ( قالا: تزوّج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أميمة بنت شراحبل) نسبها لجدّها واسم أبيها النعمان كما مرّ ( فلما أدخلت عليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك) لما أراد الله تعالى بها من المكروه ( فأمر) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين) .

وهذا التعليق وصله أبو نعيم في مستخرجه من طريق أبي أحمد الفرّاء عن الحسين، ومراد المؤلّف منه أن الحسين بن الوليد شارك أبا نعيم الفضل بن دكين في روايته لهذا الحديث عن عبد الرحمن بن الغسيل، لكن اختلفا في شيخ عبد الرحمن فقال أبو نعيم: حمزة.
وقال الحسين: عباس ابن سهل.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن أبي الوزير) عمر بن مطرف الحجازي أدركه المؤلّف ولم يلقه وليس له في البخاري إلا هذا الحديث قال: ( حدّثنا عبد الرحمن) بن غسيل ( عن حمزة) بالحاء المهملة ( عن أبيه) أبي أسيد ( وعن) بالواو أي حمزة يروي عن أبيه وعن ( عباس بن سهل بن سعد عن أبيه) سهل بن سعد ( بهذا) الحديث المذكور.




[ قــ :4977 ... غــ : 558 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي غَلاَّبٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:.

قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ.
فَقَالَ: تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا.
قُلْتُ: فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلاَقًا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ".

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم قال: ( حدّثنا همام بن يحيى) بن دينار البصري ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أبي غلاب) بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام آخره موحدة ( يونس بن جبير) الباهلي البصري أنه ( قال: قلت لابن عمر رجل طلق امرأته وهي حائض فقال) له ( تعرف ابن عمر) قال له ذلك لتقريره على اتباع السُّنة والقبول من ناقلها وأنه يلزم العامّة الاقتداء بمشاهير العلماء لا أنه ظن أنه لا يعرفه كذا قاله الحافظ ابن حجر وتبعه العيني ( أن ابن عمر طلّق امرأته) آمنة بنت غفار ( وهي حائض فأتى عمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر ذلك) الطلاق الصادر في الحيض ( له فأمره) أي أمر ابن عمر ( أن يراجعها) من التطلقة التي طلقها لها ( فإذا طهرت) بضم الهاء ( فأراد أن يطلقها فليطلقها) في ذلك الطهر قال يونس بن جبيرة ( قلت) لابن عمر ( فهل عدّ ذلك) عليه الصلاة والسلام ( طلاقًا؟ قال: أرأيت) أي أخبرني ( إن عجز واستحمق) قال المهلب: يعني إن عجز من المراجعة التي أمر بها عن إيقاع الطلاق أو فقد عقله فلم تمكن منه الرجعة أتبقى المرأة معلقة؟ لا هي ذات بعل ولا مطلقة، وقد نهى الله عن ذلك فلا بدّ أن يحتسب بتلك التطليقة التي أوقعها على غير وجهها كما أنه لو عجز عن فرض آخر فلم يقمه واستحمق فلم يأت به ما كان يعذر بذلك ويسقط عنه.