فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حكم المفقود في أهله وماله

باب حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً.
وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْهُ وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ.

     وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَنْ فُلاَنٍ فإن أبى فلان فَلي وَعَلَيَّ،.

     وَقَالَ : هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.
.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لاَ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلاَ يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ.

( باب حكم المفقود في أهله وماله.
وقال ابن المسيب) : سعيد مما وصله عبد الرزاق ( إذا فقد) الرجل ( في الصف عند القتال) في سبيل الله ( تربص) بفتح الفوقية وضم الصاد المهملة أصله
تتربص فحذفت إحدى التاءين يعني تنتظر ( امرأته سنة) إلى هذا ذهب مالك لكنه فرق بين ما إذا وقع القتال بدار الحرب أو دار الإسلام.

( واشترى ابن مسعود) عبد الله فيما وصله سفيان بن عيينة في جامعه وسعيد بن منصور ( جارية) بسبعمائة درهم ( والتمس) بالواو أي طلب ولأبي ذر وابن عساكر فالتمس ( صاحبها سنة) ليدفع له ثمنها إذ غاب عنه ( فلم يجده) وللكشميهني فلم يوجد ( وفقد) بضم الفاء وكسر القاف فخرج بها إلى المساكن ( فأخذ يعطي) هم من ثمنها ( الدرهم والدرهمين وقال: اللهم) تقبله ( عن فلان) صاحبها ( فإن أبى) بالموحدة امتنع كذا للكشميهني ولغيره فإن أتى بالفوقية بدل الموحدة أي فإن جاء ( فلان فلي) الثواب ( وعلي) أن أقضيه ثمنها ( وقال) أي ابن مسعود: ( هكذا فافعلوا) ولأبي ذر افعلوا إسقاط الفاء ( باللقطة) بعد تعريفها.

( وقال ابن عباس) فيما وصله سعيد بن منصور ( نحوه) أي نحو قول ابن مسعود وهذا المذكور من قوله واشترى إلى آخره ثابت في رواية المستملي والكشميهني.

( وقال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب مما وصله ابن أبي شيبة ( في الأسير) في أرض العدو ( يعلم مكانه لا تتزوج) بتاءين ولابن عساكر تزوج ( امرأته ولا يقسم ماله فإذا انقطع خبره فسنّته سنة الفقود) فحكمه حكم المفقود، ومذهب الزهري في امرأة المفقود التربص أربع سنين، ومذهب الشافعية إن قامت بيّنة بموته أو حكم قاض به بمضي مدة من ولادته لا يعيش فوقها ظنًّا قسمت تركته حينئذٍ ثم تعتدّ زوجته.


[ قــ :5006 ... غــ : 5292 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ: «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ».
وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ.

     وَقَالَ : «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا».
وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ.
فَقَالَ: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا وَعَرِّفْهَا سَنَةً.
فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلاَّ فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ».
قَالَ سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِي أَمْرِ الضَّالَّةِ هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ يَحْيَى: وَيَقُولُ رَبِيعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن يزيد) من الزيادة ( مولى المنبعث) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر العين المهملة بعدها مثلثة التابعي ( أن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل) بضم السين وكسر الهمزة ( عن ضالة الغنم فقال) ولابن عساكر قال:
( خذها فإنما هي لك) إن أخذتها وعرفتها سنة ولم تجد صاحبها ( أو لأخيك) في الدين ملتقط آخر ( أو للذئب) إن تركتها ولم يأخذها غيرك لأنها لا تحمي نفسها ( وسئل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن ضالة الإبل) ما حكمها ( فغضب واحمرّت وجنتاه) من الغضب ( وقال: ما لك ولها) استفهام إنكاري ( معها الحذاء) بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة ممدودًا خف تقوى به على السير ( والسقاء) بكسر السين المهملة الجوف ( تشرب الماء) قدر ما يكفيها حتى ترد ماء آخر ( وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها) مالكها ( وسئل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن اللقطة) بفتح القاف على المشهور والفرق بينها وبين الضالة أن الضالة مختصة بالحيوان ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( اعرف وكاءها) بكسر الواو والمد الخيط المشدودة به ( وعفاصها) بكسر العين المهملة بعدها فاء فألف فصاد مهملة وعاءها الذي هي فيه ( وعرفها) إذا كانت كثيرة ( سنة) لا قليلة والتخصيص بذلك من باب استنباط معنى من النص العام يخصصه ( فإن جاء مَن يعرفها) بسكون العين عددًا وصفة ووعاء ووكاء فادفعها إليه ( وإلا فاخلطها) بهمزة وصل ( بمالك) وتصرف فيها على جهة الضمان.

( قال سفيان) بن عيينة ( فلقيت ربيعة بن أبي عبد الرحمن) المشهور بالرأي ( ولم أحفظ عنه شيئًا غير هذا فقلت) له: ( أرأيت حديث يزيد) أي أخبرني عن حديث يزيد ( مولى المنبعث في أمر الضالة هو عن زيد بن خالد) ؟ استفهام محذوف الأداة ( قال: نعم) عنه.
قال سفيان: ( قال يحيى) يعني ابن سعيد الذي حدَّثني به مرسلًا ( ويقول ربيعة) الرأي أنه حدّث به ( عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد.
قال سفيان: فلقيت ربيعة)
الرأي ( فقلت له) القول السابق أرأيت حديث يزيد إلى آخره.
والحاصل كما في الفتح أن يحيى بن سعيد حدّث به عن يزيد مولى المنبعث مرسلًا ثم ذكر لسفيان أن ربيعة يحدّث به عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد فيوصله فحمل ذلك سفيان على أن لقي ربيعة فسأله عن ذلك فأقر به.
قيل: ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الضالة كالمفقود فكما لم يزل ملك المالك فيها فكذلك يجب أن يكون النكاح باقيًا بينهما.

وقد سبق الحديث مرات في اللقطة.