فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233] وهل على المرأة منه شيء

باب { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} -إِلَى قَوْلِهِ- { صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { وعلى الوارث} ) عطف على قوله: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن} [البقرة: 233] وما بينهما مفسر للمعروف معترض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وعلى وارث الصبي عند عدم الأب ( { مثل ذلك} ) [البقرة: 233] أي مثل الذي كان على أبيه في حياته من الرزق والكسوة وأجر الرضاع إذا كان الولد لا مال له، واختلف في الوارث فعند ابن أبي ليلى كل من ورثه وهو قول أحمد وعند الحنفية من كان ذا رحم محرم منه وقال الجمهور: لا غرم على أحد من الورثة ولا يلزمه نفقة ولد الموروث، وقال زيد بن ثابت: إذا خلف أمًّا وعمًّا فعلى كل واحد منهما إرضاع الولد بقدر ما يرث وإليه أشار المؤلّف بقوله: ( وهل على المرأة) أي الأم ( منه) أي من إرضاع الصبي ( شيء) وهل هنا للنفي، وأشار به إلى الرد على قول زيد ثم أشار بقوله: ( { وضرب الله مثلًا رجلين أحدهما أبكم} ) إلى قوله: ( { صراط مستفيم} ) [النحل: 76] فنزل المرأة من الوراث منزلة الأبكم من المتكلم وجعلها كلاًّ على مَن يعولها.


[ قــ :5077 ... غــ : 5369 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ،
وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ.
قَالَ: «نَعَمْ، لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: ( أخبرنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( أبي سلمة) عبد الله بن عبد الأسد المخزومية ربيبة النبي في -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن أم سلمة) هند أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: ( قلت يا رسول الله هل لي من أجر في بني أبي سلمة) بفتح اللام زوجي ( أن أنفق) بضم الهمزة أي بأن وأن مصدرية أي بالإنفاق ( عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا) أي محتاجين ( إنما هم بني) بفتح الموحدة وكسر النون وتشديد التحتية أي أولادي منه قال الحافظ ابن حجر في المقدمة: هم عمر وسلمة وزينب ودرة وقيل فيهم محمد ( وقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( نعم لك أجر ما أنفقت) .

وهذا الحديث مضى في الزكاة قالوا: ومطابقة الترجمة للحديث من أخباره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لها أجرًا فدل على أن نفقتهم لا تجب عليها إذ لو وجبت عليها لبيّن لها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك.

وهذا الحديث سبق في الزكاة.




[ قــ :5078 ... غــ : 5370 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ هِنْدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ؟ قَالَ: «خُذِي بِالْمَعْرُوفِ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها قالت: ( قالت هند) بنت عتبة ( يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل عليه جناح أن آخذ من ماله) بغير علمه ( ما يكفيني وبنيَّ) في النفقة ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( خذي) من ماله ما يكفيك وولدك ( بالمعروف) بلا إسراف ولا تقتير.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أذن لها في أخذ نفقة بنيها من مال الأب فدل على أنها تجب عليه دونها، وغرض المؤلّف أنه لما لم يلزم الأمهات نفقة الأولاد في حياة الآباء فالحكم مستمرّ بعد الآباء ويقوّيه قوله تعالى: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن} [البقرة: 33] أي رزق الأمهات وكسوتهن من أجل الإرضاع للأبناء فكيف يجب لهن في أوّل الآية ويجب عليهن نفقة الأبناء في آخرها قاله في الفتح.